الدين والسياسة في استقطاب الطلبة

احتدام التنافس ظهر جليا في بداية الموسم الجامعي بكلية الطب فاس أضحى الطلبة الجدد بمختلف كليات جامعة محمد بن عبد الله بفاس، أرقاما وأسهما هامة في "بورصة المواقع"، تتنافس الفصائل الطلابية للفوز بها بشتى الطرق والوسائل بينها مساعدتهم على التسجيل باعتباره البوابة المفتوحة على أمل "التسيس" والاستقطاب الفصائلي، في خضم صراع مواقع محتدم لتوفير "عتاد" بشري كاف لهيمنة كلية أو جزئية على الحرم الجامعي، إن بسايس أو "القلعة الحمراء" ظهر المهراز، كما يسميها الطلبة. احتدام التنافس ظهر جليا في بداية الموسم الجامعي، الذي انطلق ساخنا بكلية الطب، التي قاطع طلبتها في السنوات من الثانية إلى الرابعة، الاثنين الماضي، الدروس احتجاجا على إلزامية الخدمة. ويظهر ذلك جليا لكل زائر قد تطأ قدماه أي كلية من كليات الجامعة بموقعيها، إذ تبدو طاولات مصطفة خلفها طالبات وطلبة من هذا الفصيل أو ذاك، وقد نشروا لافتات محفزة وكاشفة لرغبتهم في مساعدة كل طالب وافد، مغلفة بخلفيات سياسية غير مبطنة. موسم استثنائييبدو هذا الموسم استثنائيا، يبرره تهافت فصائل طلابية خاصة الإسلامية منها، على الساحة الجامعية أملا في استقطاب كفيل بإضعاف فصيل النهج الديمقراطي القاعدي أو "البرنامج المرحلي"، سيما بعد الهزات التي تلقاها إثر اعتقال ومحاكمة كوادره المشهورين، الذين يقضون عقوبات سالبة لحريتهم خاصة المدانين بـ111 سنة، على خلفية مقتل عبد الرحيم الحسناوي طالب منظمة التجديد الطلابي، أو ما زالوا في انتظار صدور أحكام في حقهم. لكن هذا الاعتقاد قد لا يجد لنفسه مبررا مقنعا أمام استمرار حياة هذا الفصيل الأكثر تغلغلا في هذه الجامعة، كما لو كان طائر فنيق ينبعث من رماد محاولة اجتثاثه، ليكون بذلك "جمرة"في حلق من يعتقد متوهما انقراضه، كما الفصائل اليسارية التابعة لأحزاب معينة، والمكونة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، رغم التقهقر الذي شهدته في سنوات خوال. وهذا ملحوظ من الوجود الفعلي والميداني، للفصيل المنافس بدوره على "أسهم"الطلبة الجدد. "طالب جديد دم جديد في شرايين أوطم".. شعار رفعه النهج الديمقراطي القاعدي، في حملته الميدانية بكل الكليات بسايس وظهر المهراز، لاستقبال الطلبة الجدد ومحاولة استقطابهم لتجنيدهم وتعزيز صفوفه، استعدادا لموسم جامعي قد يكون أكثر سخونة وحرارة، اعتبارا للجولة الثانية من محاكمة الطلبة المحكومين في ملف الحسناوي، وتعهده بالوقوف في وجه كل محاولة لاجتثاث الفعل النضالي بقلعة ظهر المهراز. بعض من تبقى من كوادر هذا الفصيل القاعدي، عقدوا العزم على "الوقوف ومواجهة أي استهداف للطلبة الجدد وحقل التعليم"كما دونوا في مدونتهم الإلكترونية، مؤكدين توافد "عدد كبير من أبناء وبنات العمال والفلاحين والكادحين، معلنين التحاقهم بجماهير الاتحاد الوطني لطلبة المغرب"، مقرين بفتح "دردشات"معهم "استكمالا لمهامهم النضالية اليومية من داخل الكليات وقوفا ضد أي ضرب لما تبقى من مجانية التعليم". هذا التقليد معهود في بداية كل موسم جامعي، لكن له طعم خاص في هذا الموسم، لاحتدام الصراع السياسي وحرب المواقع بين 3 فصائل طلابية، اثنان منها مصنفان إسلاميان، بما فيها فصيل طلبة العدل والإحسان، الذين رفعوا "الطالب الجديد قوة الحاضر وأمل المستقبل"شعارا لحملتهم الخاصة لاستقبال الطالب الجديد سيما في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، كما كليات أخرى مستهدفة بالاستقطاب الكفيل بتعزيز الصفوف.حميد الأبيض (فاس) طلبة العدالة افتتحت منظمة التجديد الطلابي، المقربة من حزب العدالة والتنمية والمراهنة على اكتساح الساحة الجامعية بفاس والتموقع أقوى من النهج، بدورها عملية استقبال الطالب الجديد إلى نهاية التسجيل في المركب الجامعي، مبادرة دأبت على تقديمها "أولوية من أولويات اشتغالها في الوسط الجامعي من باب التضامن والسير في قضاء حوائج الناس"، بداعي أنها "تجل واضح ومعبر عن المبادئ التي أنشئت على أساسها المنظمة". "أنصتوا للطلاب.. نريد جامعة المعرفة"و"نضال طلابي.. دفاعا عن المعرفة والإصلاح"و"خدمتكم... شرف لنا".. شعارات اختارتها المنظمة لعمليتها الرامية إلى تقديم شروحات بيداغوجية وإرشادات علمية وعامة وتنظيم وتأطير عملية التسجيل المجند فيها طلبة لخدمة زملائهم الجدد، دون أن تسلم من "تشويش"بظهر المهراز، بسبب ما أسمته "التدافع السياسي"، في إشارة إلى القاعديين أو من أسمتهم "العصابة الإجرامية". ومن جانبهم، ناشد القاعديون رفاقهم بالوجود الوازن إلى جانب الطلبة الجدد، للتواصل معهم، حول ما ينتظرهم من استهداف والوقوف ضد أي محاولة تهدف تنزيل بند من بنود التخريب الجامعي، متحدثين عن "مقاومة شرسة"تنتظرهم وتحتاج رص الصفوف دفاعا عن الإرث التاريخي للحركة الطلابية وصون تضحياتها ودفاعا عن المكتسبات التاريخية، حسب لغة بيان كتب بلغة نارية وكلمات غليظة. هذا التدافع السياسي بين الفصائل الطلابية، المغلف بمبادرات تسجيل الطلبة الجدد، يجب أن يكون سلميا بعيدا عن لغة الدم والغلبة للأقوى، على غرار ما حدث في عدة مناسبات تحولت فيها هذه الجامعة، إلى برك دم في مواجهات على شاكلة "حروب الجاهلية"، منطلقها تافه في غالب الأحيان، حيث لا مجال للاعتراف بالآخر واحترامه بعيدا عن التعصب للموقف، حقنا لدماء زكية بجامعة خصصت للعلم والمعرفة لا الاقتتال.ح . أ (فاس)

الدين والسياسة في استقطاب الطلبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تشاهدون اليوم

صلاحيات إتمام مكتب الهواة بين يدي لقجع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات