أهمية المشاركة في الانتخابات

التصويت ممارسة للمواطنة وارتفاع نسبة المشاركة سيحسن صورة المغرب في المحافل الدولية إبراهيم زياني* من المؤكد بأن الأنظار ستتجه إلى بلادنا في 4 شتنبر 2015 ليس فقط للتعرف على الهيأة التي ستتصدر الانتخابات الجماعية والجهوية، ولكن أيضا، وعلى الخصوص للتعرف على نسبة إقبال المغاربة ومشاركتهم في هذه الانتخابات. ولعل سبب هذا الاهتمام، يكمن ولا شك أولا في المكانة المتميزة التي يتمتع بها المغرب ضمن البلدان الديمقراطية الصاعدة في المنطقة المتوسطية المتاخمة لأوربا، وثانيا نظرا للظرفية السياسية الراهنة والمناخ السياسي العام الذي يخيم على المنطقة العربية في ظل استمرار تأثير الربيع العربي الذي مازالت انعكاساته تثير الاهتمام على المستوى الدولي. ولهذا، فمن المهم بالنسبة إلينا نحن المغاربة أن ندرك أن المشاركة المكثفة في الانتخابات الجماعية والجهوية القادمة رهان أساسي وحاسم يتطلب التعبئة الشاملة والوعي بأهمية الظرفية الدولية الحالية التي تعتبر فرصة سانحة أمام المغرب لدعم مكانته وتسويق نموذجه على نطاق واسع. وبعبارة أخرى، فإن هناك عوامل داخلية وأخرى خارجية تدعو جميعها إلى التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع يوم 4 شتنبر 2015.المشاركة حق وواجب تعد المشاركة في الانتخابات الجماعية والجهوية واجبا وطنيا، بل من جملة أهم وأول الواجبات التي يجب على المواطن الفاعل أن يحرص على القيام بها، وذلك أيا كان موقفه من الطبقة السياسية. وبالفعل، فإن التصويت هو ممارسة للمواطنة، ودليل على الانتماء للمجموعة الوطنية، وهو بالتالي ليس حقا فحسب، ولكنه واجب لأن عدم القيام أو ممارسة حق التصويت هو بمثابة تملص المواطن من أداء واجب المواطنة، وتخليه بشكل ضمني عنها. وعلى العكس، فإن الفرد/المواطن المشارك في الانتخابات الجماعية والجهوية كأني به يقول: «أنا هنا، أنا موجود، وعليكم أيتها المنتخبات، وأيها المنتخبون مراعاة صوتي واختياراتي وعدم العبث بمواطنتي». لقد وضع الدستور الجديد المشاركة السياسية في صلب اهتماماته، فهو عبارة عن دعوة مفتوحة وصريحة لكل مواطن للانخراط في الحياة السياسية للبلاد. وهذا الانخراط، يتم أولا وقبل كل شيء عن طريق الإقبال على العملية الانتخابية المحلية، وعدم التردد في ممارسة واجب اختيار من سيتولى تدبير الشأن العام المحلي، تبعا للقواعد المنصوص عليها في الدستور، ذلك أنه سيكون من غير المستساغ سياسيا وأدبيا وأخلاقيا أن يشارك الشعب المغربي بكثافة ملفتة للانتباه لإقرار دستور 2011، ثم سنوات قليلة بعد ذلك، يسجل الملاحظون إحجام فئات عريضة من الشعب عن المشاركة في استحقاقات مهمة للغاية تنبثق عنها نخب محلية خولتها القوانين الجديدة المؤسسة للامركزية الترابية والجهوية المتقدمة صلاحيات واسعة. تجديد النخب المحلية لا شك أن هناك اقتناعا لدى الرأي العام بأن العديد من النخب السياسية المحلية الحالية، دون الطموحات الراهنة والمستقبلية للبلاد، ولهذا فإن الاستحقاقات الانتخابية المنتظرة فرصة سانحة لتجديد هذه النخب ولاختيار وجوه وكفاءات جديدة قادرة على إعطاء دفعة قوية للعمل المحلي، ولكن ذلك لن يتأتى من دون مشاركة كبيرة ومكثفة من لدن المواطنين، سيما فئة الشباب منهم التي توجد في قلب الانشغالات السياسية الراهنة، بسبب الإضافة النوعية لحركة 20 فبراير للحقل السياسي الوطني.المساهمة في دينامية التنميةتشهد بلادنا دينامكية تنموية إيجابية تحت قيادة عاهل البلاد، ومن شأن المشاركة المكثفة للمواطنين في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة إعطاء زخم إضافي ونوعي لهذه الدينامكية. وبالفعل، فإن تسجيل نسبة عالية من المشاركة السياسية في انتخابات 4 شتنبر، تنم عن رغبة وتطلع المواطنين للمساهمة الإيجابية والفعلية في مسيرة التنمية التي لا محيد لبلادنا عن الاستمرار فيها، بل ورفع وتيرتها في أفق الاستجابة للحاجيات والتطلعات المتزايدة للسكان، سواء في البوادي أو المدن على حد سواء.في زمن العولمة والحدود المفتوحة على مصراعيها، ليست الأسباب الخارجية الداعية للمشاركة السياسية أقل أهمية من الأسباب الداخلية، وهذه الأسباب يمكن إيجازها في تأكيد وتحسين صورة المغرب؛ وتقوية الجبهة الداخلية؛ وأخيرا تعزيز القوة التفاوضية للحكومة.إن ارتفاع نسبة المشاركة السياسية في الانتخابات الجماعية والجهوية المرتقبة ستحسن من صورة المغرب في المحافل الدولية، ذلك أن المؤكد أن الاهتمام الدولي بالمغرب، البلد ذي التقاليد الديمقراطية الراسخة والتجارب الانتخابية المتعددة، سيكون أقوى وأكثر اتساعا نظرا للاعتبارات المرتبطة بالدستور الجديد وبالحالة الاستثنائية للبلد في الضفة الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط. ومن هنا، فإن المطلوب من جميع المواطنين أن يأخذوا في اعتبارهم الانعكاسات الدولية الإيجابية المترتبة عن قرارهم بالمشاركة في الانتخابات الجماعية والجهوية، وأن يقبلوا بكثافة على مكاتب التصويت يوم 4 شتنبر.تقوية الجبهة الداخلية نعني بالجبهة الداخلية الالتحام الوطني حول قضية الصحراء، سيما في سياق الاقتراح المغربي الرامي إلى منح الأقاليم الصحراوية حكما جهويا ذاتيا في ظل السيادة المغربية، ذلك أن المشاركة السياسية لفئات عريضة من المواطنين تعتبر إشارة قوية لأعداء قضيتنا الوطنية الأولى مفادها وجود رأي عام وطني على قدر كبير من الوعي السياسي مستعد للتعبئة والتضحية في سبيل الوصول إلى الهدف المنشود الذي هو دعم فكرة إقرار تنظيم جهوي ذاتي يتيح لسكان هذه الأقاليم تدبير شؤونهم المحلية في استقلال موسع عن الإدارة المركزية. تعزيز القوة التفاوضية للحكومةتجري الانتخابات الجماعية والجهوية في مناخ دولي مطبوع باستفحال مظاهر الأزمة المالية والاقتصادية التي تهز الدول المتقدمة وعلى رأسها القارة الأوربية. ومن دون شك، أن لهذه الأزمة تداعياتها على الدول المحيطة ومن بينها المغرب، حيث تجد الحكومة المغربية نفسها في خضم عدد من المفاوضات الجهوية والدولية للدفاع عن مصالح البلاد، الشيء الذي يفيد بأن نسبة عالية من المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المحلية، تدعم الشرعية السياسية للجهاز التنفيذي، وتمنحه قوة تفاوضية أكبر للمساهمة في إيجاد حلول وتدابير ناجعة للأزمات القائمة أو المستقبلية. *أستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للإدارةومدير المرصد المغربي للإدارة العمومية

أهمية المشاركة في الانتخابات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرجاء يبحث عن هدنة

إطلاق سراح مسؤولي النهج

مقالات ذات صلة