“طلوع الجبل” سلاح المحالين على القطب الزجري

متهم لرئيس الغرفة:" أنا مزاوك فيك أسيد الرئيس إلى ما شوف فيا لوجه الله فهاد لعواشر" عقارب الساعة تشير إلى الواحدة والربع زوال الثلاثاء الماضي، عندما رن جرس القاعة رقم 1 بالمحكمة الابتدائية بمكناس، إيذانا بافتتاح إحدى الجلسات التي يعقدها القطب الزجري على مدى أيام العمل الأسبوعية للنظر في الملفات المعروضة عليه. دخول أعضاء الهيأة، المكونة من رئيس الغرفة وممثل النيابة العامة وكاتب الضبط، وضع حدا للضجيج الذي ساد أرجاء القاعة قبيل انطلاق الجلسة. وقف الجميع احتراما للهيأة، قبل أن يأخذوا أماكنهم من جديد، في حين ظل أغلب مؤثثي القاعة واقفين في الخلف وعلى الأطراف، بل وحتى في الممر الفاصل بين مقاعد الرجال والنساء، بما أن مقاعد القاعة لا تسمح باحتضان عشرات الراغبين في متابعة أطوار الجلسة، أغلبهم لا تربطهم بالملفات المدرجة إلا حزام الفضول وتقصي أخبار الناس، علما أن بعضهم لا يتأخر في حضور جميع الجلسات اليومية. أمام هذا الوضع لقي أصحاب البذل السوداء صعوبة ومشقة كبيرتين في الوصول إلى الأماكن المخصصة لهم. وهي المشقة ذاتها التي حالت دون قيام المكيفات الهوائية بواجبها على الوجه الأكمل، بعدما وجدت نفسها عاجزة عن تلطيف حرارة القاعة .حسب إفادة محام بهيأة مكناس، فإن القضايا الرائجة بجلسات القطب الزجري تتوزع على قسمين، قسم كبير تتصدر لائحته الملفات المتعلقة بجنحة استهلاك وحيازة وترويج المخدرات بشتى أنواعها (الشيرا والقنب الهندي والمعجون والتبغ المهرب والكوكايين...)، وآخر يرتبط بقضايا متنوعة تتعلق بجنح السرقة، والخيانة الزوجية والمشاركة فيها، والإرشاء والارتشاء، والضرب والجرح بالسلاح الأبيض، وعدم توفير مؤونة شيكات عند تقديمها للأداء، والنصب والاحتيال، والعنف في حق الأصول، وخيانة الأمانة، وإهمال الأسرة ، وإهانة موظفين أثناء مزاولتهم لمهامهم، وحيازة بضاعة أجنبية خاضعة لمبرر الأصل، والذبيحة السرية والسكر العلني. أمر رئيس الهيأة رجال الأمن المكلفين بالسهر على السير العادي للجلسة بإدخال المتهمين المعتقلين إلى القاعة، وهي الفرصة التي استغلها بعضهم لتبادل التحايا مع أفراد عائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم من خلال التلويح بالأيدي لا غير، فيما فضل آخرون عدم الالتفات إلى الوراء لعدم رضاهم بالوضع، في حين اختار متهم في عقده الرابع استفسار أحد أشقائه عن مآل توكيل محام للدفاع عنه بعدما سأله بالحرف»واش درتي المحامي ولا مازال ألخوادري»، سيتضح لـ»الصباح» من خلال مناقشة ملفه أنه متابع من أجل جنحة حيازة وترويج المخدرات مع حالة العود. شرع رئيس الجلسة في فتح صفحات الملفات المدرجة، بعضها تم تجهيزه ومناقشته وحجزه للتأمل إما لآخر الجلسة، أو لأخرى مقبلة، وبعضها أرجئ البت فيه إلى تواريخ مختلفة، لأسباب ودواع تأرجحت بين تخلف الشهود عن الحضور لعدم التوصل بالاستدعاء، وبين الملتمسات التي تقدم بها دفاع متهمين آخرين، الرامية إلى منحهم مهلا إضافية للاطلاع على وثائق ومستندات الملفات بغرض إعداد الدفاع، خصوصا مع تنصيب محامين جدد للإنابة عن بعض المتابعين. كانت أهم قضية تفاعل معها الحضور، تتعلق بموظف بالسجن المحلي تولال1 بمكناس، متابع من أجل العنف في حق الأصول. نادى رئيس الجلسة على المتهم وانتظر التحاقه بقفص الاتهام، كان شابا أبيض البشرة، طويل القامة. وبعد التأكد من هويته، التي جاءت مطابقة لما هو مضمن بمحضر الضابطة القضائية، أشعر بحقه في انتداب محام للدفاع عنه فتنازل عنه مفضلا الدفاع عن نفسه. وحول المنسوب إليه، أجاب أنه تحت تأثير تناول المخدرات والخمر، قام بسب والدته وشتمها ونعتها بأقبح النعوت، نافيا أن يكون عنفها أو حاول ذلك، متراجعا بذلك عن اعترافاته التمهيدية التي ووجه بها فأكد أنها غير صادرة عنه، مبرزا أنه أرغم على التوقيع على محضر الاستماع إليه دون أن يتمكن من الاطلاع على فحواه. ومن جهتها، حضرت والدة المتهم وصرحت أن الأخير طلب منها مده بمبلغ 50 درهما بغرض تلبية حاجياته المتزايدة من المخدرات والمشروبات الكحولية، ولما رفضت أمطرها بوابل من السب والشتم، قبل أن يقوم بركلها وصفعها، وأصرت على متابعته قضائيا، ما جعله يلتمس منها الصفح عنه ويعمد بعد ذلك إلى تقبيل يديها ورأسها، الأمر الذي حرك في دواخلها حنان الأمومة، إذ أكدت أنها تتنازل عن شكايتها في مواجهته. الإنكار لغة المتهمين أهم ما يميز جلسات المحاكمة بالغرفة الجنحية التلبسية بابتدائية مكناس هو إنكار جل المتهمين المنسوب إليهم جملة وتفصيلا، إذ لا صوت يعلو على لغة «طلوع الجبل»، كما يقال. وهي القاعدة التي شذ عنها متهم في ريعان شبابه اختار التحليق لوحده خارج السرب، عندما اعترف بكل تلقائية بخيانة أمانة مشغله، مبديا ندمه الشديد على ما صدر منه، عاقدا العزم على التوبة النصوح، قبل أن يلتمس من رئيس الغرفة الرأفة به وتمتيعه بأقصى ما يمكن من ظروف التخفيف» أنا مزاوك فيك أسيد الرئيس إلى ما شوف فيا لوجه الله فهاد لعواشر، هذي والتوبة عمرني ما نعاود، الله يرحم ليك الوالدين ويشد ليك فلوليدات». خليل المنوني (مكناس)

“طلوع الجبل” سلاح المحالين على القطب الزجري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخبار الحوادث

أخبار الحوادث

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات