الجيلالي…كائن انتخابي

يشرع الجيلالي (اسم مستعار) مع دنو موعد الانتخابات في وضع برامج ليست انتخابية بامتياز، رغبة منه في العودة من جديد إلى كرسي الجماعة. تربع الجيلالي على «عرش» تدبير المال العام لسنوات كثيرة، رغم أن مستواه لا يتجاوز السنة الأولى من التعليم الإعدادي، لكن بداية الحديث عن اقتراب موعد الانتخابات الجماعية يؤرق باله، ويجعله يفكر كثيرا، وبدل أن يكون بجانب الجيلالي فريق عمل محنك لإدارة حملته الانتخابية وتقديم حصيلته للناخبين، لعلها تقنعهم لإعادة انتخابه مستشارا جماعيا، ومنها يتبوأ كرسي الرئاسة، يفضل ابن البادية سلك نهج آخر يعتمد أساليب أخرى، وينهج عسياسة التخويف والترهيب تارة وفي مرات اخرى يلعب ورقة «ولد البلاد» لدفع الناخبين إلى التصويت عليه. يعد الجيلالي من أبناء دوار في المغرب العميق، ولج عالم السياسة بالصدفة، كان يعيش بين أقرانه، ويشتغل مع عمه في الحقول، ويسهر على تدبير شؤونه الفلاحية، ونادرا ما كان يشتغل سائقا مساعدا لعمه خلال جولاته أو ذهابه إلى القيادة أو العمالة والجماعة، حيث كان عم الجيلالي رئيسا لمجلس جماعي منذ 1976. كان الجيلالي حريص الوقوف إلى جانب عمه، سيما في الحملات الانتخابية، ما جعله «يرث» شيئا من «السياسة» بالصدفة، وبعد وفاة العم قرر الجيلالي دخول غمار المنافسة على الدائرة الانتخابية التي كان يترشح فيها عمه، وبدأ يفكر في «وراثة» مقعد الرئاسة الجماعي.حاول إقناع أبناء الدوار، لكن وجود منافسة قوية لعدد من أبناء الأعيان، جعله يفكر في طرق أخرى، كانت بدايتها بلعب ورقة «المرحوم»، ونهايتها باستعمال أشخاص للهجوم على الحملات الانتخابية للمنافسين.بداية "البلطجية"لم يقتنع عدد مهم من أبناء الدوار بالبرنامج «الانتخابي» للجيلالي الذي شكل «تعويض المرحوم» ركيزته الأساسية، خصوصا أن أبناء المنطقة يعرفون الجيلالي جيدا، بالإضافة إلى وجود فرق شاسع بين تصرفاته وطرق تعامل عمه، ما عجل بالمنافسين له إلى وضع برنامج «انتخابي» يحمل في طياته شعار «لا لتوريث الجماعة»، في حين بدأ الجيلالي يشعر بالخطر واقتراب هزيمته، ما دفعه الى التفكير في أساليب أخرى لعلها تقنع الناخبين». حاول الجيلالي في البداية التركيز على اسم عمه ومكانته عند أبناء القبيلة عموما، لكن لم تشفع له في إقناعهم، وحاول استمالة عدد مهم منهم بمنح هدايا ووعود في حال فوزه، قبل أن يقترح عليه مدير حملته الانتخابية طريقة أخرى، شعارها تخويف الناخبين. استدعى الجيلالي عددا من نساء ورجال الدوار، خصوصا المساندين له، وأعطاهم توجيها من أجل زيارة جل المنازل، بينما كلف فريقا آخر بالجلوس بجانب دكان الدوار، ومنحهم مهمة واحدة أن»المخزن» يرغب في فوز الجيلالي، ومن له رأي آخر عليه مغادرة الدوار، وموازاة مع الحملة الجديدة، واصل الجيلالي سخاءه ب»امتياز»، ما شكل نواة لتكوين فريق من «البلطجية» لكن شعاره في البداية كان بعيدا عن العنف.البلطجية يرصون الصفوفلم يقتنع المنافسون وعدد مهم من أبناء الدوار بالمشروع الجديد للجيلالي، واستمرت المنافسة، واقترب موعد الاقتراع كثيرا، ما دفع ب «مدير الحملة» من جديد إلى استرجاع ذاكرته سنوات إلى الوراء، سيما أن له سوابق قضائية، وفكر كثيرا، سيما الطريقة التي تسهل من مأمورية فوز الجيلالي، قبل أن يقرر السفر إلى مدينة تبعد عن الدوار بحوالي مائة كيلومتر بحثا عن أصدقاء قضى معهم شهورا داخل زنزانة واحدة، وعثر على البعض منهم بينما الآخرون ما زالوا يقبعون خلف الأسوار. تحدث «مدير الحملة» عن برنامجه وما يقف حاجزا أمام تحقيق نتائجه المتوخاة، وكان الرد سريعا، سلك العنف في وجه المعارضين، وكانت بداية رص صفوف نواة «للبلطجية» الانتخابية، وتكلف الجيلالي بإعطائهم أسماء «الأعداء»، ورسموا خططا للهجوم على المنافسين وتخويفهم مع مغادرة الدوار ليلا والعودة إليه من جديد ليلا.شكلت عملية الاعتداء على المنافس الأول ونقله إلى المركز الصحي البعيد عن الدوارضربة قوية، خصوصا بعدما بدأ أبناء الدوار الموالون للجيلالي في تذكير الناخبين بقوة الأخير المستمدة من «المخزن»، وشعر السكان بالخوف على أنفسهم وممتلكاتهم، وواصل «البلطجية» حملاتهم في أوقات متفرقة، ما مكن من فوز الجيلالي بالمقعد الانتخابي. وساهمت عملية استئجار «البلطجية» من ذوي السوابق القضائية كثيرا في عزوف المواطنين عن التصويت، بينما عبد الجيلالي الطريق للمساندين له للذهاب إلى صناديق الاقتراع، وفاز الأخير بالمقعد، ما جعله يكتسب «تجربة» لكن ليست في مجال تدبير الشأن العام، لكن في الاعتداء على الأشخاص وتخويفهم وتعريضهم للخطر. تجربة طورها الجيلالي مع مرور السنين، وجعلته يرث كرسي عمه إلى أن وافته المنية الموسم الماضي، وترك كثيرا من مرشحي الأحزاب السياسية يتنافسون عليه حاليا.سليمان الزياني (سطات)

الجيلالي…كائن انتخابي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

انتعاش " الحياحة" و"السماسرة" بمراكش

"الشناقة" و"الخرطاطة" مفتاح الفوز

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات