طـرق وقناطـر للبيـع

نافذون ومنتخبون يفتحون أوراش البنيات التحتية من أجل المنفعة الخاصة لم يكن عبد العزيز بنزكور، وسيط المملكة، مخطئا عندما قال، في حوار مع «الصباح»، بأن الطرق السيارة تتجنب أراضي الأعيان والنافذين، وأن كبار الملاكين بإمكانهم الوصول إلى المعلومات المطلوبة بشكل استباقي، مايتيح لهم استعمال آليات التعرض داخل الآجال القانونية، عكس صغار الفلاحين الذين لا يتحركون إلا بعد فوات الأوان، أكثر من ذلك فقد وقفت "الصباح" على حالات تجاوز فيها المنتخبون جبهة التصدي لحاجيات الدولة من الأراضي، إلى فتح أوراش للبنية التحتية من أجل منفعتهم الخاصة. قصور بوسكورة تأخذ الطريق بنزع الملكية استسلم الحاج بوعزة، منتصف الربيع الماضي، لقدر الآليات والجرافات مدعومة بالقوة العمومية ورجال السلطة بكل أسلاكها من المقدم إلى العامل، تاركا إياها تشق طريقا وسط أرضه بذريعة أن الأمر يتعلق بتنفيذ حكم بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة صادر عن المحكمة الإدارية بالبيضاء، ولم يجد هذا الشيخ العجوز الذي مازال يعمل في الفلاحة بدوار المزابيين أولاد موسى (الفوقاني) بتراب جماعة بوسكورة، غير انتظار رحمة مساطر القضاء الإداري، بعد تهديد أبنائه بالمتابعة بتهمة تحقير مقرر قضائي. «لقد أخذوا مني أرضي مرتين» يقول الحاج بوعزة وهو يحكي كيف أن نافذا تمكن من استصدار حكم نزع ملكية سبق تنفيذه من أجل مد الطريق إلى قصره المشيد حديثا بمحاذاة الطريق السيار المداري الرابط بين تيط مليل وطريق مطار محمد الخامس عبر سيدي مسعود، موضحا أنه ردا على شكاية رفعها إلى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف، فضح فيها وقوع نصب واحتيال وتزوير وتهديد بالقتل من أجل مد الطريق المذكورة، أمر الوكيل العام بإعادة النظر في الملف التنفيذي، والتأكد من وجود واقعة الهجوم على مسكن الغير وتسخير القوة العمومية من أجل تنفيذ حكم سبق تنفيذه في مكان آخر. «كاين بزاف ديال التخلويض» يصرخ ابنه سعيد موضحا أنه بعد تنفيذ الحكم بالإفراغ عن طريق القوة العمومية في صيف السنة الماضية، فوجئت الأسرة بعودة مأمور التنفيذ مرة أخرى أبريل الماضي من أجل إعادة تنفيذ أمر التنفيذ ذاته الصادر في 22 ماي 2014 تحت عدد 293 في الملف رقم 2014268.، لكن هذه المرة في مكان آخر غير الذي نفذ فيه أول مرة، ورغم محاولة أفرادها تفسير ذلك لممثلي السلطة المحلية فقد أعيد تنفيذه بالقوة. وتوضح الوثائق التي تتوفر «الصباح» على نسخ منها، أن عملية نزع الملكية تمت على معطيات متناقضة، لم يتردد الضحايا في القول بأنها تتضمن نصبا واحتيالا من قبل أناس آخرين، وذلك في إشارة إلى أحد الأعيان النافذين، الذي تسببت الطريق المزدوجة المتجهة نحو المدينة الخضراء وسط غابة بوسكورة في إقبار الطريق المؤدية إلى قصره الحديث البناء غير بعيد عن أرض الحاج بوعزة، الذي يصر على أن تعليمات أعطيت لقائد الملحقة الإدارية لمكانسة وقائد المدينة الخضراء «بوسكورة غرين تاون» والخليفة ورجال الدرك، لفرض الأمر الواقع بالقوة. ويصر صاحب الأرض المستهدفة على التأكيد بأن النسخة الثانية من عملية التنفيذ يراد منها تدارك خطأ وقعت فيه الجماعة عند تحديد المساحة المنزوعة ملكيتها في التنفيذ الأول، الذي نجم عنه إقبار طريق قديمة معروفة في المنطقة تحت اسم «طريق السانية لحلوة»، ما جعل القصر المذكور بدون منفذ إلى مشروع امتداد شارع «تادارت» المدخل الرئيسي للمدينة الخضراء. لا يتردد الحاج بوعزة، الذي فتت مدار تقاطع شارع تادارت والطريق السيار، أرضه إلى بقع صغيرة، في القول بأن المحكمة حددت مساحة نزع الملكية الأصلي في 4289.30 مترا مربعا، ورغم ذلك تجاوزت المساحة التي أخذتها الجماعة 5652 مترا مربعا أي بزيادة تقدر ب 1352.72، قبل أن تدخل على الخط جهات تدفع في اتجاه تحويل مسار «طريق السانية لحلوة» من وسط ما تبقى من أرضه. قنطرة النواصر المتحركة على الطريق الوطنية بين البيضاء وبرشيد، تطالعك قنطرة كبيرة غير مكتملة البناء على الجانب قائمة فوق خط السكة الحديدية، وذلك على مشارف عاصمة منطقة أولاد احريز، وكأنما تم الأمر بوقف أشغالها بعد أن انتبه أصحاب المشروع إلى وجود قنطرة ثانية غير بعيد عن مكان البناء المذكور. لكن وبقليل من التدقيق في اللوحات التعريفية للمشروع المنتصبة في محيطه سيتبين أن القنطرة توجد على الحدود بين إقليم النواصر وإقليم برشيد، وأنه ربما وقع المهندسون في خطأ ما فوضعوها في غير المكان الذي خصصت له على الورق. الأكيد أن المجلس الإقليمي للنواصر، أنجز قنطرة فوق تراب إقليم برشيد، وذلك في إطار اتفاقية شراكة جمعته بالجماعة القروية لأولاد صالح، بالإضافة إلى المجلس الجهوي للدار البيضاء الكبرى، والمكتب الوطني للسكك الحديدية، تتكلف الجماعة القروية المذكورة بتحمل تمويل تكاليف نزع العقارات اللازمة لإنجاز قنطرة مكان الممر المحروس رقم 4036. ورغم أن موقع المشروع يوجد في المجال الترابي التابع لإقليم برشيد، فإن المجلس الإقليمي للنواصر يلتزم حسب اتفاقية الشراكة المشار إليها بتوفير الاعتمادات الضرورية لتغطية مصاريف التعويض عن الاقتناء أو نزع ملكية، جميع العقارات اللازمة لإنجاز مشروع القنطرة، التي ستعوض الممر القديم. وبالمقابل تقول يافطات المشروع المعلقة في المكان ذاته عكس ذلك، فهي تضع المكتب الوطني للسكك الحديدية في خانة صاحب المشروع، الواقع على خط السكة الحديدية البيضاء - سيدي العايدي، مع الإشارة إلى أن الورش ينفذ بشراكة مع مجلس جهة الدار البيضاء الكبرى وجماعة أولاد صالح، وذلك بتكلفة مالية تقارب ثمانية ملايين درهم، في إطار خطة وطنية للمكتب الوطني للسكك الحديدية، بشراكة مع مجلس جهة الدار البيضاء الكبرى وجماعة أولاد صالح، وذلك بكلفة تقارب ثمانية ملايين درهم في إطار خطة وطنية تهدف إلى حذف كافة الممرات غير المحروسة عبر التراب الوطني، لما أصبحت تشكله من خطر على مستعملي الطريق. وبما أن المكتب الوطني للسكك الحديدية يتوفر على إسراتيجية موضوعة مسبقا تهدف إلى حذف الممرات غير المحروسة البالغ عددها 350 ممرا، يعطي الأولوية للمواقع الأكثر خطورة، فقد وقع أن تأخرت المؤسسة العمومية في صرف نصيبها من الميزانية المخصصة للمشروع، ما تسبب في تأخير عملية بناء القنطرة، على اعتبار أن الأسبقية أعطيت لمواقع أخرى، إذ كشفت مصادر من المكتب أن معدل تنفيذ المخطط بلغ 20 ممرا في السنة بدل ممرين كما كان الأمر قبل 2005. وبالعودة إلى المقرر، الذي تم التصويت عليه بإجماع أعضاء مجلس جماعة أولاد صالح في 26 فبراير الماضي، نلاحظ أن الجماعة المذكورة تحملت «مسؤولية تسوية وضعية الأراضي اللازمة لإنشاء طريق عمومية بالقنطرة التي ستعوض الممر السككي بين البيضاء ومراكش عند النقطة الكيلومترية 73.943، وضمان الولوج إليها في إطار تنفيذ الاتفاقية رقم 698033 المبرمة مع المكتب الوطني للسكك الحديدية، وذلك باستعمال مسطرة الاقتناء المباشر تسهيلا للعملية وتعجيلا بتنفيذ المشروع، أو عن طريق نزع الملكية من أجل المنفعة العامة إذا اقتضت الضرورة ذلك». المستودعات "تأكل" طرق سيدي موسى بن علي لم تعد منطقة سيدي حجاج، القريبة من البوابة الشرقية للبيضاء عبر تيط مليل، كما كانت قبل عشر سنوات، ووسط التحول العمراني المسعور الذي تعرفه أراضيها الفلاحية ذات الجودة، لم تسلم الطرق من الترامي عليها. ورغم احتجاجات السكان بخصوص عراقيل التنقل الناجمة عن انتشار بؤر الصناعات الملوثه وسط الحقول، لم تحرك السلطات المحلية ساكنا لحماية البنيات التحتية الوحيدة المتوفرة، ويتعلق الأمر بالمسالك الطرقية، التي أصبحت تسخر للمصالح الخاصة لأصحاب التجزئات السكنية والصناعية المفروضة بالأمر الواقع، في غياب أي ترخيص لها من قبل الجهات صاحبة الاختصاص كما هو الحال بالنسبة إلى الطريق الرئيسية التي تعبر جماعة سيدي موسى بن علي في اتجاه المحمدية، وكيف تحولت إلى مسلك للراجلين، على مستوى دوار العثامنة. في الوقت الذي تبدو فيه الوحدات الصناعية المرخص لها من الطريق المقبلة من تيط مليل، في احترام واضح لشروط المساحة والبناء والموقع، يصر أصحاب الصناعات العشوائية على اختيار أراض بعيدة عن الطريق، مع الاحتماء بأنواع خاصة من النبات سريع النمو وكبير العلو، كما هو الحال بالنسبة إلى القصب وشجرة «عنب الديب» كما يسميها أهل المنطقة. لكن التهافت على تشييد أكبر عدد من المستودعات أصبح يهدد بعض الطرق بالزوال تدريجيا، خاصة بعد ما أن وجدت المنطقة إقبالا لدى أصحاب المشاريع، إذ يعمد المستثمرون إلى استغلال كل المساحة، وقد يطمعون في الطرق التي يضيقونها وينقصون من عرضها ربحا لمئات الأمتار، كما هو الحال في دوار الشيخي، حيث اكتشف عمال المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بالصدفة، أن أحدهم أضاف نصف عرض الطريق إلى مشروعه العمراني الذي يحتوي على أكثر من عشرة مستودعات من الحجم الكبير الذي يفوق ألف متر، منها المغطاة بالكامل ومنها المكشوفة. وعكس المستودعات المغطاة التي يكون ثمن كرائها مضاعفا، لا تتوفر المكشوفة إلا على غرفة أو غرفتين، في حين تكون باقي المساحة محاطة بسور، على اعتبار أن هذا النوع من الاستغلاليات يتطلب أشعة الشمس، كما هو الحال بالنسبة إلى وحدات مواد البناء وصناعة الآجر، بالإضافة إلى المشاتل ومستودعات تخزين المحاصيل والمواد الأولية المستعملة في المعامل المجاورة. يلجأ أصحاب المستودعات، التي ضيعت الطرق القروية القديمة، إلى أسلوب معقد من أجل تفادي مراقبة السلطات، وذلك بالدفع في اتجاه أن الأمر يتعلق بتوسيع الاستغلاليات الفلاحية، إلى حد أن هناك من يتوفر على بنايات من آلاف الأمتار، بذريعة أنها إسطبلات، في حين لا يتجاوز قطيع مواشيه، من الغنم والأبقار، أصابع اليد الواحدة، الأمر الذي يطرح تساؤلات لدى سكان المنطقة في نجاعة مراقبة أعوان السلطة، ليس للبناء العشوائي الذي يتم في واضحة النهار فقط بل لحماية ملك الدولة من السطو عليه. « لقد تقدمنا بشكايات كثيرة إلى السلطات المعنية، لكن دون جدوى، إذ أصبحنا نعيش وسط الحصار جراء ضياع مداخل ومخارج دواويرنا وسط تجمعات المستودعات والتجزئات العشوائية» يقول عبد الرحمان، أحد سكان جماعة سيدي موسى بن علي، ويحكي بقرحة كيف أنه أصبح مجبرا على استعمال طريق أطول من أجل الوصول إلى بيته ليلا، ولذلك أتلفت البنايات المنتشرة كالفطر، الطريق القديم، الذي لم يتبق منه إلا مسلك يتأرجح في ثنايا متاهة البناء العشوائي. إنجاز: ياسين قطيب - تصوير (عبد اللطيف مفيق وعبد الحق خليفة)

طـرق وقناطـر للبيـع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التعادل أمام وداد تمارة كان مفاجئا

لاعب فرنسي ببركان مقابل 250 مليونا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات