البرامج الانتخابية تتكلم لغة الأرقام

المتطلعون إلى الرتب الأولى في الجماعات يكشفون عروضهم في اللحظات الأخيرة في الوقت الذي اختارت فيه بعض الأحزاب الكشف عن برامجها الانتخابية مبكرا كما هو الحال بالنسبة إلى التجمع الوطني للأحرار والتقدم والاشتراكية، أصرت الأحزاب الثلاثة الأكثر تطلعا للرتب الأولى في الاستحقاقات المقبلة أن تكون الساعات الأولى من أيام الحملة الانتخابية موعدا لطرح عروضها. وقبل محاسبة الوثائق الحزبية المتعلقة بانتخابات 4 شتنبر المقبل، ارتأت "الصباح" أن تفتح بعضها أمام الناخيبن، خاصة تلك المتعلقة بحزب رئيس الحكومة، العدالة والتنمية، بالإضافة إلى الحزبين المرشحين للمنافسة على المقدمة الاستقلال، والأصالة والمعاصرة. يشكل قطاع الجماعات المحلية القروية والبلدية، ومقاطعات المدن، والمجالس البلدية، ومجالس العمالات والأقاليم، والجهات، ثقلا كبيرا على ميزانية الدولة المتأتية من جيوب المواطنين دافعي الضرائب، وبالمقابل لم يتطرق أي من الأحزاب المشاركة في الانتخابات منذ عقد الستينات، إلى الآن، لأهمية مراجعة وظيفة هذا القطاع الخاضع لوصاية وزارة الداخلية، لأنه قطاع ريعي بامتياز، غير منتج للقيمة المضافة ماليا، وأكثر القطاعات استهلاكا لميزانيات التسيير على حساب المشاريع الإنمائية. ويوظف هذا القطاع وبشكل ريعي، وغير منطقي 200 ألف شخص، نصفهم محسوب على الموظفين الأشباح، لا يخضعون لأي مراقبة إدارية دقيقة، لأن أغلب الذين وظفوا جاؤوا بوعد من الحملات الانتخابية، لأغلب المرشحين الانتهازيين، الذين عوض أن ينكبوا على حل مشاكل المدن، وباقي القرى والمداشر بوضع بنية تحتية متطورة، ساروا يتسولون أصواتا عبر عملية التوظيف المباشر السيئ. كما أن قطاع الجماعات المحلية، يشغل 30 ألف منتخب كل ست سنوات، ومنهم من تمكن من تجديد انتخابه، إذ عبر ذلك انتقل أغلب المنتخبين، الذين حصلوا على الشهرة السياسية والمالية، من حالة الفقر الشديد، إلى حالة الغنى الفاحش، دون أن يكونوا محل مساءلة من قبل مؤسسات الدولة التي كانت ولا تزال غائبة. ويظهر غنى هؤلاء الذين حولوا أنفسهم عبر وسائل الإعلام، إلى شخصيات نافذة في رمشة عين، من خلال عقد صفقات عمومية مشبوهة، عبر اقتناء أراضي فلاحية، بثمن بخس، وترحيل سكانها إلى مدن الصفيح، خزانا انتخابيا كبيرا، وإدماج تلك الأراضي في المدار الحضري الذي سيدر عليهم دخلا ماليا خياليا، وإعادة "بستنة" الحدائق كل سنة، بميزانية كبيرة، والاستحواذ على المساحات الخضراء وتحويلها إلى تجزئات سكنية، وصرف ميزانية تبليط الشوارع، وإعادة هيكلتها بالملايير دون جدوى، وتثبيت أعمدة نور، وتغييرها، وتحويل سكن الفيلات إلى عمارات، وبيع أراضي المقابر، ونقلها خارج المدار الحضري، وبيع المدارس العمومية، ومنح الرخص الاستثنائية بدراهم معدودات، كي تصبح عمارات بالملايير. وإذا كان هذا القطاع الريعي الذي يثقل خزينة الدولة ويشتغل بـ 11 صندوق متنوع الموارد المالية، ويدر على منتخبيه الملايير، من استخلاص الضريبة على القيمة المضافة إلى التحكم في الصفقات، فإن الأحزاب السياسية المستفيدة، وضعت برامج شبه مستنسخة ولم تضع أولويات، لأنه مثلا وجب مقارنة جهة الرشيدية وأزيلال، بجهة الدارالبيضاء وطنجة، إذ توجد فوارق كبرى، إذ تعاطت الأحزاب مع الجهات 12 وكأنها جهة واحدة لها المشاكل نفسها وتسعى إلى تلبية المطالب ذاتها، باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة الذي وضع لكل جهة برنامجا خاصا وإن كان أشبه بمطالب اجتماعية، فيما باقي الأحزاب قامت بتجميع كلماتها حول الجهات بمنطق المنظور المشترك. وكان حريا بالأحزاب مثلا، حل إشكالية النقل الحضري العمومي، في كل الجهات، بالنزول طابقين تحت الطرق يخصصان لحركة " ميترو الأنفاق" للتخفيف من الازدحام، ونقل المواطنين بالسرعة اللازمة إلى مقار عملهم، كما كان على كل جهة، وضع مخطط لإحياء المآثر التاريخية، لأنها هي التي تجلب السياحة، لأن تشييد مثلا قصر السلطان مولاي اسماعيل بجهة فاس مكناس، كما كان سابقا سينعش السياحة، والأمر نفسه بالنسبة إلى منزل زينب النفزاوية، زوجة يوسف بن تاشفين، ملهمته في بناء مراكش، وكذا جامعة القرويين التي تحتاج لعناية لأنها شيدت من قبل فاطمة الزهراء الفهرية، التي نوقشت فيها أول دكتوراه في الطب في العالم منذ القرن 15، وكانت محط دراسات أنثروبولوجية وسيوسيولوجية الطب من قبل الفرنسيين والأمركيين. لكن عوض ذلك، اعتمد كل حزب على مرتكزات متشابهة، بينها النهوض بالقطاع البيئي، وحل إشكالية النظافة عبر استعمال طرق عصرية بعيدة عن سياسة المطارح العشوائية أو حتى المطارح التي توجد في هوامش المدن، وحل معضلة النقل العمومي بتوفير حافلات إضافية، وتعداد المناطق الصناعية، وتعبئة العقار لأجل تشجيع المستثمرين الخواص المغاربة والأجانب لتنشيط الاقتصاد وإحداث فرص عمل، وعقد شراكات بين البلديات والجهات، والقطاع الخاص في مجال تشييد البنية التحتية، سواء بتوسيع الموانئ أوالمطارات، أو الطرق الوطنية أوالسيارة. أحمد الأرقام

البرامج الانتخابية تتكلم لغة الأرقام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صخرة يخلق الجدل في مباريات الكأس

ملعب دون مستودعات يستقبل الرجاء بالعيون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات