“الحياحة” يعكسون ضعف التأطير الحزبي

أستاذ العلوم السياسية بالمحمدية قال إن الخطر يكمن حينما يتوسطون لشراء الأصوات وتوزيع بطائق الانخراط قال محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية إن عزوف الشباب عن الانتماء، دفع إدارة وقيادة الأحزاب إلى الاستعانة بخدمات شباب عاطل عن العمل، وأيضا نساء يعشن الهشاشة الاجتماعية، لمساعدتهم في القيام بالحملة الانتخابية، مقابل تعويض مادي، أو وعد بانتشالهم من الفقر والتهميش. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: أحمد الأرقام ما هي أسباب استمرار ظاهرة الاستعانة بأشخاص للقيام بعمل مساعدي المرشحين المعروفة مجتمعيا بـ "حياحة" الانتخابات؟ تستمر فعلا ظاهرة الاستعانة بأشخاص من خارج الحزب، للعمل في المواسم الانتخابية، مساعدين للمرشحين، وذلك لعدة أسباب منها، ما هو مرتبط بضعف التأطير الحزبي، في استقطاب الشباب ذكورا وإناثا لاكتساب المعارف والتجارب، والتحرك، مناضلين للحزب، كما كان الشأن في بداية الانتخابات في عقود الستينات إلى غاية منتصف التسعينات، إذ كانوا يقومون بالتعبئة الحزبية في جميع المناسبات، ومنها أيضا ما هو مرتبط بعامل التبعية الاقتصادية في جميع تجلياتها.وحدث تطور تاريخي في بنية عمل الأحزاب التي هجرها الشباب، إذ لا تتجاوز عملية التأطير نسبة 1 في المائة بالنسبة إلى عدد سكان المغرب، 33 مليون نسمة وعدد الأحزاب النشيطة سياسيا والمعترف بها قانونيا، 35 حزبا، ما جعل الأحزاب تفتقد لمناضلين.إن عزوف الشباب على الانتماء، دفع إدارة وقيادة الأحزاب إلى الاستعانة بخدمات شباب عاطل عن العمل، وأيضا نساء يعشن الهشاشة الاجتماعية، لمساعدتهم في القيام بالحملة الانتخابية، لتحصيل مقابل مادي، أو وعد بانتشالهم من الفقر والتهميش.كما أن عمل هؤلاء الشباب والنساء الذين يعيشون في وضعية الهشاشة وبدون دخل قار أو مؤقت أو ضعيف، يستغلون المناسبة الانتخابية لربح المال، أو تحقيق منفعة براغماتية، كالوعد بتحصيل وظيفة، لذلك ارتفع عدد الموظفين بالمجالس الترابية المختلفة بالمغرب إلى رقم قياسي، ما يعني أن رؤساء الجماعات القروية والحضرية ومجالس العمالات والأقاليم والجهات، تمكنوا من تحويل هؤلاء المؤقتين إلى موظفين ثابتين، سواء أكانوا حاملين شهادات عليا أو دنيا، أو بدون شهادات حتى.كما يوجد عامل التبعية الاقتصادية، والمتمثل في لعب دور أســــــاســـــــــي في انتشار هذه الظاهرة، إذ يظهر ذلك جليا في البوادي بكبريات الضيعات الفلاحية، إذ أن الذي يرفض مد يد المساعدة للمرشح أثناء التعبئة الانتخابية لصاحب الضيعة، يهدد بفقدانه منصبه كمزارع في الضيعة، بل يتعرض للطرد بشكل نهائي كما حصل في انتخابات 1997، فيما بالمدن يقع ذلك في المصانع والشركات، وكبريات المساحات التجارية وبالمدارس الخصوصية والمصحات الخاصة وكل المرافق ذات الطبيعة التجارية والاقتصادية، إذ يصبح المستخدم والمستخدمة والعمال والعاملات تحت وطأة التعرض للطرد، ومن ثم يجبرون على القيام بأعمال التعبئة الانتخابية. ألا تعتقد أن الوعد بتقديم امتيازات يدخل في إطار تحايل قانوني لإفساد الانتخابات؟ بالطبع نعم، فالوعد بالتوظيف في المجالس الترابية، أو توزيع أكشاك أو السماح بتحصيل سكن عشوائي، أو الحصول على خدمات بإدخال الماء والكهرباء إلى أحياء الصفيح مثلا، يدخل في هذا النطاق، ويصل إلى " شخصنة العلاقات في السياسة"، عوضا عن مأسستها، كما الشأن في أمريكا، وفعلا يحدث نوع من التحايل على القانون لتحقيق أغراض أخرى. كيف يضر عمل "الحياحة" بالعملية الانتخابية؟ تصبح وظائف "الحياحة" إن صح التعبير، لأنه مصطلح غير موجود في القوانين الانتخابية، مخلة بالديمقراطية وماسة بنزاهتها، حينما تتحول من وظيفة للتعريف بالمرشحين، مقابل أداء مادي أو وعد بتحصيل امتياز، أو منفعة، إلى وظيفة الوساطة ليس لإقناع الناخبين بالتصويت على المرشحين، بل إلى إغرائهم بالمال وحشد أفراد الأسرة الواحدة، أو أفراد الحي أو الدوار والمدشر، وكل بثمنه، هنا ينتقل العمل من التأثير على الناخبين للتصويت، إلى الضغط عليهم بالتأثير غير القانوني عبر توزيع الأموال.ويحضر هنا أيضا التوسط في إقامة المآتم والأعراس وختان الأطفال والتزويج الجماعي للعزاب والعازبات، واستغلال عمل جمعيات المجتمع المدني، والتوسط لتحصيل رخص إدارية، لذلك ترى أغلب المرشحين يتسابقون على توظيف من له شهرة رمزية في إقناع الجماهير بالتصويت، ك" حياحة" للتأثير على الناخبين، لينتقلوا بهم إلى رتبة الوساطة لجلب الأصوات بطريق غير قانونية.كما يتحول "الحياحة" أيضا إلى حراس للمرشحين"فيدورات" أو "كاردكورات" حينما يلجون أماكن شعبية، أو صعبة الولوج، قد يطلق عليهم البعض اسم "بلطجة" الكلمة المصرية في وصف الخارجين عن القانون، الذين يزعمون أن تدخلهم قانوني، وهم وحدهم من لهم حق التنظيم ، كما يتحول هؤلاء إلى موزعين لبطائق الانخراط في الأحزاب، على المواطنين وبالمجان، لرفع نسبة عدد المنخرطين في مراسلة الأحزاب لوزارة الداخلية، وهي نسب غير واقعية ومبالغ فيها، لأن أغلب الموقعين في تلك البطائق ليست لهم علاقة بالحزب، بل لهم علاقة بالمرشح الذي سيؤدي لهم كي يصوتوا، وحتى حينما ينقلهم في شاحنة للتصويت في دائرة توجد في منطقة نائية، فإنه سيؤكد للسلطات، أنه قام بواجبه في تسهيل عملية نقل الناخبين أعضاء حزبه، ولم يخالف القانون. لماذا لم تنهزم ظاهرة "الحياحة" في زمن الانترنيت ووسائط الاتصال المتطورة، مثل الفايسبوك وتويتر وغيرها؟ لم تنهزم ظاهرة "الحياحة" أمام عوالم الانترنيت والشبكة العنكبوتية للتواصل، رغم طفرتها في المجتمع المغربي، لغياب التأثير الحزبي في صناعة الرأي العام، ولعدم تطور الأحزاب بما فيه الكفاية، كما أن الانتخابات تتطلب التواصل المباشر لإيصال الرسالة السياسية كما يجب، خاصة بالنسبة إلى الانتخابات الجماعية والجهوية المرتبطة بنظام سياسة القرب، والتفاعل بين الطرفين، عبر الانتقاد واللوم والاحتجاج أحيانا دون الإخلال بالقانون، فيما المواجهة الإلكترونية هي أشبه بنقاش افتراضي، لا يشفي الغليل، وإن كانت له أهمية كبرى في تحقيق التواصل بين المرشحين والناخبين. في سطور> أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني المحمدية. > أستاذ زائر بالعديد من الجامعات المغربية ومراكز تكوين الأطر العليا.> عضو اللجنة العلمية للمجلة القانونية «الملف»، وعضو مؤسس بالعديد من المراكز المغربية.> صدرت له مجموعة من المؤلفات من بينها كتاب القانون الدستوري والمؤسسات السياسية.

“الحياحة” يعكسون ضعف التأطير الحزبي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الملك يدعو إلى التصويت على الكفاءات

5 أساليب في "التحياح"

مقالات ذات صلة