شاعلة “شايلاه أ الفأرة”:

وحدها فأرة الحاسوب تجعل المغاربة سعداء ومستمتعين بالحياة، فمداعبتها، يوميا، تزيل الهم و"الغمة" وتقي البشرة من التجاعيد وتوقف زحف الشيخوخة. كما أن ملاعبتها تلطف أحوال المعيشة، وتساهم في انتعاش الاقتصاد الوطني، وتحسن أداء الموظفين القابعين في مكاتبهم من أجل تتبع آخر ما جادت به المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.الفأرة التي كانت، إلى وقت قريب، تخيف النساء أصبحت في العالم الافتراضي تجذبهن أكثر من مساحيق التجميل، وهي نفسها التي طالما أقيم عليها القصاص بقتلها ركلا في الشارع، أصبح الجميع يتسابقون لاقتنائها والاعتناء بها كي لا تصاب بخدش ما... فلولاها تتحول حياة المغاربة إلى نكد وبؤس واكتئاب، فالفأرة تنسيهم مهازل السياسيين ودسائسهم مع اقتراب الانتخابات، وتعفيهم من الاستعانة بالآلة الحاسبة، أو الاتصال هاتفيا بكل وزراء المالية لإيجاد حل لمصاريف الأسرة بدءا من رمضان وانتهاء برحلة البحث عن كبش مليح أقرن.نقرة واحدة على بعض المواقع الإلكترونية المغربية وتفحص مواقع التواصل الاجتماعي تجعلك تنطق دون شعور بتلك العبارة الشهيرة "أراك للتبراع"، إذ تكتشف مغربا يفوق النرويج غبطة، ومواطنين مسالمين في بحبوحة العيش يتناقلون أخبارا ما أتى الله بها من سلطان، ويطلقون قهقهاتهم التي يتردد صداها في كل جبال الدنيا وبحورها.وتعميما للفائدة وإنصافا لقراء الصحافة المكتوبة نعيد نشر بعض ما جادت به هذه المواقع الإلكترونية، مساهمة منا في التخفيف عنهم من أخبار السياسيين وترشيحاتهم، وحروبهم وعباراتهم النابية التي لا تستثني وزيرا سابقا، ولا رئيس جماعة في بنسليمان ننتظر وفاءه بوعده بتصفية كل خصومه.الخبر الأول في أحد هذه المواقع من صنف العلوم، ونشر العنوان التالي:" شاب يصرخ من أذنه ويذهب للطبيب ليكتشف كائن غريب يعيش داخلها... شاهد ماذا وجد بها".. طبعا كل الأخطاء النحوية والإملائية مسموح بها، لكن الضغط على الرابط لمشاهدة الفيديو واكتشاف هذا الكائن الحيواني يستغرق الدهر كله، فقد أصيب مقطع الفيديو بالتلف، حينها تبدأ في لعن الحيوانات والكائنات، وتتهم جميع شركات الاتصالات بالتحايل لضعف صبيب الانترنيت، ثم تتخيل نفسك خنزيرا يعبث في تلك الأذن، وتكتشف، أخيرا، أن الحيوان الحقيقي هو من يصدق مثل هذه الأخبار فتموت من الضحك.. رحمك الله.الخبر الثاني فني، ونشر في أغلب المواقع تحت العنوان التالي:" فيديو فضيحة.. ابتسام تسكت ترقص عارية"، حينها يسارع هواة الرقص والعري للضغط على الرابط للاستمتاع بالفضيحة، فيخيب أملهم وتتبخر أحلامهم في رقص يوقظ شهوتهم، فلا يعثرون إلا على فتاة تخفي وجهها وترقص ب"البيكيني"، ولأن الفنانة تسكت تملك جيشا في العالم الافتراضي يفوق كل الأحزاب السياسية عددا وقوة ونفوذا، فإنهم يعلنون الثورة على دنيا باطما، ويتهمونها بفبركة الفيديو، ثم تدور حرب في الفايسبوك وتويتر بين جنود الفنانتين... وربما تنتهي الحرب في سوريا وينهزم الحوثيون في اليمن ويسود السلام ليبيا، ولا تتوقف المعارك بين الفنانتين.. ومرة أخرى تقرر الانتحار حتى تستريح.وفي الأخبار المتفرقة يستأثر موقع إلكتروني بالريادة بشعاره الخالد:"انشر خبرا مهما كان تافها واحصل على نقرة الفأرة"، فهو أشد بأسا من الحديد في "قصوحية الوجه"، كما أنه لا يعترف بالحدود الجغرافية، ولا يؤمن بالزمان والمكان.. فنال بذلك رضى الفضوليين، وعطف المتلصصين، وسخط المتنافسين، واحتل الرتب الأولى في ترتيب المواقع... اللهم أدمها نعمة عليه.في هذا الموقع تجد قصة حب لم يعشها قيس وليلى، ونشرها تحت عنوان: "انتحار شاب بعد انتحار حبيبته"، وحين تبدأ في التكهن بمكان الحادث تجد أنها وقعت في مدينة تدعى البحيرة، دون تحديد اسم الدولة، وما إن تستنشق نسيما يعيدك إلى وعيك حتى يلطمك بقصة أكثر درامية :"ضابط دركي يقتل صحافية لرفض أهله تزويجه بها"، وطبعا وقعت أحداثها في دولة لم تلتحق، بعد، بمنظمة الأمم المتحدة، لكن الموقع يعترف بها وينشر أخبارها... ثم يخيرك أخيرا بين الموت ضحكا، أوقطع يدك التي امتدت إلى الفأرة.تنبيه: لا أحد يدري سبب التماطل الحكومي في تنظيم قطاع الصحافة الإلكترونية، فالعبث والاستهزاء بالقراء ونشر الأخبار الزائفة تزداد بشاعة، ومليوني سنتيم على أقصى تقدير تجعل أي شخص صحافيا إلكترونيا.(*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com

شاعلة “شايلاه أ الفأرة”:

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ذاكرة المعتقلات السرية 4 سكورة... سجن العبور وسط الواحة

بنعمرو: سنحجز ممتلكات ولعلو

مقالات ذات صلة