ذاكرة المعتقلات السرية 3 تاكونيت… معتقل سري كان قصرا

التعذيب وسوء المعاملة تحولا إلى روتين يومي كشف الكتاب في الشق المتعلق، بمركز الاحتجاز تاكونيت، مجموعة من الحقائق، إذ لم يكن اختيار الكلاوي لمراكز قلاعه وقصباته وقصوره بالأمر العشوائي أو المرتجل، سيما في منطقة تشكل فجا واسعا ينفتح على الصحراء جنوب ورزازات. بل إن كل شيء كان في بالغ الدقة، محكم الدراسة منتقى بعناية كبيرة وتصميم إستراتيجي كبير، جمع نباهة القائد المخزني الكبير العارف بخبايا وأسرار المنطقة، وبين رؤية ثاقبة لمنظري الإستراتيجية الاستعمارية الفرنسية، في منطقة ليس بالصدفة أن تكون حاضنة لقصبات تعود إلى العهدين السعدي والإسماعيلي.مركز تاكونيت، إحدى هذه القصبات/ القصور، بنايته من تراب، لكن بداخله كل معالم الأبهة من زخرفة وأقواس وشكل بناء مميز. سوره يرتفع إلى خمسة أمتار وساحته الفسيحة الأرجاء تعتبر الأكبر بين كل ساحات قصبات الاحتجاز. جاء في الكتاب أن قصبة أو قصر الكلاوي استعمل من طرف الجيش الفرنسي وجيش التحرير المغربي، ثم الجيش الملكي خلال ما عرف بحرب الرمال، واستعملته في ما بعد مصالح القوات المساعدة، ومازالت مشرفة عليه اليوم. ويعتبر الأشخاص المنتمون إلى المجموعة المعروفة بمجموعة الدار البيضاء أول من احتجز بهذا المركز، والتي تتكون من 215 شخصا اعتقلوا بين دجنبر 1971 وبداية مارس 1972، لمناسبة استضافة البيضاء مؤتمر القمة الإسلامي. وتضم هذه المجموعة عددا من المتشردين والمتسولين، كما تضم التلاميذ ومستخدمين تم اعتقالهم، سواء في الشارع، أو من أماكن كانت تؤويهم ليلا. وكانت أعمارهم تتراوح بين 14 سنة و70، تم احتجازهم بمركز يوجد بالحي الحسني قبل أن يتم نقلهم على دفعتـين إلى المركز. تكونت الدفعة أولى من 140 شخصا، نقلت بتاريخ يناير 1972 ثم الدفعة الثانية تكونت من 75 شخصا نقلت بتاريخ مارس 1972. وأكد أصحاب الكتاب أن مدة احتجاز مجموعة الدار البيضاء ناهزت 28 شهرا. قبل أن يتم تنقيل من تبقى منهم على قيد الحياة إلى ثكنة القوات المساعدة بشارع الجيش الملكي بالبيضاء خلال أبريل وماي 1974 ليفرج عنهم خلال يونيو من السنة ذاتها. ولم يخف الكتاب ظروف الاحتجاز، مشيرا إلى أنه حسب تقرير هيأة الإنصاف والمصالحة، كانت كل مجموعة تتكون من ثلاثين فردا تحتجز في غرفة واحدة، يفترشون الحصائر المصنوعة من الدوم ويستعملــــــــــــون أغطية بالية. كما كانوا يقضون حاجاتهم في "سطل" واحد وضع رهن إشارتهم. كانت أبواب الغرف تفتح في بداية الأمر مرة واحدة، لتمكين لمحتجزين من قطع الخبز، إلا أنه أصبحت تفتح طيلة اليوم. وتفيد شهادة الضحايا التي تضمنها الكتاب أن التعذيب وسوء المعاملة تحولا إلى نوع من الروتين اليومي، إذ كان المعتقلون يتعرضون للعنف والإجبار على الوقوف تحت أشعة الشمس لخمس ساعات. كما كان يتم تسخيرهم في بعض الأعمال، مثل شق طريق محاميد الغزلان وتوسيعها، والحفر بجانب القيادة وقرب السوق.يصف الكتاب المعتقل بأنه على شكل مربع، يوجد في زاوية منه برج للمراقبة، وتوجد الغرف الأساسية بين الأبراج، بالإضافة إلى قاعات صغيرة كانت تستعمل أيضا لأغراض الاحتجاز، إحداها يعلو جدرانها وسقفها السواد ما يوحي أنها كانت تستعمل مطبخا.يتكون أيضا المركز، حسب ما جاء في الكتاب، من جناحين، الأول يتم الولوج إليه من باب صغير وجد عند نهاية جدار المركز من الجهة اليسرى، وهو عبارة عن بناية محاذية للمعتقل الرئيسي أصغر منه بكثير، وأقل جودة من حيث طريقة ومواد البناء المستعملة في تشييده. حالته متردية، ويتكون من فناء صغير وقاعات ضيقة. يوجد في إحدى زوايا ساحته ممر ضيق به باب، لا يمكن دخوله إلا في وضعية القرفصاء، يؤدي إلى غرفة صغيرة مساحتها 22 مترا مربعا في جدرانها أربعة ثقوب كبيرة من الجانبين.أما الجناح الخلفي الثاني فيتم الولوج إليه من مدخل صغير عبارة عن ثقب في الجدار يحتوي على غرفة صغيرة، ربما كانت تستعمل لعزل بعض المعتقلين أو إقامة للحراس.ويوجد الجناح الثالث داخل سور مستقيم يتم الولوج إليه من ساحة المعتقل مقابل باب الجناح الثاني وتوجد به بئر استعملت للتزود بالماء. وفي إحدى غرف البناية توجد بقايا كتابات المحتجزين وخربشات على الجدران تدل على محاولات لعد الأيام. وسط البناية ساحة تحيط بها ثلاث غرف كبيرة وغرفتان صغيرتان. وداخل الزنزانة نفسها كتابات بحروف عربية ولاتينية وعلامات قلوب ممزقة.لا تبعد البناية كثيرا عن تجمع سكاني لأبناء المنطقة الذين فرض عليهم الصمت والنأي بأنفسهم عما يدور داخلها، مع زرع الإشاعات بينهم بخطورة المحتجزين بها على أمن البلاد وسلامة مواطنيها. إعداد: إيمان رضيف

ذاكرة المعتقلات السرية 3 تاكونيت… معتقل سري كان قصرا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ابتزاز جنسي عبر النت ... خليجي صائد الغزلان

الحكومة ترفض ابتزاز مجموعة "كورال"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات