الجم كان مدرسا للغة العربية رغم اهتمام محمد الجم بالتردد على فضاءات سلا، خاصة "باب سبتة" لمتابعة رواد فن "الحلقة"، إلا أن انشغاله بها باعتبارها متنفسا حقيقيا بالنسبة إليه ومسرحا من مسارح الحياة لتلقي تكوين فطري أولي وصقل موهبته في التمثيل، لم يكن على حساب اهتمامه بمتابعة دراسته. "لم يكن لعروض "الحلقة" أو اهتمامي بالتمثيل أي تأثير على دراستي، بل كان يمنحني فسحة بعد متابعة دروسي" يحكي محمد الجم، الذي كان يحرص على تنظيم وقته حتى يضمن بذلك استمتاعه ونجاحه في دراسته. اشتهر محمد الجم وسط أصدقائه وأساتذته بعشقه للتمثيل، فكان لا يتوانى أساتذته كلما سمحت الفرصة لهم داخل القسم على دعوته لتقليده أحد الأطر التعليمية داخل المؤسسة التي يتابع بها دراسته في أجواء لا تخلو من المتعة. استطاع محمد الجم أن يحظى بإعجاب أساتذته الذين شجعوه في طفولته وصفقوا لموهبته، ما جعله أكثر ارتباطا بمجال التمثيل ورغبته في تجسيد أو "تقليد" شخصيات أخرى أغلبها تنتمي إلى محيطه. تعد طفولة محمد الجم بعيدة عن الشغب الطفولي، إذ كان يعتمد على ذكائه وسرعة بديهته أكثر، ما جعله تلميذا لامعا بين زملائه في الدراسة، على حد قوله. كان محمد الجم دائما يحس أنه مميز عن باقي زملائه في القسم، خاصة من خلال تمكنه من القيام بأمور فنية يصعب على الآخرين فعلها، ليكون بذلك محط أنظار محيطه ويلقى تشجيعا جعله يضع أولى الخطوات في مسار فني استمر عقودا. لم يكن محمد الجم يتخلف عن موعد الحفلات المدرسية لأي سبب من الأسباب حتى لو تعلق الأمر بمرضه، إذ كان دائما من الأسماء الحاضرة بقوة في حفلات نهاية السنة الدراسية، من أجل تقديم أعمال مسرحية لفتت انتباه أساتذته الذين تنبؤوا له بمستقبل في المجال ذاته. تابع محمد الجم دراسته بثانوية النهضة بسلا بالموازاة مع اهتمامه بمجال التمثيل، واختار أن يكون تعليمه في الحقل الأدبي، إذ حصل سنة 1968 على شهادة الباكالوريا شعبة الآداب بعد اجتيازه لامتحاناتها الكتابية والشفوية بمنطقة يعقوب المنصور بالرباط. كان محمد الجم يرغب في أن يحقق حلمه ويتابع دراسته في مجال التمثيل في مصر، سيما أنه خلال الفترة ذاتها لم يكن أي معهد متخصص في المجال، لكن الظروف والإمكانيات المالية لم تكن تسمح بذلك. تابع محمد الجم في ظل ذلك دراسته ليشغل مباشرة بعد تخرجه منصب مدرس لمادة اللغة العربية، بعد أن كان حلمه الحصول على شهادة في مجال التمثيل. أمينة كندي