“زماكرية” يحتلون عين الذياب

تهافت على الملاهي الليلية وإقبال شديد على "المولات" وقاعات السينما تؤشر ليالي الصيف على الشريط الساحلي عين الذئاب بالبيضاء، على ظاهرة مثيرة بالمغرب: سكان المدن الصغرى والهادئة ينشدون خلال عطلهم، أجواء الازدحام والتلوث الذي يميز المدن الكبرى، لذلك يحلون بأعداد كبيرة لملء الفراغ الذي يخلفه البيضاويون بمغادرتهم "المتروبول" بحثا عن هواء نقي بالمدن الجبلية والساحلية الصغيرة. "الصباح" قضت ليلة كاملة في عين الذئاب، ورصدت أن الكائنات الليلية للبيضاء هذه الأيام، جاءت من الضواحي الفرنسية ومن المدن الصغيرة. كبار النجوم "غبرو" ليلة العيد يستقر عقرب الساعة عند منتصف الليل، حينما تحل "الصباح" أمام "وناسه" و"أوسكار"، الملهيين الليليين اللذين يستقطبان نجوما كبارا من أجل زبناء متوسطين. وأمام السياج الذي آلف المشاة أن يجدوا عليه صورا ضخمة لأشهر النجوم ومواعد حلولهم بالملهى، لا توجد سوى لافتة متسوطة عليها صورة "الصنهاجي"، الفنان الشعبي.تراءت صورة النجم، من بعيد، لمجموعة من الفتيات والفتيان، حلوا بالشارع يبحثون عن ملهى يضمن ليلة "شاخدة"، فقرروا الاقتراب أكثر، لعلهم يكونون قد وجدوا مرادهم، غير أنه، بتدقيقهم في العبارة التي تعلو صورة "النجم"، يصابون بالخيبة: "ليالي العيد". لقد فهموا، أن النجوم المشاهير، غادروا ملاهي عين الذئاب منذ ليلة العيد، نحو المنصات الكبرى للمهرجانات الصيفية بعدد من المدن، ونحو أعراس المليارديرات، الذين يجودون على النجوم بأظرفة تعفيهم من استجداء "الغرامة" لدى السكارى في الملاهي. "جوانات" كتامة وأنت تمشي بين الأزقة المتفرعة عن الشارع الرئيسي لعين الذئاب، حيث تختبئ ملاه ليلية كثيرة، يحدث أن تمر بقرب مشاجرات بين بعض الشباب، واحتكاكات بين السائقين. وحينما تصيخ السمع جيدا للشتائم التي يتبادولونها، قد يخيل إليك، إن كنت ثملا، أنه رمي بك، في أزقة إحدى الضواحي الفرنسية، حيث تحتمي الجاليات من أصول مسلمة.وليس تبادل الشتائم وحدها بلهجة الضواحي الفرنسية، التي تؤشر أن عين الذئاب احتلها شعب "واش مون بوط" (كيف حالك)، بل حتى التدقيق في لوائح ترقيم السيارات، يكشف أن الكائنات الليلية لعين الذئاب اليوم، قدمت من فرنسا وإيطاليا وبلجيكا، والباقي من المدن الداخلية للمغرب.ولا يبدو أن "زماكرية" عين الذئاب، جلبوا معهم أموالا كثيرة، وللوقوف على ذلك، يكفي أن تلتفت ذات اليمين وذات الشمال، وستقف على مشهدين اثنين، يتكرران هذه الأيام: مجموعات "الزماكرية"، الذين يتأبطون حاملات أوراق ذات أحزمة ترسم خطا أفقيا فوق ثيابهم، وهم منهمكون على الأرائك الإسمنتية لعين الذئاب، من أجل "فتخ جوانات كتامية"، تفقدهم الوعي، قبل ولوج الملاهي، حتى لا يستهلكوا كثيرا من الكحول المرتفعة الثمن.والمشهد الثاني، أبطاله، أولئك الأوفياء لعادة قديمة، تتمظهر في سيارات "ديكابوتابل" متوسطة، يجولون شارع عين الذئاب، وقد رفعوا من صوت الموسيقى في سياراتهم إلى أقصاه، خالقين لأنفسهم، علبا ليلية متنقلة، عوض الولوج إلى ملاهي الشريط الساحلي." كساد" الجنس لقياس مؤشر نشاط سوق الخدمات الجنسية في عين الذئاب، لابد من الانتظار إلى أن يستقر عقرب الساعة في حدود الثالثة بعد منتصف الليل، التوقيت الذي تشرع فيه الملاهي في لفظ ممتهنات الجنس وزبنائهن.وخلال ليلة الاثنين الماضي، كانت النتيجة واضحة: إن الكساد أصاب خدمات أغلب بائعات المتعة الجنسية، إذ كما قدم بهن سائقو سيارات الأجرة المتعاقد معهم، عادوا لأخذهن نحو بيوتهن، ثملات ودون صيد.وحتى في النهار، يظهر من غياب كثيرمن ممتهنات الجنس، عن الأرائك الوثيرة لنوادي "الشيشة"، أنهن، غادرن المدينة مع الزبناء البيضاويين نحو المدن الساحلية الصغيرة، من أجل جلسات سمر ليلي على الشواطئ تحت أشعة البدر والنجوم، أو داخل "الكابانوهات" والشقق الصغيرة المطلة على الموج.أما الوفيات لليل عين الذئاب، شتاء وصيفا، فإن جولة داخل بعض الملاهي الليلية، تظهر تزاحمهن أمام "الكونتوار"، لقلة الزبناء، الذين يحجزون الطاولات وعليها قناني "الويسكي" و"الفودكا"، وهو نفسه الكساد، الذي يبرزه إحجام الزبناء الموجودين عن دفع "الغرامة" للفرقة الموسيقية. "شباط" وحده يغني للأسر طيلة ليلة الاثنين الماضي، جالت "الصباح" كثيرا في عين الذئاب، بحثا عن مطعم يقيم سهرة خاصة بالأسر، كما يحدث عادة، في مدن مثل أكادير، حتى كاد الباحث يفقد الأمل، لولا أنه فكر في اقتفاء أثر الأطفال والأسر في باحة مطعم أمريكي للوجبات السريعة.من هناك ينبعث من جهة البحر، وفوق باحة يخفيها الضباب، صوت "الجرة" و"العيوط"، وبالاقتراب، تجد في استقبالك أمام مدخل باحة "ميامي"، طاولة مستطيلة، يقف وراءها شاب، أمام قلم وكناشي تأشيرات الدخول، الأول خاص بفضاء الهواء الطلق، وتكلف 50 درهما، والثاني خاص بتأشيرات فضاء "في آي بي". وعندما تحني رأسك، وتعاين واجهة الطاولة، تطالعك صورة مثبتة بعناية لنجم السهرة، الذي ليس سوى "حميد شباط"، أحد نجوم الفن الشعبي بعين الذئاب، الذي قرر بدوره الاختفاء من الملاهي التي يزاحم فيها النجوم المعروفين وطنيا، وقرر اللجوء إلى "ميامي"، من أجل الغناء للأسر والعائلات. "المولات"... احتياطي سنة من الملابس في الساعة التاسعة مساء الاثنين الماضي، بدأت بوابات "المولات" التجــارية لعين الذئاب، تلفظ زوارها، استعدادا لإقفــال حسابات اليوم، من أجــل الإغلاق في العــاشرة مساء، ويظهر الازدحام الذي يعرفه "أكواريـــوم" المركب التجاري "موروكومول"، وكثـــرة الزوار الذين أخرجوا هــواتفهم لالتقاط صور، أن الأمر يتعلق بزوار غير اعتياديين.لقد استقطب مهرجان التسوق والتخفيضات، الذي نظمه أكبر "مول" بإفريقيا، وتملكه سلوى، زوجة الملياردير عزيز أخنوش، أعدادا كبيرة من الزوار من خارج البيضاء، وباعتراف، أيمن وعلي، يافعان سألتهما "الصباح" عن أسباب مغادرتهما لأكادير وشاطئها الرحب، والقدوم نحو البيضاء في العطلة، ظهر أن بعض سكان المدن الصغيرة، يأتون إلى البيضاء في الصيف بحقائب فارغة، ويغادرونها، وقد اقتنوا زاد عام كامل من الملابس.وحسب مستخدمة في أحد محلات علامة تجارية عالمية للملابس، يستغل زوار البيضاء فرصة مواسم التخفيضات، فيقتنون ملابس "أصلية" لعلامات كبرى، لافتقاد الطبقة المتوسطة في المدن الصغيرة لتلك المحلات، ولا يخفي أيمن وعلي، أنهما صرفا على الملابس في المحلات التي تضع أسعارا تتراوح بين 100 درهم و600 للقطعة الواحدة، 4 آلاف درهم، لكل واحد منهما.تفضيل الأســـــر المتــوسطـــة بالمــــدن الصغيرة، البيضاء وجهة خلال عطلــــــة الصيف، لا تمليـــه فقــط الرغبة فــــي التســــوق، بل أيضــا بنيات التــرفيــه والثقــافــة الحضرية التي توفـــرها المدينـــة الأكبـــر بالمغـــرب، ممثلا في "إيماكس" و"ميكاراما"، المركبين السينــمائيين اللـــذين يوفــــران اختيــارات سينمــــــائية متنوعــــــة وعروضا ثلاثية الأبعاد.

“زماكرية” يحتلون عين الذياب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قناص أطاح بدركيين4

أمراء الدم… إجرام بغطاء ديني 3 سرقة مسدسات لفائدة إرهابيين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات