“سيدي قنقوش” تحت رحمة التجار الموسميين

يعتبر من الروائع الطبيعية بطنجة ويحتاج إلى تعزيز بنياته التحتية مدينة البوغاز، سحرها يتجلى في أنها مدينة البحرين، فشواطئها تمتد على الساحل المتوسطي، مرورا بشاطئ الغندوري، المتصل بالشاطئ البلدي، إلى القصر الصغير، نقطة الحدود ما بين ولايتي طنجة وتطوان. وتطل كذلك على الأطلسي من شاطئ أشقار إلى أصيلة، عبر شواطئ سيدي قاسم والغابة الدبلوماسية، وهذا ما يعطي الزوار متعة تتجلى في إمكانية تغيير أماكن الاستجمام، ويضفي على عطلة الصيف نكهة ذات طعم خاص. وبعيدا عن ضوضاء الشواطئ المجاورة للمدينة، على بعد 15 كيلومترا شرقا في اتجاه الميناء المتوسطي، عبر طريق ساحلية جبلية مكسوة بالأشجار، تجد شاطئ «سيدي قنقوش»، الذي أصبحت شهرته مكانا للاصطياف طاغية، نظرا لأنه يتحول خلال فصل الصيف إلى محج لآلاف المصطافين الذين يأتون إليه من كل صوب.«سيدي قنقوش» مصطاف بتراب جماعة القصر الصغير، في الطريق إليه تلاحظ نساء يجلسن على قارعة الطريق لبيع غلال أرضهن الصغيرة، وهن يرتدين لباسا موحدا، «شاشية» على الرأس مزركشة بخيوط خضراء وحمراء وزرقاء، ومناديل بيضاء مزركشة هي الأخرى بكل الألوان، ما يوحي لك بأنك في الطريق إلى ملعب «نوكامب» معقل الفريق الإسباني الشهير «البارصا».الطبيعة في هذا المكان باذخة، إذ من النادر أن تجد لها مثيلا في بلدات أخرى، مئات من سكان طنجة وزوارها يأتون كل يوم إلى هذا الشاطئ، إما من أجل السباحة والاستجمام أو لممارسة هوايتهم المفضلة في صيد السمك والاستمتاع بارتعاشة قصبات صيدهم وبزرقة البحر ونسيمه.عبد الحق الصغير، مهاجر بفرنسا، دفعته الأجواء الحارة التي تعيشها طنجة خلال هذه الأيام إلى الهروب مع زوجته نحو شاطئ «سيدي قنقوش»، الذي يعتبر واحدا من أجمل الشواطئ على مضيق جبل طارق وأحد الروائع الطبيعية الخلابة التي تنافس الشريط الساحلي الأندلسي بجنوب اسبانيا، رغم ضعف الإمكانيات المادية والبشرية.يقول عبد الحق إنه «لا يمكنك أن تدعي أنك زرت طنجة بدون أن تزور شاطئ «سيدي قنقوش»، فرغم الاكتظاظ ووعورة الطريق المؤدية إليه، يبقى من أهم الشواطئ الخلابة التي تزخر بها المنطقة، لأنه يشبه بحيرة بحرية على ضفاف خليج مفتوح، يفتن عين الزائر ويشكل قبلة لأعداد هامة من أبناء المنطقة وزوارها».أما زوجته فاكتفت بقولها إن «هذا الشاطئ جميل وهادئ يتميز بنعومة أمواجه وزرقة مائه رائعة، وكذا برماله الذهبية المرنة جدا والخالية من الحجر أو بقايا الصدف، إلا أنه يحتاج إلى قليل من العناية والنظام».بشرى، وهي واحدة من مرتادات الشاطئ صحبة أولادها الثلاثة وزوجها، عبرت عن انزعاجها التام من الاحتلال الكامل للشاطئ من قبل التجار الموسميين، الذين يقومون بنصب كراسيهم وموائدهم على طول الساحل، الذي يعتبر ملكا عموميا من حق المصطافين استغلاله، خصوصا أولئك الذين يفضلون الاسترخاء فوق الرمال للاستمتاع بأشعة الشمس، مؤكدة في الوقت نفسه على ضرورة مراقبة المأكولات المعروضة والأثمنة، حفاظا على صحة المستهلكين وحماية لهم من الابتزاز.الأسر القادمة إلى شاطئ «سيدي قنقوش» لا تحتاج إلى جلب مواد غذائية لتسد بها رمق أبنائها، بل هناك أكشاك ونقط للتزود بالأكل الجاهز أو المعلب، بعدما منحت الجماعة رخصة استفاد منها فقط 8 من أبناء المنطقة.وحسب شهادات جمعتها «الصباح» من المكان، يبقى شاطئ «سيدي قنقوش»، رغم مئات السياح الذين يقصدونه بالانتظام، يفتقر إلى بنية استقبالية مؤهلة، بما فيها المرافق الصحية الضرورية، إذ رغم إنشاء بعض الأكشاك الخشبية للصرف الصحي، التي لم يتم فتحها في وجه الزوار لأسباب مجهولة، تظل الغابات المجاورة هي الملاذ الوحيد لقضاء الحاجة.وأمام هذه الصور المتناقضة، بين الخصائص الطبيعية النادرة لشاطئ «سيدي قنقوش» والنقص الواضح في التجهيزات الضرورية، سيبقى هذا المكان الفريد من نوعه ينتظر تدخلا عاجلا من قبل الوزارة الوصية على قطاع السياحة والمسؤولين المحليين لتوفير بنية تحتية تكون في مستوى سمعته التي بلغت العالمية، والرفع من مؤهلاته من حيث الأمن والراحة والاستقبال والترفيه، حتى يصبح وسيلة لفك العزلة عن أهالي منطقة تعاني الفقر والبطالة وقلة الولوج إلى الخدمات العمومية. مطاعم تقليدية لإعداد السمك بعبورك للممر المؤدي إلى شاطئ «سيدي قنقوش»، يصادفك شريط من المطاعم التقليدية، وهي عبارة عن «براريك» قصبية صغيرة متخصصة في إعداد السمك، سواء المطبوخ (الطاجين) أو المشوي على الفحم، خاصة السردين المحلي، وهو ما يعطي لزوار هذا الشاطئ فرصة تناول وجبة شهية من السمك في الهواء الطلق وعلى بعد أمتار من مياه البحر.يقول بلال الطلاب، وهو صاحب أحد هذه المطاعم، «إننا لا نسعى إلى الربح بقدر ما نسعى إلى توفير الراحة لزوارنا، وتقديم وجبات متنوعة بأسعار مناسبة جدا، حتى نستقطب أكبر عدد من السياح المغاربة والأجانب، وعلى رأسهم أبناء جاليتنا الموجودة في الخارج، التي تعشق هذا الشاطئ وتتردد عليه كل سنة». بلال، ابن المنطقة، لا يعرض لائحة لأثمنة الوجبات التي يقدمها، بل يعتمد في تحديد الأسعار على طريقة «التفاهم»، إذ يمكنك أن تأكل «طاجين» من سمك «الشارغو» أو «البغار» مثلا بـ 80 درهما، في حين تجد بجانبك شخصا آخر يتناول «الطاجين» نفسه بـ 70 درهما أو أقل، وذلك حسب «شطارتك» كما يقول بلال.أما بخصوص «شواية السردين» فثمنها محدد ويبلغ 20 درهما لدى جميع الأكشاك تقريبا، دون احتساب ثمن السلاطة (10 دراهم)، والمشروبات الغازية (10 دراهم)، أو كؤوس الشاي المنعنع (7 دراهم).ولا تكتفي هذه المطاعم بتقديم وجبات السمك فقط، بل تقدم كذلك أنواعا من الوجبات السريعة (سندويتش)، المكونة من التون والبيض والكاشير والخضر، وثمنها يتراوح بين 12درهما و15، بالإضافة إلى بعض المرطبات التي يتم تبريدها بوضعها في براميل مملوءة بقطع ثلج مستورد. المختار الرمشي (طنجة)

“سيدي قنقوش” تحت رحمة التجار الموسميين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفاصيل مثيرة في عملية السطو على 250 مليونا

التزكيات تبعثر الخريطة بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات