يعرف مخيم شاطئ طاماريس بجماله وهدوئه، إذ مازالت عدد من العائلات تتمتع بجمال الشاطئ كل صيف. قبل ثلاث سنوات، شهد الشاطئ حربا دامية كسرت هدوءه، بين بعض سكان الدواوير المجاورة للمخيم، وبعض مرتاديه الذين يملكون «كابانوات». ولهول ما حدث، مازال بعض مرتادي المخيم يتذكرون الحادثة، لأنها كانت حربا حقيقية بين ما يقارب 50 شخصا، استعملت فيها أسلحة بيضاء وسيوف وعصي وحجارة. كانت البداية عندما تواجه شباب من أبناء المنطقة، وآخرون من زوار المخيم، في مباراة لكرة القدم، قبل أن تتحول إلى شجار وملاسنات، انتهت بمعارك بالأيدي، ومن ثم إلى مطاردة وفوضى في الشاطئ، لتنطلق إلى الدواوير المجاورة، عندما لجأ قاطنوها إلى أصدقائهم لطلب المساعدة. بعد دقائق، اعتقد الجميع أن المواجهات انتهت، وعاد كل واحد أدراجه، غير أن أبناء المنطقة كان لهم خيار آخر، ليتفاجأ المصطافون باقتحام العشرات لأسوار المخيم، مدججين بشتى أنواع الأسلحة البيضاء، مهاجمين كل من اعترض طريقهم في مشهد هوليودي بامتياز. اقتحموا البيوت و»الكابانوات»، خالقين حالات إغماء في صفوف بعض الأمهات، وحالة رعب كبيرة في صفوف الأطفال والعائلات، بحكم أن المخيم كان يعج بالمصطافين، الذين تعودوا على القدوم إلى «طاماريس» للاستمتاع بالعطلة. وأمام هذا الوضع الخطر الذي دام ساعة من الزمن، استعملت فيها كل أدوات الترهيب والتخويف، اتصل بعض الأشخاص بالدرك الملكي الذي لم يتأخر بالقدوم إلى المخيم، لتتفاجأ عناصره بحالة الفوضى العارمة، التي عمت المكان. اضطر رجال الدرك إلى اعتقال العشرات، في الوقت الذي أصيب فيه آخرون بجروح متفاوتة الخطورة، فيما اختار البعض الآخر الهرب إلى المناطق المجاورة خوفا من الاعتقال. ولم تنته القصة عند هذا الحد، إذ ظل سكان المخيم يتعرضون لمضايقات خاصة في ساعات متأخرة من الليل، من مجهولين، بعدما اعتقل الدرك أصدقاءهم. لم تكن الأجواء جيدة في المخيم، فقررت بعض العائلات قطع إجازاتها، والعودة إلى منازلها خوفا على سلامتها، في انتظار عودة الأمن والهدوء إلى المخيم. كان من الصعب على الكثير منهم تغيير وجهة عطلتهم، بعدما قضوا في ذلك المخيم أبهى لحظات عطلهم في السنوات الأخيرة. وبعدما تدخل الدرك في القضية، كان على «المتحاربين» الاختيار بين الصلح أو الزج بأغلبهم في السجن، لتبدأ المفاوضات التي دامت أسابيع، قبل أن تصل الأطراف إلى اتفاق. كان الجميع في مخفر الدرك يتبادل اللوم، متناسين أنهم عرضوا حياة مصطافين للخطر، غير أن الدرك كان له الكلمة الأخيرة، بتعزيز الأمن، وإعادة الهدوء إلى المخيم بأسرع وقت. العقيد درغام