أطلقت الفنانة لطيفة رأفت، أخيرا، أغنية منفردة جديدة اختارت لها عنوانا "كنا وكنتو"، في خطوة ذكية أرادت من خلالها أن تثبت للجميع أنها قادرة على مسايرة الموجة الجديدة من الأغاني "المغربية" السائدة اليوم في السوق، وأنها قادرة على المنافسة، بعد أكثر من 33 سنة قضتها في مجال الفن والغناء.الأغنية، ومثل أي منتوج آخر، تعرضت لانتقادات البعض الذي اتهم الفنانة بالإساءة إلى تاريخها الفني، والإسهام في انحدار مستوى الأغنية المغربية إلى الحضيض، مع أن لطيفة، كانت حريصة على انتقاء كلمات بعيدة عن السوقية وحاولت الحفاظ على روح أغانيها القديمة مع التجديد على مستوى الموسيقى والتوزيع."كنا وكنتو" ليست في مستوى "خيي" أو "مغيارة" أو غيرهما من الأغاني التي اشتهرت بها لطيفة رأفت، لكنها أغنية ابنة وقتها. وهو ما تستحق عليه التحية والتصفيق لأنها لم تكتف بالتفرج والتحسر على ما مضى وانتقاد الآخرين، بل اجتهدت واستثمرت اسمها ورصيدها الفني وحب جمهورها ونزلت السوق لتضرب فيه بكل ثقلها، وهذه خطوة تحسب لها لا عليها. الآخرون، اكتفوا ب"التنظير" من فوق أبراجهم العاجية، ومهاجمة الجميع دون استثناء. تجدهم يولولون في المقاهي والبارات وعلى صفحات الجرائد وفي البرامج التلفزيونية والإذاعية... يتحسرون على زمن الأغنية الجميل... يبكون على الأطلال.. مع أنهم تركوا الساحة فارغة لسنوات طويلة... والطبيعة لا تحب الفراغ. الفنان الذكي هو الذي يعرف كيف يساير روح العصر. لذلك لا يتردد الفنانون في مصر ولبنان والخليج في تحويل مسار صنعوه لسنوات طويلة، إلى 180 درجة، إذا أحسوا أن "السوق عايزة كده"، دون أن يعني ذلك تنازلهم عن الكلمة الراقية والنغمة الجميلة. وهنا تكمن "تمعلميت ديال بصح". نموذج "الديفا" سميرة سعيد يحضر بقوة في هذا السياق. عابوا عليها أنها تنكرت للأغنية المغربية بعد أن نجحت في مصر. وكان ردها دائما أنها إذا غنت المغربي فلن يكون بالطريقة أو الشكل الذي بدأت به مسارها الفني، بل تلزمها أغنية مغربية متجددة تشكل إضافة إلى مسارها الفني، ورفضت أن تغني أغنية مغربية فقط لأنها كذلك. أثبتت الأيام أن سميرة سعيد كانت على حق. حين غنت "ما زال"، رددها معها "الصغير والكبير"، وحين صورت "فيديو كليب" الأغنية، قامت بضربة معلم وتركت الجميع يستشهد بذكائها وقدرتها على التلون غنائيا كحرباء. لذلك ظلت سميرة سعيد دائما خارج المنافسة، هي التي أصدرت أول ألبوماتها بداية السبعينات، وما زالت متألقة إلى اليوم، لأنها تجاوزت زمن "علمناه الحب" و"قال جاني بعد يومين" و"احكي يا شهرزاد"... ولم تستقر عنده.عمالقتنا، ما زالوا أوفياء ل"ريبيرتوارهم" القديم. كلما ظهر أحدهم على الشاشة وحمل ميكروفون، يردد أغنية له عفا عليها الزمن. لا جديد في الأفق. وحين يتحدث، تجده يتباكى على زمن الأغنية المغربية الجميل، مع أنه سنوات "وهوا غير مربع يديه"، "ما يخدم"، "ما مخلي الآخرين يخدمو". شغله الشاغل هو "الهضرة" و"التقشار" والانتقادات "الخاوية". لذلك، تستحق لطيفة رأفت تحية احترام وتقدير، لما قدمته للأغنية المغربية أيام عزها، ولاجتهادها من أجل الوصول إلى جمهور جديد، عصري وشاب، وهي محافظة على "الستيل" والبصمة. لقد قالتها في العنوان "كنا وكنتو"..."غير اللي ما بغاش يفهم"... برافو لطيفة... (مع حفظ الألقاب طبعا). (*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com