مرة أخرى، يثير فيديو سيدة رفقة طفلة صغيرة بطنجة تعرضت للسرقة وتحرش جماعي، اهتمام الفيسبوكيين ووسائل الإعلام، دون أن يحرك ساكنا في المسؤولين وأصحاب القرار في "أجمل بلد في العالم".قبله كانت قضية "الصاية" التي "شوهت" المغرب عبر العالم، والتي تم "ضمسها" بحكم براءة، ثم كان "فيديو" فتاة آسفي التي استفز "شورتها" المكبوتين من النساء والرجال في أحد أسواق المدينة، واعتبروه منكرا ما بعده منكر... وقبل كل هذا وذاك، هناك تحرش يومي بشتى الأشكال والألفاظ والعبارات، والذي قد يصل سريعا إلى تحرش جسدي وعنف واعتداء، في حق الأنثى، فقط لأنها أنثى، لا فرق في ذلك بين التي ترتدي الجلابة، أو "جينز" و"تي شورت" أو تلك اللي "معرية الصدر وخارجة تتبندر".ولا أحد يحرك ساكنا. لا مناضلات الجمعيات النسائية التي تتبنى خطابا نخبويا لا علاقة له لما يقع حقيقة في الشارع، ربما لأنهن يتحركن أغلب الوقت في كاتكاتاهن المكيفة وما كيا يزيدوش على رجليهم وما كا ياخدوش الطاكسيات، ولا يعرفن من الجنس الخشن سوى أصحاب الكرافاتات الذين يلتقينهن في اجتماعات وندوات الفنادق الكبرى المصنفة، ولا البرلمانيون وممثلو الشعب، الذين لا هاجس لهم سوى المزايدات السياسية الفارغة، ولا الأحزاب المشغولة ب"الكوتا" وبتلميع صورتها، أكثر مما هي مشغولة بقضايا النساء الحقيقية. وإذا كانت الدولة جندت جميع وسائلها وآلياتها لمحاربة الإرهاب، والحفاظ على أمن المملكة، التي تشكل "الاستثناء" في العالم العربي، فعلى مسؤوليها أن يدركوا أن الاعتداء الجنسي على النساء ليس سوى شكل من أشكال الإرهاب النفسي والفكري الذي يمارسه البعض على المغاربة، والذي يمسهم في أمنهم وأمانهم، ويريد أن يحولهم إلى دولة ملالي وتشادورات وبراقع. من حق النساء أن يرتدين ما يحلو لهن من ثياب وزينة، ويتجولن بكل أمان وطمأنينة في الشوارع والمحلات والشواطئ وأماكن العمل والأسواق والمارشيات، ومن لم يستطع من الديوك أن يغض النظر، فما عليه سوى أن يجمع "باليزته" ويطلب اللجوء إلى إيران أو أفغانستان أو أي بلد يعتبر فيه خيال المرأة نفسه عورة. على المسؤولين أن يضربوا بيد من حديد في موضوع التحرش والاعتداء الجنسي على نساء المغرب. القانون، سواء كان مجرد مشروع أو دخل حيز التنفيذ، لا يمكن أن يغير عقليات البعض الذي لا يفهم إلا ب"العصا". وفي هذه، نقولها بدون حرج: الهرماكة هي الحل. في هذه المسألة بالضبط، ما كاين لا حقوق ولا هم يحزنون. المغربيات، يحتجن إلى الحماية وإلى أن تتعامل الدولة بصرامة مع كل من يمسهن في شرفهن أو عرضهن أوكرامتهن، قبل أن يصبحن مضطرات إلى الخروج بالجناوا والزيزوارات وجميع أنواع الأسلحة البيضاء التي يمكنهن من خلالها أن يدافعن عن أنفسهن. أما أولئك الحاقدين على المرأة، المعقدون في الأرض بسبب أنثى، فليوفروا "غيرتهم" و"نخوتهم" الفارغة تلك لأمور أكبر. وبدل أن يستفزهم "شورت" أو "صاية" أو "صاك" الداودية، فلتضربهم "النفس" على "الشانطيات المحفرة" وعلى الإدارات الفاسدة والمستشفيات الفظيعة وعلى الزيادات الظالمة وعلى نظام التعليم الفاشل... وعلى العديد من الاختلالات التي تحتاج إلى وقفة "رجال"، ماشي إلى ذكور ما زالوا لم يتعلموا السيطرة على انتصاب عضوهم التناسلي كل ما مر بهم ظل امرأة. (*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com