لا يتعلق الأمر بصدفة، حين شكل بعض شباب عين اللوح سنة 2012، ما سمي "اللجن الشعبية"، وخرجوا لشن حملة "نظافة" على عاهرات المنطقة، طردوا بعضهن واعتدوا على أخريات، وبحثوا في المحطات الطرقية في أسباب وفود نساء على المدينة، وحققوا معهن بطرق بوليسية عن سبب زيارتهن. نصبوا أنفسهم مدافعين عن المجتمع، في غياب تام للسلطة، التي وقفت وقفة المتفرج، ولم تتدخل حتى وإن كان الأمر لا يتعلق فقط برد فعل غاضب من ظاهرة مقيتة، بل سطت هذه اللجن على أدوار مؤسسات الدولة، ولعبت دور الضحية والقاضي في الآن نفسه، وحاولت الاقتصاص لسكان مدينة وصمتها الدعارة بمخالفة القانون. لم يجر كل ذلك من باب صدفة، أو بسبب فورة غضب، لامست حدود الانتفاضة على ظاهرة اجتماعية مستنكرة، بل لأن أعضاء هذه اللجن اعتقدوا أن وصول الإسلاميين إلى الحكم، يمنحهم حق التدخل في الشوارع بذريعة حماية القانون، فحملوا الهراوات ونصبوا المتاريس أمام الحي المعروف بهذه الظاهرة، وذرعوا الأزقة في ما يشبه جولات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". قد يفسر البعض ما قامت به هذه اللجن على أنه تمرد على سلطة لم تتدخل لحماية مصالح السكان وسمعة مدينة، غير أن ذلك لا يشكل إلا النصف الفارغ من الكأس، والنصف الثاني يكشف نزعة التطرف عند البعض، ومحاولة الاحتكام إلى القوة والعنف، وما كانت هذه اللجن ستتوقف عند حدود طرد 800 عاهرة من المنطقة ومحاصرة بيوت بعضهن، بل ستتطاول أكثر على سلطة مؤسسات الدولة لتخلق لنفسها قانونا خاصا بها، قانون تغيير ما تراه هي منكرا، والقصاص من المخالفين لها في الرأي. إذ لم يكن الأمر يرتبط فقط بمحاولة إثارة الانتباه إلى ضرورة تفعيل القانون في مثل هذه الحالات، بل هو تحد للقانون نفسه. ض.ز