أجهزة المحامين وماليتها في ضوء أطروحات الإصلاح

انتخاب لجنة مالية خاصة إلى جانب المجالس تكون مهمتها مراقبة مالية الهيأة (الحلقة الأخيرة ) ولعل الاقتراح المطروح اليوم و المتعلق بالمجلس الوطني للمحامين ، هو اقتراح يمكن أن يشكل إضافة نوعية .ويمكن الاحتفاظ له بهذا الاسم « المجلس الوطني للمحامين « أو تسميته « المجلس الأعلى للمحامين «. على أن أهم ضمانات فعالية هذا المجلس تتمثل فيما يلي : الاستقلالية : أن يكون مستقلا مهنيا و إداريا وماليا.ولن يتأتى له ذلك إلا إذا كانت تشكيلته لا تخرج عن المحامين وخاصة النقباء الممارسين وأعضاء المجالس و انتخاب جزءا منه مباشرة من الجمعيات العمومية للهيآت .ضمان الموارد الكافية و توفير شروط العمل المناسبة ، لأنه بدون ذلك لن يحقق أية نتائج وتوفير الموارد الكافية يحتاج تدخلا للدولة ، إذ ما دام المحامون يساهمون في تحقيق العدالة التي هي من مسؤولية الدولة ، فإنه ينبغي توفير موارد المجلس من الميزانية العامة للدولة وليس ضمن الميزانية الخاصة لوزارة من الوزارات .أن يكون منفتحا على المكونات الرسمية والمدنية في البلاد، قريبا من المحامين متفاعلا مع المجتمع المدني ومنسقا في عمله مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية .أما اختصاصاته، فهو فضلا عن كونه مخاطبا رسميا للدولة و باقي المؤسسات، ينبغي أن يكون مرجعا استئنافيا للقرارات للنظر في الطعون التي ترفع ضد قرارات مجالس الهيآت و ذلك استكمالا لدرجتين في المحاكمة قبل اللجوء إلى القضاء، خاصة في قضايا التأديب. و يمكن للمجلس أن يلعب أدوارا مهمة في توحيد الأنظمة الداخلية للهيآت و اجتهادات المجالس، وأدوارا في التكوين المستمر و أيضا التكفل بالملفات الاجتماعية ذات الطبيعة المشتركة كوسائل الاستشفاء والتقاعد والمسؤولية المهنية .على أنه تجدر الإشارة أن إحداث هذا المجلس لا ينبغي أن يمس بأي حال من الأحوال بالهيآت أو نظامها أو تمثيلها .المبحت الثاني : ماليــة الهيآت مالية هيآت المحامين هي أحد العناصر الأساسية في المنظومة المهنية .لكن المثير للانتباه أن هذا العنصر لم يكن أبدا محط اهتمام المحامين الذين هم أساسا المعنيون بتلك المالية، وربما مرد ذلك إلى أسباب أهمها سببان : الأول : الوضعية الاقتصادية المريحة التي كان يتمتع بها المحامون سابقا مما جعلهم لا يدققون كثيرا في مالية الهيأة .والثاني : كون هذه المالية نفسها كانت واضحة في شقيها : المداخيل و المصاريف، إذ كان كلاهما بسيطا وواضحا . الأمر الذي لم يكن يأخذ في الجموع العامة حيزا في النقاش و في جل تلك الجموع كانت التقارير المالية تمر بدون تحفظ، حتى أصبح الأمر يشبه العرف ، وأصبحت مناقشته تفهم و كأنها تشكيك في المسؤولين عن تلك المالية الأمر الذي يدفع المحامين عموما إلى عدم الاهتمام بالمالية .لكن هذا الوضع سرعان ما سيتغير و سيصبح اهتمام المحامين بماليتهم يزداد يوما بعد يوم .ولعل نقطة التحول في هذا المسار هو مقتضيات المادة 57 من قانون المهنة الحالي التي أسست لإحداث صندوق الودائع لدى كل هيأة من هيآت المحامين تودع فيه لزوما المبالغ المسلمة للمحامين المسجلين بجدول كل هيأة على سبيل الوديعة ، وتتم بواسطته كل الأداءات المهنية التي يقوم بها المحامي لفائدة موكليه أو الغير .وبدخول هذا النص حيز التنفيذ انقلبت وضعية الهيآت المالية .إذ بعدما كانت في السابق تتشكل أساسا من الاشتراكات السنوية للمحامين الرسميين و اشتراكات بعض الوافدين الجدد أصبحت بعد ذلك هذه المالية تضم الملايير منها جزء هو عبارة عن ودائع الموكلين و جزء هو أتعاب المحامين قبل صرفها ، وكل تلك الأموال تدر فوائد .هذه الوضعية المالية التي عرفت هذا الانتقال السريع والعميق بهذه السرعة لم يتم التعامل معها بما يلزم من مصاحبة علمية وقانونية. عدم المصاحبة العلمية نقصد بها أن الهيآت تعاملت مع هذا التحول بالآليات نفسها والأطقم التي كانت تعتمدها من قبل، أمين مال الهيأة وهو محام غير مختص في المحاسبة و طاقم إداري في أغلبه مستخدمون محدودو التكوين. عدم المصاحبة القانونية : أي الإطار القانوني المتعلق بالمراقبة لم يعرف أي تحول في اتجاه رقابة هذه الأموال الكثيرة وحمايتها . وظل الوضع كما كان في السابق أيضا وإن كان المشرع قد أعطى للمجلس اختصاص إدارة أموال الهيأة، إلا أن الذي يدير عمليا تلك الأموال هو نقيب الهيأة. و أمام تدفق الأموال دخل بعضهم في أعمال و صفقات ... دون دراسة و دون دفاتر تحملات و دون اتباع المساطر القانونية و نتج عن ذلك توقف عدد من هذه المشاريع، مع ما يصاحب ذلك من نقاش حول المسؤوليات اليوم . و في ظل هذه الوضعية فإن التعاطي مع مالية الهيأة يستوجب اعتماد بعض العناصر، منها ضرورة توفر أمناء المال في الهيآت على تكوين في المحاسبة، وضرورة توفر مستخدم أو أكثر في كل هيأة على تخصص في المحاسبة ، وضرورة اعتماد الهيأة لمكتب محاسبات في أعمالها و تقاريرها التي تقدم أمام الجموع العامة .ضرورة انتخاب لجنة مالية خاصة من الجمعية العامة إلى جانب المجالس تكون مهمتها مراقبة مالية الهيأة و تقديم تقارير موازية، وضرورة خضوع الأعمال و الصفقات التي تقوم بها الهيآت للقوانين الجاري بها العمل .هذا بالنسبة إلى مالية الهيآت و هناك جزء آخر من المالية يتم التعامل فيه وطنيا و يتعلق خاصة بالأموال التي تنتقل إلى التعاضدية الخاصة بالاستشفاء ، وهذه لا علم للمحامين بمعطياتها مطلقا، وحتى مجالس الهيآت لا تقدم لها تفاصيل العمليات الأمر الذي ينبغي معه التعاطي مع أموال هذه التعاضدية بشفافية واعتماد الطرق المحاسباتية وتقديم ذلك للمحامين .* محام بهيأة المحاميـــن بخريبكة

أجهزة المحامين وماليتها في ضوء أطروحات الإصلاح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

محاكمة زوجين بتهمة الاعتداء على رجل أمن

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات