فُطم المغاربة على "الحموضية"، فلا مذاق يعلو على عذوبتها في أفواههم، فهي فريدة وممتعة ننتشي مع رائحتها ونرتقي بها عن باقي شعوب العالم... وببساطة شديدة "نحن شعب الله الحامض فوق الأرض".مذاق "الحموضية" في المغرب غريب، ولا علاقة له بالحواس الخمس، يكفي أن تصفع فأرة الحاسوب على الفايسبوك، فتصطدم بسحب "الحموضية" تتسلل إليك، فتعجز مختلف أنواع الكمامات عن مواجهتها، حتى تلك التي أثبتت كفاءتها مع انتشار عدوى انفلونزا الخنازير والطيور والقردة و صمدت أمام قنابل بشار الأسد الكيماوية."حموضتنا" تشبهنا، فهي صفراء اللون، مثل نفاق بعض السياسيين، فقد عذبتنا رائحتهم، ورغم ذلك نتوجه مع كل استحقاق انتخابي إلى الصناديق الشفافة للتصويت عليهم، ونمنحهم مقاعد في الجماعات المحلية وتحت قبة البرلمان، لأننا لا نتخيل حياة سياسية دون "حموضتهم"، ولا مانع إن فشلوا في كل السياسات الاقتصادية التي جعلت ثمرة "النبك" الشهيرة، في هذه الأيام، نادرة يستحيل العثور عليها في الأسواق التجارية الراقية."حموضتنا" كئيبة جدا، مثل برامج التلفزيون في رمضان، ومثل أمراض المعدة والبواسر والأمعاء الغليظة و"مسمار الكيف".. ألسنا نحن الشعب الوحيد في العالم الذي نتسابق، في اليوم الأول من رمضان، على اقتناء اللحم والخبز والحليب، وليلا نصطف أمام الصيدليات بحثا عن دواء يزيل إحساس الحموضة في فمنا.ولأننا "حامضين" جدا، فقد سلط الله علينا رجلا فاق "الحامض" حموضة، فأخرسنا وأتحفنا بمذاق جعل الأبدان تهتز وترتعش كأنها تنتشي بأغنية "العلوة" في عرس أسطوري من حفلات برنامج للا لعروسة "الباسل". إنه بدون لا فخر ولا اعتزاز، الحامض الأول صاحب الصوت الدافئ مثل سم الأفعى، واللحية المنقطة مثل حمار الغابة، والابتسامة الصفراء التي تشبه تلك الآواني الصفراء القديمة التي لاتتخلص من الصدأ، إلا بعد حكها ب"حامضة" وقليل من مسحوق الغسيل."الحامض" الأول عالميا، أحمد منصور، المذيع بقناة الجزيرة "الحلوة" على قلوب التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، شبهنا بالقوادين، وشتمنا، وشتت دماءنا بين قبائل المفسدين والطهرانيين، ثم أذاق الجميع من إناء "حموضته" التي لا تنفع معها الأدوية والأعشاب الطبية أو حتى أوراق الرمان الجافة، لأنها ببساطة حموضة تحمل ماركة إخوانية عالمية.تخلى منصور عن حساباته المصرفية التي ينط منها الدولار والنفط، وودع الاستمتاع بأجساد النساء "بما يرضي الله"، بعقود زواج عرفية، ثم أدار حسابه في الفايسبوك جهة المغرب، شاتما وشامتا.، ولم يترك فينا أحدا إلا ووضع أصبعه في عينيه، إمعانا في الإذلال... ثم اعتذر بشجاعة، ووجب علينا قبول شجاعته.ولأن مذاق "الحموضية" فريد من نوعه، و"ماشي غير أجي وكون حامض"، فقد نشر حزب العدالة والتنمية في موقعه الإلكتروني قصائد منصور بفخر واعتزاز، وخشع مريدوه مع الكلمات النابية قبل وبعد آذان الإفطار، قبل أن يستيقظ كبار الحزب من نومهم ويحذفون الشتائم، تماما كما شتمنا منصور واعتذر بشجاعة، لكنها شجاعة الجبان الذي يحرس ظهر الجيوش في العصور القديمة، وحين تنهزم يكون أول الفارين .. إنها جينات "الحموضة" لا غير.(*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com