مشعوذون مغاربة يتخذون من "الويب" عيادات لعلاج مرضاهم "أنت على بعد مكالمة واحدة من تغيير حياتك !"، و"لا تتردد هذه أرقامنا وطرق الاتصال بنا: الهاتف، السكايب، الواتساب، وحتى الفايبر"، ليست رسائل إشهارية وتسويقية حديثة، لوكالة للتدريب السلوكي، أو لمركز للاستشارات الهاتفية، أو لشركة تبحث عن شباب عاطلين، بل هي من إبداع سحرة ومشعوذين. فبعيدا عن الغرف المظلمة، والدكاكين المنزوية، في الأحياء الشعبية والمداشر، يتوجه مشعوذون مغاربة، إلى استثمار إمكانات التكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال، لتصريف طلاسمهم وتسويق أحجبتهم المكتوبة بمداد من زمن ما قبل اكتشاف الكهرباء، الذي تعمل به حواسيبهم. "شعوذة 2.0" على واجهة محرك البحث، يكفي أن ترقن كلمات مفتاحية، من قبيل "الشيخ السوسي"، و"المعالج الروحي"، حتى تطالعك لائحة طويلة، من المواقع الشخصية لعدد من ممتهني السحر والشعوذة، يقترحون فيها خدماتهم ووصفاتهم المتنوعة.إنهم يعلنون بذلك، أن المغرب التحق بركب التطبيقات الإلكترونية للسحر والدجل، اسمها "شعوذة 2.0"، قياسا على مصطلح "ويب 2.0"، الذي يشير إلى مجموعة التقنيات الجديدة والتطبيقات التي أدت إلى تغيير السلوك على شبكة الأنترنت.ويظهر الإبداع في تصميم المواقع واليافطات المتحركة، والمضمون المكتوب عليها، أن أولئك "الروحانيين"، بارعون في إيجاد الانسجام اللازم، بين بضاعتهم، المتحدرة من قرون الأسطورة وما قبل ظهور التقنية، والآليات التكنولوجية الحديثة للتســــــــــــــــــــويق التجاري. خدمات عن بعد وفيما يظهر أن الغرض الأساسي الذي قاد أغلب المشعوذين إلى "الويب"، هو التوفر على واجهة، يتمكن من خلالها الأجانب، سيما العرب الخليجيين، من الحصول على الرقم الهاتفي الخاص بالفقيه، إلا أن ذلك، لم يمنع بعضهم من تطوير محتوى مواقعهم.ومن ذلك، أن تلك الصفحات على الأنترنت، تحاكي شكل ومحتوى المواقع العالمية للتنبؤات الفلكية ومنتديات "الويب" المتخصصة في الاستشارات الطبية والنفسية.ويوجد واحد يدعى، المكاوي أبو أنس المغربي، يقترح في موقعه تشخيص الحالة "الروحانية" لمرتاديه، بالجواب عن استمارة استجوابية، تتكون من مائة سؤال.ويعد المشعوذ المذكور، متابعيه، بأن يحصلوا على نتيجة التشخيص، بعد مرور ساعتين على ملء الاستمارة، التي تتوزع أسئلتها على محاور من قبيل الحالة الاجتماعية، والمهنية، والحالة النفسية، والحالة الجسدية أثناء اليقظة.ولم يتردد بعض المشعوذين، في اقتباس ركن "أنت تسأل والطبيب يجيب"، من عدد من المجلات، فوضعوا في مواقعهم أركانا يتلقون فيها أسئلة متابعيهم، ويجيبونهم.وتجد موقعا، يجيب فيه الشيخ الروحاني، عن أسئلة نساء، يطلبن "كيف أعمل سحرا لجلب وتهييج زوجي"، و"أريد استعادة زوجي من عشيقته"، و"كيف أجعل زوجي يطيعني"، و"أبحث عن علاج لظلمي وخيانتي المستمرة لزوجي".ويقترح، البعض الآخر، على الأجانب، القدوم في رحلات علاج إلى المغرب، ويضمنون لهم الإيواء والمأكل والمشرب في بيت "العالم الروحاني"، إلى أن ينهي الزبون كل الطقوس ويحصل الشفاء. علوم السحر وحتى يتمكن المشعوذون من استقطاب زبناء عبر الأنترنت، يتنافسون في استعراض مهاراتهم والكشف عن بعض أسرار "المهنة"، فلا يغادر الزائر الموقع، إلا وقد اكتسب ثقافة عامة، حول السحر وأنواعه والمجالات التي يوظف فيها أكثر.ومن تلك المحتويات، تلك التي يشرح فيها مشعوذ، السحر بأنه "ظرف متغير في حالة الإنسان المسحور على مستويات متعددة، بعد التعرض لطلاسم وتعويذات تعمل على استدعاء الروحانيات، التي تقوم بتثبيت السحر واشتغاله وتأثيره على حياة المسحور".وتجاوز مشعــوذ مغربي، على موقعــه، تقــديم خــدمات عــــلاج تعطيل الــزواج وجلب الخطــاب وتــزويج البائــر، عــبر الهاتف، وجعــل موقعــه، موجها للسحرة والمشعوذين المبتدئين، فيقترح تحميل كتب علوم السحر وتحضير الجن، من قبيل "شمس المعارف"، وموسوعات عن السحر الهوائي، والسحر المدفون، والسحر المرشوش، وغيرها من أنواع السحر.وعلى الشبكة العنكبوتية، يقترح سحرة ومشعوذون مغاربة، أغلبهم ينسبون أنفسهم إلى منطقة سوس و"أغادير"، (كما يكتبها الخليجيون)، قطعا وحليا، من قبيل خواتم سليمان وعطور القبول وخاتم القلب الأحمر، دون أن يكشفوا عن طريقة التوصيل.ويتوجه آخرون، بخدماتهم إلى الفئات المتدينة، فيقترحون خدمات السحر الحلال، من قبيل جلب الحبيب بأسماء الله الحسنى، في حين لا يتوانى آخرون في الكشف عن وصفات، منها "تقنية الشموع السبع لجلب الحبيب"، و"جلب الحبيب بالحليب".وإلــى جـــــانب ركـــن "الأكـــاديميــة الروحــانية"، التي تقتـــرح التكــوين وشراء المخطـــوطات، تضم مــواقــع المشعــــوذين، أركــانا متخصصة في "الطــب النووي"، وفيها يعرضون خــدمات التــداوي بالعــلاج، سيما بالنسبة إلــى الأمراض الجنسية، من ســرعة قــذف وضعف انتصاب. امحمد خيي