عشرون سنة في ضيافة القذافي 12

رحلة مغربي في متاهة الجاسوسية عندما توجه محمد زكري بداية تسعينات القرن الماضي، وهو في نهاية العقد الثاني إلى ليبيا طلبا للعمل بعد أن أقفلت في وجهه أبواب الرزق في المغرب، لم يكن يعرف أنه سيقضي هناك عشرين سنة من حياته، مرت عليه فيها أحداث أغرب من الخيال، إذ كان شاهدا بالصدفة على حرب تجسس مستعرة بين البلد المضيف وبلده الأصلي، واكتشف أسرارا جديدة عن نفوذ بوليساريو في النظام الليبي السابق. محمد زكري، الذي بدأ رحلته الليبية بالدخول إلى متاهة الجاسوسية بتشابه أسماء كاد يودي بحياته، يروي لـ "الصباح " تفاصيل عقدين قضاهما بين سجون القذافي وقصور أقرب مساعديه، أوصله حبه لبني جلدته إلى ترؤس جمعية مغاربة ليبيا، وأنهت مقامه هناك محاولة اغتيال، إثر قصف منزله بصاروخ، وفرار مأساوي إلى المغرب. ليس في البلد مدنيون < كيف كانت علاقاتك بالسلطات الأمنية على اعتبار أنك أصبحت من أصحاب السوابق منذ أسابيعك الأولى في طرابلس؟< لم تكن لدي مشاكل مع السلطات الأمنية بالمعنى العادي للكلمة، ولكن كل صراعاتي كانت مع أشباه الأمنيين، على اعتبار أنه ليس هناك مواطنون عاديون لا ينتمون إلى جهاز من أجهزة الدولة المدنية أوالعسكرية.بحكم عملي في قطاع الخدمات وتعاملي مع جميع شرائح المجتمع الليبي، فإنني يمكن أن أؤكد لك أن الانتماء إلى الأجهزة في ليبيا كما هو الانتماء إلى الأحزاب السياسية في باقي دول العالم، لذلك ففي كل خلاف مع أحد العملاء أجد نفسي في مواجهة مليشيا أو قطاع في الجيش أو في الأمن، أو ضد قبيلة أو تنظيم يتناحرون في ما بينهم رغم أن الجميع كان مايزال يدين بالوفاء للقذافي.فقد قصصت لك حكاية العراك العادي مع أحد زبناء المحل، الذي حصلت فيه على أول عمل، وكيف انتهى الأمر باعتقالي من قبل أناس ليسوا من رجال الأمن.< ألم تعتقل بعدها ؟ < أكيد، لم تكن تمر السنة حتى أعرج على المحكمة وأحيانا السجن، ودائما الحكاية نفسها، لا يجب أن تكون لك مشاكل مع أبناء البلد، لأن الأمن والقضاء والجيش يتصرفون بمقولة «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»، لدرجة أصبح لدي اقتناع في النهاية بأنه ليس هناك أناس عاديون في هذا البلد وكلهم مسؤولون أمنيون.< لكن نصرة أبناء البلد لا تعني بالضرورة أن الأجهزة تتقاسم المواطنين، ألا تعتقدون بأن المسألة يمكن أن تكون عادية ؟< لا يقف الأمر عند حدود إعطاء الأولوية لليبيين والكيل بمكيالين في تعامل السلطات مع الأجانب، بل أعني ما أقول : ليس في هذا البلد مدنيون، على اعتبار أن كل شخص يمكنه أنه يصبح بين عشية وضحاها في خدمة الأمن والجيش وحتى المخابرات، ذلك أنه في إحدى المرات كنت عائدا إلى المغرب عبر الطائرة، وفي المطار سألني رجل وزوجته، إذا كنت مغربيا، وعندما أجبتهما بنعم، فرحا كثيرا لدرجة أنهما أغدقا علي بالهدايا الغالية الثمن، التي كانت موجودة بين أغراضهما.استغربت من كرمهما الزائد إلى أن أخبراني بأنهما يريدان السفر إلى المغرب من أجل السياحة، وسأكون خير دليل لهما في بلدي. لم أمانع في الأمر وأبديت موافقة فورية خاصة أنها المرة الأولى التي سأصطحب فيها ليبيا إلى المغرب.لكنهما بقيا في المغرب أكثر من ستة أشهر. عرفا مني، خلال الأسابيع القليلة التي قضيتها معهما في المغرب، أهم المقاصد والطرق وأرخص الفنادق والمطاعم خاصة في فاس ومكناس.و عند عودتي الموالية ولقائي بصديق يعمل في فندق دخلته رفقة ضيفي الليبيين، عرفت أن لا علاقة زوجية بينهما، فقد غيرت المرأة محل إقامتها ولم تلتق بزوجها المزعوم رغم وجودهما معا في المغرب، للتفرغ لإنجاز تقارير عن المغرب مدفوعة الثمن. ياسين قطيب

عشرون سنة في ضيافة القذافي 12

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شعوري...أستاذة انتفضت ضد التهميش

امرأة زعيمة عصابة للسطو على العقارات بأكادير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات