< ما هي قراءتك لمسار تنزيل الدستور الذي كنت عضوا في اللجنة التي أعدته؟< وتيرة التنزيل بطيئة جدا، وحتى القوانين التي خرجت إلى الوجود تميزت بإعادة النظر، في عدد من المكتسبات والمستجدات المتقدمة التي جاءت في الوثيقة الدستورية. < هل تقصدين بـ»إعادة النظر»، وقوع تراجع؟< ما يجري، لا يمكن توصيفه بالتراجع. إن ما نشهده أسوأ من ذلك، و»إعادة النظر»، هو التوصيف الدقيق للمقصود، سيما على مستوى الحقوق والحريات. إننا نشهد إحجاما من قبل الدولة على احترام التعاقد الذي يربطها بالمواطنين، ممثلا في الدستور، وقضية فتاتي إنزكان، أحدث مثال على كيف أن القضاء، لم يتحمل مسؤوليته الدستورية في حماية الفتاتين.ورغم أن الدستور، واضح ووضع الإطار العام لمجموعة من القضايا، إلا أننا نلاحظ، مع صدور مسودة القانون الجنائي، وجود نزوع غريب نحو التحرك في نطاق الإيديولوجيا والدين لدى مسؤولين ومؤسسات. < وما رأيك في التفسير القائل إن ما يجري يظهر أن المضمون المتقدم لدستور في 2011 كان نتاج رغبة، في تصريف لحظة الاحتجاج بأقل الخسائر؟< لا أتفق مع هذا، لأن الدستور الجديد، ليس نتاج لحظة الحراك الاجتماعي في 2011، بل ثمرة تراكمات ومسار تاريخي بدأ قبل ذلك، فكانت مراجعة الدستور، مثلا، من توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة.إن دور الحراك الاجتماعي لـ2011، هو أنه عجل بالمراجعة الدستورية. < ولكن تظهر وتيرة التنزيل عكس ذلك، حينما تبدو مقتضيات الدستور متقدمة وأكبر من آفاق النخب والفاعلين السياسيين؟< إن المسؤولية التي يتحملها الفاعل السياسي، إزاء هذه القضية، تتمثل في أنه فشل في ترجمة المقتضيات الدستورية، إلى قوانين تحترم روح الدستور.لقد فضل الفاعلون السياسيون، خلال الأربع سنوات الماضية، الخوض في الإشكالات الجزئية، والتخبط في البحث عن الإجابات الإديولوجية والدينية، بدل أداء دورهم في بناء دولة الحق والقانون. < بقي من الزمن التشريعي عام واحد، كيف تتوقعين خسائر عدم تنزيل الدستور وإخراج قوانين ومؤسسات نص عليها إلى الوجود؟< إن كلفة الفشل المحتمل في إنهاء إعداد القوانين التنظيمية والعادية خلال الولاية التشريعية الحالية، كما نص على ذلك الدستور، ستكون فادحة على تطور المغرب، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. إن المغرب ملزم بالقطع مع الخلط والالتباس الحاصل حاليا إن أراد النمو والتطور.أجرى الحوار: امحمد خيي(*) أمينة بوعياش، عضو اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور في 2011