هي شابة لم تتجاوز بعد الرابعة والعشرين من عمرها، لكن الهموم التي تحملها تظل أكبر من سنها بكثير، لأنها هموم وطن بأكمله. اسمها هدى سحلي. وهي من العناصر النشيطة ضمن حركة "20 فبراير" رغم أنها لم تكن من مؤسسيها. تجدها في كل الوقفات الاحتجاجية التي تنظمها الحركة، تدافع عن مطالبها على التلفزيون أمام شيوخ السياسة وجهابدتها، تشارك في الندوات، تحمل الشعارات الجريئة... ولا تخاف في قول الحق لومة لائم. انضمامها إلى الحركة كان استجابة للدعوة التي أطلقتها "20 فبراير" عبر موقع "الفيسبوك". "تفاعلت مع المطالب والشعارات التي أتفق معها شكلا ومضمونا وانخرطت في النقاش والحوارات المرتبطة بمطالبها"، تقول.في صفحتها الشخصية على "الفيسبوك"، المفتوحة للعموم، رسائل من أشخاص ينتقدون بقسوة الحركة والمنخرطين فيها. انتقاد يتجاوز أحيانا حدوده إلى القذف في الأشخاص. لا تعلق هدى على ما يكتب. وحين تفعل، يكون ذلك بهدوء، وبدون انفعال، وبكل ما قل ودل. تقول ل"الصباح": "مسألة الإساءة إلى مطالب الحركة شيء معتاد ومتوقع. وكل ما هو جديد يتعرض للنقد". جسدها النحيل وهدوؤها لا يشي بكل تلك القوة الكامنة في شخصيتها. لا تتحدث كثيرا. تنصت جيدا. لكنها لا تفوت الفرصة من أجل التعبير عن فكرة أو الدفاع عن رأي تعتنقه. حينها، تكتسي ملامح وجهها الجميل مسحة شراسة. إنها فتاة بقلب أسد. درست هدى سحلي القانون والصحافة، إلا أنها دخلت مجال العمل الجمعوي من باب المرأة وحقوقها. وقع الأمر صدفة. كان ذلك سنة 2006 حين شاركت في مائدة مستديرة نظمتها جمعية الانطلاقة للطفولة والشباب سيدي البرنوصي حول مدونة الأسرة، في إطار النسخة الأولى من مشروع عنوانه "حتى تكون مدونة الأسرة ثورة حقيقية"، قبل أن يتم اختيارها بعد ذلك ضمن مجموعة من تلاميذ الثانويات التأهيلية بالحي نفسه، لتستفيد من تكوين في مجال مقاربة النوع الاجتماعي ومستجدات مدونة الأسرة وآليات التواصل، وهي الدورة التكوينية التي كانت وراء تأسيس ناد بالمؤسسة يمارس من خلاله التلاميذ عددا من الأنشطة الثقافية والفنية، قبل أن يتحولوا إلى تنظيم حملات تحسيس وتوعية سكان حي البرنوصي بمدونة الأسرة ومستجداتها.نجحت الحملة بفضل حماسة وعزيمة هدى وزملائها الشباب في الجمعية. فكانت المكافأة إشراكهم في إعداد النسخة الثانية من مشروع المدونة على مستوى سيدي البرنوصي. سنة فقط بعدها، أصبحت هدى سحلي تشغل منصب الكاتبة العامة للجمعية وهي ما تزال في سن العشرين حينها، وهي اليوم عضو مكتبها التنفيذي.تقول سحلي ل"الصباح" عن عملها داخل الجمعية "مهمتي لا تختلف كثيرا عن مهمة أي عضو آخر ناشط بها، وهي المساهمة في التفكير مبدئيا في كيفية نشر المبادئ والأفكار التي تدافع عنها الجمعية، عن طريق صياغة وبرمجة مشاريع وأنشطة بشكل تشاركي نعمل على إيصالها لسكان الحي وفق مقاربة العمل عن قرب والتربية الشعبية، وذلك بهدف تأطيرهم للدفاع عن حقوقهم الأساسية والمساهمة في تدبير الشأن العام المحلي وفق ما تقتضيه الديمقراطية ومعايير الحكامة ومبادئ حقوق الإنسان". تنتمي هدى سحلي إلى عائلة منفتحة "شيئا ما"، كما تصفها هي نفسها. لذلك فهي لا تجد مشاكل في ممارسة عملها الجمعوي والنضالي. يكفي فقط أن تكون قادرة على تحمل المسؤولية. تقول "محيطي العائلي وأصدقائي لا يتدخلون في قناعاتي الشخصية. يدعمونني لكن شريطة تحمل مسؤوليتي في كل ما أفعل". لا تنتمي هدى إلى أي حزب. وليس لها لون سياسي معين. ولاؤها التام والكامل للدفاع عن حقوق البسطاء وتوعيتهم وتحسيسهم. حلمها "مغرب يحترم المغاربة ويحترم حقهم في المشاركة الفعلية في اختيار ممثليهم وتمكينهم من السلطات الكفيلة بتنفيذ برامجهم... مغرب يربط بين المسؤولية والمحاسبة... مغرب يحترم حقوق مواطنيه في العيش الكريم والشغل اللائق... مغرب الديمقراطية والعدالة والشفافية... مغرب خال من المفسدين... كل المفسدين". نورا الفواري 3 أسئلة إلى هدى سحلي بمناسبة العيد العالمي للمرأة كيف هي علاقتك بالطبخ والأزياء والموضة و»الشوبينغ»؟علاقتي بالطبخ بسيطة ولا تتجاوز إطار احتياجات الحياة اليومية التي تستدعي الإلمام بكل ما يرتبط بها من واجبات أسرية. أما بالنسبة إلى الأزياء والشوبينغ فأستطيع أن أقول إنني لست مهتمة بتاتا بها، كما أنني لست من هواة تتبع الموضة.في عملك، ألا تصطدمين بعراقيل فقط لأنك امرأة؟بطبيعة الحال هناك مجموعة من العراقيل تتعرض لها النساء عامة في وسط تسود فيه العقلية الذكورية. وحتى القيمون على الشأن العام ما زالوا بعيدين عن إدماج مقاربة النوع سواء أثناء التخطيط للبرامج والمشاريع أو الميزانيات، وبالتالي يضيفون عراقيل ذات بعد سياسي ومادي، إلى جانب ما هو ثقافي.ماذا يمكنك أن تقولي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة؟من هذا المنبر أحيي جميع نساء العالم وأحيي المرأة المغربية الأم والأخت، الجدة والزوجة والصديقة المناضلة وأقول لهن إن الشعب المغربي سيحتفي بيومكن في عزة وجلال ليؤكد بقناعة وإيمان قوي راسخ، أنه يرفض كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ومع مشاركتها الكاملة وتمكينها من أداء دورها في مختلف مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، جنبا إلى جنب مع الرجل، وعلى قدم المساواة في الحقوق والواجبات والفرص. ن ف