عبد الله إسوفغ… كاتم أسرار عبد الكريم الخطيب8

رفيق عبد الكريم الخطيب وكاتم أسراره. كان عبد الله إسوفغ، الملقب "باتريس لومبابا" المغرب، ضمن المجموعة الأولى التي أسست الحركة الشعبية الدستورية، وشاهد عصر" على أحداث كبرى شهدها المغرب قبيل الاستقلال وبعده، أهمها الصراع التاريخي بين القصر وجزء من الحركة الوطنية، ثم حروب التصفيات الجسدية بين حزبي الاستقلال والشورى والاستقلال. حضر ابن قصور وزوايا تاكونيت عمليات ومفاوضات اندماج الحركة الشعبية الدستورية وحركة الإصلاح والتوحيد لتشكيل حزب العدالة والتنمية، كما يعتبر ذاكرة العمل النقابي بالمغرب وأحد مؤسسي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب. كما قلت سابقا، طلبنا العامل المذبوح- نحن التلاميذ السبعة الحاصلين على الشهادة الابتدائية- للذهاب إليه.امتطينا سيارة "الجيب" التي توجهت بنا إلى ورزازات عبر طرق غير معبدة. لم نكن ساعتها نعرف موضوع الاستدعاء، لكن في الوقت نفسه لم نرفضه، بل لبينا دعوة "المخزن" فورا.في الطريق جالت بخاطرنا عدة أفكار مشوشة وغير مرتبة كانت تتماوج مع انخفاض وارتفاع السيارة في المطبات والمنعرجات، إلى أن وصلنا إلى مقر العمالة حديثة النشأة آنذاك مرفقا إداريا.ترجلنا عن السيارة، وطلب منا أحدهم التوجه للاستراحة في دار الضيافة، أو الزاوية حسب التعبير القديم، وهي عبارة عن بناية تعود إلى عهد الاستعمار.قضينا ليلتنا هناك. ولأول مرة ننام فوق أسرة عسكرية من تلك الأسرة الخشبية التي كان يستعملها الجنود وقوات "الكوم"، كما أعطانا أحدهم غطاءات (كاشات) خضراء وسوداء. واستفدنا أيضا من وجبات غذائية.كان كل شيء مختلف عما ألفناه سابقا في دواويرنا، وكان انبهارنا يزيد كلما صادفت أعيننا أشياء لم نرها من قبل، مثل الأواني النحاسية اللامعة، والأثاث والأفرشة وغيرها من الديكورات الأخرى ومربعات الزليج باللونين الأسود والأبيض التي اشتهرت بها تلك البنايات.في الصباح الباكر، طلب منا أن نتجه إلى الاغتسال في مكان خاص قبل تناول وجبة الفطور. وبالفعل، توجهنا إلى حمام كبير يضم عددا من المغسلات الخزفية (لافابووات) موضوعة فوقعها مرايا بحجم كبير تختلف تماما عن تلك المرايا الصغيرة جدا التي كنا نتوفر عليها في دواويرنا.كانت دائرة الانبهار والدهشة تزيد كلما تقدم بنا الوقت في هذا المكان واكتشفنا أشياء جديدة.أذكر أنه بعد الانتهاء من الغسيل، توجهنا إلى قاعة الأكل، حيث وجدنا وجبة فطور كاملة مكونة من قطع زبدة ومربى وقطع جبن وحليب وقهوة، ومعها خبز من نوع "غوتيي"، نسبة إلى مخابز الفرنسي "غوتيي" الشهيرة التي كانت منتشرة في عدد من المدن المغربية.لم نصدق ما كان يحدث لنا في تلك اللحظات نحن أبناء الدواوير البعيدة. وحدها نظرات العيون التي نتبادلها بيننا كانت أفصح لغة تتحدث عن اندهاشنا بهذه الانتقال الكبير في حياتنا.وليت الأمر انتهى عند هذا الحد، بل كان مطلوبا منا أن نتناول وجبة الفطور بواسطة الشوكة والسكين وأن نتعامل مع هذا الوضع الجديد، ونحن الذين لم نكن نتناول أكلنا سوى باليد (كنا ندخلو بربعة ونخرجو بخمسة).بعد وجبة الفطور، عدنا إلى دار الضيافة من جديد. والواقع أنه مع مكوثنا الطويل نسبيا في المكان، بدأنا نشعر بنوع من الألفة معه وبدأنا نتحرر تدريجيا من "عقدنا" ونحن نتجول فرادى، أو بشكل جماعي وسط هذه الزاوية لاكتشاف مزيد من خباياها وأسرارها وجمع أكبر قدر من المشاهدات التي نستطيع أن نباهى بها على أقراننا فور عودتنا إلى الدوار.وسط هذه الدهشة، نسينا بالفعل الغرض من الزيارة، ما سنكتشفه في الحلقة القبلمة.يوسف الساكت

عبد الله إسوفغ… كاتم أسرار عبد الكريم الخطيب8

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حيل "البزناسة" بفاس للاحتراز

الرجاء يفاوض نيجيريا لتعويض كوناطي

مقالات ذات صلة