< العديد من الأئمة يلمع نجمهم خلال رمضان، ما هي أسباب ذلك؟< يتهافت الناس لرؤية الائمة وأخذ الصور معهم، سيما خلال السنوات الأخيرة، وكأنهم نجوم ووجوه سينمائية لها عشاق وعاشقات. ولنطرح السؤال بصيغة أخرى، كيف انتقل الأئمة بشكل ملفت للنظر من أئمة لا تفرق بينهم وبين عامة الناس في المأكل والملبس والمسكن والعبادة إلى فئة ترقد في الحرير كما يقال. لهم هندام متميز وسكن متميز وسيارة وسائق وحراس أيضا.هل يصدق عليهم القول موظفو الطقوس بمعنى موظفون يتدرجون في سلم الوظيفة إلى أسماها. هل يدخل هذا في ما يسمى بهيكلة الشأن الديني والدينامية التي رعتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في السنوات الأخيرة؟ هل للإعلام و القنوات الدينية المشرقية دور في جعل أئمة المساجد والفقهاء يشغلون حيزا مهما في قلوب وأفئدة الكثير من الناس؟ يمكن القول إن الأجوبة على هذه الأسئلة تتظافر كلها لجعل أئمة المساجد في المغرب لا يختلفون عن نجوم السينما والمسرح والكرة يعشقهم الناس لطريقتهم في تجويد القرآن لا لتقواهم وحسن خلقهم ومعاملاتهم، إلى حد أن بعض الناس يكثرون شغفا طيلة رمضان بصلاة التراويح وراء إمام مسجد الحسن الثاني بالبيضاء حبا وهياما بصوته الرخيم. أصبح الدين مظاهر وطقوس واحتفالات وتمت التضحية بروح الدين وأصبحت أركانه تنطق باللسان وتترجمها طقوس يطبعها التكرار ولا تمس القلب والوجدان. فالدين أصبح مؤسسة أكثر منه تجربة إيمانية قلبية.< قبل سنوات لم يكن اهتمام المغاربة بالأئمة كبيرا، كيف تفسرون هذا التحول؟< كان الإمام، سابقا، يعيش بين المغاربة يمشي في الأسواق ويأكل الطعام ويحضر الولائم، أما اليوم فلا يعرفون إلا صوته ونادرا ما يلتقون به، بل إن الأشرطة الصوتية والأقراص أصبحت هي صلة الوصل بينهم وبينه، الناس يستمعون إليها في سياراتهم أو في بيوتهم. هذا مؤشر على فقدان ما هو جميل في الدين الإسلامي هو الصدق والبساطة والتلقائية التي تحلى بها أجدادنا الذين كانوا يمارسون شعائرهم الدينية بعيدا عن التيارات الدينية المتطرفة القادمة من الشرق. من جهة أخرى، ففي التاريخ البعيد والتاريخ القريب للمغرب كان المغاربة يتحاشون نعت إمام المسجد بالنجم، باعتبار أن دوره كان ينحصر في أنه يؤم الناس في الصلوات الخمس وتعليم القرآن الكريم، ونادرا ما يؤم الناس في صلاة الجمعة أو صلاة التراويح. كما أن الناس يؤدون صلاتهم وشعائرهم الدينية بتلقائية وعفوية لا يطلبون المزيد من التدقيق في شؤون دينهم، وأنهم مسلمون ولا يحتاجون إلى من يفقههم في دينهم فيرسم لهم الحدود بين الحرام والحلال.< كيف يلعب المجتمع المغربي دورا في تغيير أسلوب و حياة هؤلاء الأئمة في رمضان؟< إن الخط السائد اليوم في المجتمع المغربي يشجع بشتى الوسائل الأئمة الذين يلمس فيهم القدرة على استمالة الناس وتعبئتهم لمواجهة أئمة متشبعين بإسلام وهابي تكفيري رغم أنهم ينهلون من منبع واحد، إسلام السلف الصالح. إلا أن الأئمة الرسميين الذين تزكيهم وزارة الأوقاف لا يكنون عداء للطرق الصوفية بل يرون فيهم نبراسا تربويا و سلوكيا لا ينضب معينه فالأئمة اليوم في رمضان أصبح دورهم هو حث الناس على إسلام معتدل وسطي وتحذيرهم من كل إسلام متطرف وافد. لذا أصبح هؤلاء محل توقير واحترام من الجهات الوصية على الشأن الديني المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف، كما خصصت لهم رواتب شهرية وعلاوات وإكراميات جزاء لهم لصيانة وحراسة الشأن الديني.أجرت الحوار: إيمان رضيف * باحث في علم الاجتماع حاصل على دبلوم الدراسات العليا في علم الاجتماع ودكتوراه في الفلسفة.