الألبسة “الشرعية” الدخيلة2

الاعتداء على الحضارة والثقافة المغربية ساهم انتشار القنوات الفضائية الإسلامية واختلاط المغاربة بعدد من مواطني البلدان الإسلامية الأخرى إلى بروز سلوكات وممارسات للشريعة الإسلامية لم تكن معهودة في المغرب، كما برزت مجموعة من الفتاوى الشاذة على المغاربة. سنحاول من خلال حلقات ستنشر طيلة رمضان، وضع هذه الممارسات في ميزان الشرع مع الأستاذ لحسن بن إبراهيم السكنفل، رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيرات تمارة. هل يعتبر الحجاب واجبا شرعيا؟ بداية مصطلح الحجاب لم يرد في القرآن الكريم إلا في آية واحدة في سورة النور، عند الحديث عن الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته واحترام خصوصياته، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا). والمقصود هنا التزام الأدب مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم باعتبارهن أمهات المؤمنين، وقد كان بعض الصحابة يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم على عاداتهم في ذلك الزمن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرفق بهم ويتعامل معهم بلين، إلا أنهم كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم بدخولهم على بيوت النبي صلى الله عليه وسلم دون استئذان، فنزلت الآية، والشاهد فيها انه إذا أراد الصحابة أن يطلبوا شيئا من بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، فليطلبوه من وراء حجاب أي وراء ستار دون أن يروا زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأول من أطلق هذا المصطلح وقصد به اللباس الشرعي على ما أعلم – هو الأستاذ ابو الأعلى المودودي رحمه الله تعالى وهو زعيم الجماعة الإسلامية بباكستان في أواسط القرن الماضي حيث ألف كتابا تحت عنوان "الحجاب".أما المصطلح الصحيح فهو اللباس الشرعي والمقصود به أي لباس ساتر للجسم ضمن المواصفات الشرعية بحيث لا يكون كاشفا ولا واصفا، ولباس المرأة الشرعي أن يستر جميع جسدها إلا وجهها وكفيها لقول الله تعالى : (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفور رحيما).فالخطاب موجه للنبي صلى الله عليه وسلم ليرشد زوجاته وبناته ونساء المؤمنين عموما بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ويفسر ذلك قوله عز وجل (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمورهن على جيوبهن) والخمار ما يوضع على الرأس ويسدل على النحر والصدر والظهر.ويقول عز وجل (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) توجيه إلى عدم وضع ما يثير الانتباه من الخلاخل المتحركة أثناء مشي المرأة. هل يوجد في الشرع ما يحتم ارتداء لباس بعينه؟ الجلباب المغربي الرجالي لباس وطني بمواصفات شرعية ونفس الأمر بالنسبة للجلباب المغربي النسائي، والقفطان المغربي وغيره من الألبسة التقليدية لباس وطني بمواصفات شرعية فهي ساترة غير كاشفة ولا واصفة. إن محاولة فرض لباس دخيل على الثقافة المغربية هو تعد وتجن على الحضارة المغربية والثقافة المغربية، وهو تعد على الحضارة الإسلامية الغنية بتعدد شعوبها وقبائلها. هل هناك ما يلزم النساء على ارتداء البرقع؟ حتى إذا وافقنا من يقول بستر وجه المرأة، فإن المغاربة قديما أبدعوا في هذا المجال فالجلباب (بالقب) والنقاب، والحايك، كلها معبرة عن هذا التوجه ضمن الثقافة المحلية، ويختلف ذلك باختلاف المناطق المغربية في الشمال والجنوب والشرق والغرب، أما البرقع المشرقي فليس من الحكمة لبسه وهو يهدم التناسق الاجتماعي والجمالي، والإسلام إنما جاء ليحافظ على التناسق الاجتماعي والجمالي فهو صالح لكل زمان ومكان.وقد وجه النبي صلى الله عليه سلم أسماء بنت أبي بكر الصديق، حين دخلت عليه وقد بلغت المحيض بثياب رقاق "وكان من عادتها أن تدخل عليه قبل بلوغها، فيستقبلها ويهش في وجهها، فأشاح عنها هذه المرة بوجهه، وقال لها: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يحل أن يظهر منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى الوجه والكفين.والرجال أيضا مطالبون بالالتزام باللباس الشرعي فيلبسوا ما يستر عوراتهم، قال تعالى :( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير) فاللباس لستر العورة والتجمل كالريش بالنسبة للطائر.هذا بالنسبة للبعد الشرعي في اللباس إلا أن له بعدا آخر يجب احترامه لأنه مرتبط بثقافة البلد والشعب وليس من الحكمة ولا من الشرع أن تلزم الناس رجالا ونساء بشكل معين من اللباس مرتبط ببلد وشعب بدعوى أنه إسلامي لنلزم بها الشعوب الأخرى.عبد الواحد كنفاوي

الألبسة “الشرعية” الدخيلة2

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إعفاء القائد الجهوي للوقاية المدنية بآسفي

عشرون سنة في ضيافة القذافي2

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات