كثيرة هي الطرائف المهنية التي تمر خلال العمل اليومي على عدد من العدول، تختلف باختلاف الزبناء وعقلياتهم، إذ أن منهم من يؤمن أن العدل في بعض الملفات هو المشرع وكل ما يقوم به هو من صنع يديه، والحديث عن القانون أو المشرع ليس إلا من صنيعه، ومن ثم تبدأ المشكلة. أريد نصيبي من بيت زوجي أن تجد نفسك متهما بالاستيلاء على نصف عقار، في وسط مكتبك وأمام عدد من الموكلين، يجعلك مشدوها ولا تعرف كيف تبدأ لحل تلك المشكلة، التي تحمل في داخلها طريفة من الطرائف التي قد يتداخل فيها الألم والحسرة على سذاجة بعض الأشخاص. كان هذا بداية الحديث مع أحد العدول عن طريفة ظلت عالقة بذهنه، والتي تخص امرأة في عقدها الخامس جاءت إلى مكتبه وطلبت منه أن يمدها بأوراق الملكية لنصيبها في بيت زوجها، الذي تنازل لها عنه. ما علاقة العدل ببيت زوجها ووثائقه، وهل حدث أي بيع أو شراء أو هبة أمامه؟ كل المعطيات تفيد غير ذلك، وتؤكد أنه لم يسبق له أن رآها، لكن المرأة استمرت في الصراخ، مطالبة بحقوقها، التي لن تتنازل عنها خاصة أنها أنجزت الاتفاق الذي يخصها وعلى العدل إنجاز ما يخصه، الغموض الذي كان يشوب كلامها، دفعه إلى أن يطلب منها الجلوس وتوضيح الأمر بشكل متأن. أخذت المرأة أنفاسها وشرعت في الحديث، عن فحوى الاتفاق الذي جمع بينها وبين زوجها والعدل ، فزوجها كان يرغب في التعدد، وطلب منها أن تمنحه الموافقة بالنظر إلى أن مدونة الأسرة اشترطت موافقة الزوجة الأولى حتى يتمكن من الزواج من امرأة ثانية، وكي يحصل على موافقتها أخبرها أنه سيعمل على تسجيل نصف البيت باسمها، كي تضمن حقوقها ، وهو ما استجابت له، ولما طلبت منه الوثائق التي تمكنها من نصف البيت أخبرها أنها عند العدل ما دفعها إلى الحضور عنده لأجل تحصيل تلك الوثائق، إلى هنا بدأت الأمور تتضح شيئا ما أمام العدل، الذي أخبرها أنه لم يقم بأي معاملة للبيع، أو الشراء، ولم يسبق له أن التقاها في مكتبه هي وزوجها، لكنها أصرت على أنه هو من أنجز وثائق البيع، حاول العدل أن يشرح أنه ربما اختلطت عليها المكاتب ولكنها بقيت متشبثة برأيها، مؤكدة أنها تعرف المكتب جيدا، خاصة أن زوجها أحضرها معه ودخل هو لأجل أن ينجز الإجراءات وبقيت خارجا، فسألها العدل هل وقعت على عقد التفويت لذلك الجزء من البيت فنفت ذلك، مصرة على أن زوجها هو من قام بجميع الإجراءات، ليخبرها أنه لا يمكن له ذلك، وأنه لزوما عليه يجب إحضارها لتوقيع العقد. لم تنبس المرأة بعد ذلك بكلمة، إذ تأكدت أنها وقعت ضحية خدعة من زوجها، الذي لم يف بوعده، واحتال عليها للحصول على الموافقة، واكتشفت أنها كانت ساذجة، رغم أن السيناريو لم يكن محبوكا، وكان بإمكانها كشفه إلا أنها كانت تعرف أن زوجها سيتزوج عليها فأرادت أن تضمن حقها من عمر قضته معه، لكن حساباتها كانت خاطئة. غادرت مكتب العدل، إلا أن الواقعة بقدر ما كانت مضحكة إلا أنها كانت ممزوجة بحسرة وألم عن مصير تلك الزوجة، التي تغابت لأجل إقناع نفسها أنها بإمكانها مساومة زوجها على الزواج من ثانية، وظل يفكر لوقت كبير، هل وصلت الزوجة إلى نتيجة مع زوجها أم لا.كريمة مصلي