صائمون ضحايا “العين تعشق قبل المعدة”

يسرحون في الأسواق ومحلات المأكولات والأسماك والمشروبات بحثا عن طرائد جديدة لا يمكن تفسير التغييرات الغريبة التي تطرأ على العادات الغذائية للمغاربة خلال رمضان، ومن ذلك ما يسمى الإسراف اللاإرادي في اقتناء المأكولات والأطعمة وأنواع الأسماك واللحوم والمشروبات بكميات كبيرة، دون استهلاكها بالكامل، وأحيانا دون الاستفادة منها بالمطلق.المغاربة يطبقون مقولة "العين تعشق قبل المعدة" بحذافيرها وعلى نحو مبالغ فيه، فيمضون أيام شهر "الرحمة والغفران" في التنافس حول كيفية ملء الموائد وحشوها حد الانفجار، ثم الاكتفاء بالنزر القليل منها بعد أذان المغرب، قبل الاستسلام إلى الماء والمشروبات الباردة، لتزامن الشهر مع فصل الصيف، ليصل الصائم، في نهاية الجولة، ببطن منتفخ مثل بالون وجسم خامل عاجز عن الحركة.الجوع "كافر" قد يدفع صاحبه إلى ارتكاب حماقات يومية من أجل إشباع غزيرة الأكل، وبعث رسائل اطمئنان إلى المعدة الفارغة، التي تتحول في هذه الحالة إلى أميرة مدللة طلباتها تلبي في الحين دون تأخير.الجوع بلا قلب أو رحمة أيضا، لأنه يضع أغلالا في أعناق الصائمين ويحولهم إلى كائنات عمياء تهيم في الأسواق والمراكز التجارية والمحلات المتخصصة في وجبات رمضان بحثا عن أي شيء لذيذ يزين مائدة الإفطار، ولا يهم أن تصبح المأكولات، كل يوم، مجرد قطع للديكور لتزيين الموائد، أو يكون مصيرها صندوق القمامة.كثير من الصائمين يجدون لذة غريبة في التجول في الأسواق والمحلات التجارية ووسط الباعة المتجولين ما بعد صلاة العصر. ربما من أجل تزجية الوقت في انتظار أذان المغرب بالنسبة إلى البعض، لكن بالنسبة إلى الكثيرين تعتبر هذه الجولة اليومية طقسا "مقدسا" لتلبية نداء العين من خلال الطواف على معرض المأكولات والأطعمة الجاهزة، أو قابلة للإعداد السريع.في رمضان، يتخلى الباعة والتجار عن شعار "اللي ما شرا يتنزه" ويعوضونه بـ"للي معندو فلوس صيامو مسوس" لجلب أكبر عدد ممكن من الزبائن الذين يغادرون المكان، بالضرورة، محملين بأشكال مختلفة من المأكولات والوجبات لإعادة عرضها على الموائد. ولا يهم الحجم والكمية هنا، بقدر ما تهم النتيجة، أي الخضوع إلى تلك القوى الغريزية الباطنية التي تحول الصائمين إلى أشباه وحوش يمكن أن تلتهم كل ما تصادفه أمامها.عدد من التجار والباعة يعرفون، بالمراس، أن قواعد البيع والشراء تتغير على نحو جذري، حين يتخلى الزبون عن عقله ويعوضه بمعدته. وفي هذه الحالة يكون الأقرب إلى السقوط في شباك المغريات وطريقة العرض والتزيين، أكثر من اهتمامه بمحتويات وقيمة المنتوج الذي سيدفع مقابله نقودا.يوسف الساكت

صائمون ضحايا “العين تعشق قبل المعدة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

حدود مسؤولية المؤاجر في تعويض الأجير عن المصاريف الطبية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات