نفق الكلب "راي". نفق... بعد أن توقفت جميع أعضائه الحيوية عن العمل، وبعد أن أمضى أسابيع تحت رعاية صحية مركزة دون أن يتمكن الفريق الطبي والجمعية التي كانت تعتني به، من إنقاذه.راي كان كلبا ضالا متشردا، يهيم اليوم كله في الشوارع، يبحث عن ما يأكله وعن مكان ظليل يستريح فيه ويستمتع فيه بقيلولته. لم يكن كلبا مسعورا، ولا كان يهوى أذية الناس والمارة. كان كلبا طيبا، "داخل سوق جواه"، و"طالب غير التعادل".كل ذلك لم يكن كافيا ليشفع لراي أمام همجية البعض وتخلفه. اقتلعوا عينيه... مزقوا فمه... وقطعوا عضوه التناسلي وتركوه ملقى في دمائه ينزف و"يخرخر"، إلى أن نقلته إحدى جمعيات العناية والرفق بالحيوان، إلى مستشفى خاص لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. أخضع راي لعلاجات أولية. لكنه لم يستجب. كان يتعذب بعد أن تعرض كبده وعدد كبير من أجهزته الحيوية للتلف. لذلك قرر الطبيب أن يمر إلى مرحلة القتل الرحيم ليخلصه من عذاباته. الكلب راي، لأن إحساسه عال مثل جميع الكلاب، فهم ما كان ينوي الأطباء فعله، فحرك رجله علامة على تشبثه بالحياة والأمل، ثم قرر أن يأكل ما كان يقدم له بعد أن صام عن الطعام بسبب أوجاعه، وبدا لوهلة أنه قد يسترد عافيته، لكنه لم يتحمل... ونفق.ومثل الكلب راي، هناك الكثير من الكلاب والقطط التي تهيم في الشوارع وتتعرض لجميع أنواع التعذيب من طرف بعض المتخلفين الذين أصبحوا يوظفونها في عمليات السحر والشعوذة، دون أن يتكلم أو يتحرك أحد. وكأن الحديث عن شؤون الكلاب والحيوانات لا يليق ببني البشر، فما بالك بالدفاع عن حقها في بلد تنتهك فيه حقوق المواطنين كل يوم. أعاب البعض على فاعلين جمعويين وجمعيات مهتمة بالحيوانات، أن تخرج في مسيرة أو وقفة احتجاجية من أجل راي. من يكون هذا الكلب ابن الكلب حتى نخرج للاحتجاج على ضربه أو تعذيبه أو المطالبة بالرفق به؟ ولماذا لا نحتج من أجل إطلاق سراح العمراني أو نقف وقفة تضامنية مع عائلات الأطفال الذين ذهبوا ضحية واد الشراط بدل الخروج في مسيرة من أجل كلب، وفوق ذلك متشرد ضال؟؟؟ بقاو لينا غير الكلاب فهاد البلاد؟ سيقول البعض... متناسيا أن كلبا قد يفوق كائنا بشريا آدمية وإنسانية وإخلاصا، وأن الرفق بالحيوانات والاعتناء بها والنهي عن معاملتها بشكل سيء، من صلب ثقافة الإسلام التي نأخذ ببعضها المتطرف المخجل ونترك بعضها المرهف والراقي. ثم لا شيء يمنع أن تناضل من أجل حقوق الإنسان وتخرج في مسيرات ومظاهرات ووقفات، وأن تناضل أيضا من أجل حقوق حيوان لا يملك ما يستطيع التعبير به عن ألمه وهو يتعرض يوميا لجميع أنواع التعذيب والمعاملة السيئة.الله جل وعلا، نفسه، اعتبر في قرآنه الكريم، أن الحيوانات أمم أمثالنا ("وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم")، ورسوله الأمين أكد في غير ما حديث صحيح أهمية الرفق بالحيوان وعدم ضربه أو امتطائه لفترة طويلة، فلماذا نستكثر على راي وبني فصيلته من الكلاب، أو القطط، أن نخرج للمطالبة بتوقيف كل هذا العنف ضدها وكل تلك الهمجية في التعامل معها؟ سلاما لراي... وبؤسا لقاتليه... أنتم الكلاب... (*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com