كثيرة هي الطرائف المهنية التي تمر خلال العمل اليومي على عدد من العدول، تختلف باختلاف الزبناء وعقلياتهم، إذ أن منهم من يؤمن أن العدل في بعض الملفات هو المشرع وكل ما يقوم به هو من صنع يديه، والحديث عن القانون أو المشرع ليس إلا من صنيعه، ومن ثم تبدأ المشكلة. نهاية زواج لم يبدأ بعد من أشهر القضايا التي ظلت راسخة في ذهن عدل التقته "الصباح" ، تلك التي تخص عقد قران بين شابين حضرا برفقة والديهما إلى مكتبه، كانت البداية تفيد أن العائلتين متفقتان على جميع التفاصيل ولا ينقصهما إلا كتابة العقد، حتى يقيما العرس، فرحة لم تدم كثيرا بعدما شرع العدل في الحديث عن أنه لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية، والاتفاق على استثمارها وتوزيعها، حتى ثارت ثائرة والد العريس الذي اعتبر أن الأمر محاولة لتكبيل ابنه، كيف الحديث عن الذمم المالية، وأي صفة هذه التي تخول لعدل أن يتدخل لمعرفة ماذا يمتلك ابنه، على اعتبار أن مهمته تنحصر في كتابة العقد وما اتفق عليه بشأن المهر ومؤخر الصداق، وغير ذلك لا يدخل في اختصاصه ولا علاقة له به، وإنما من صنيع يديه، وربما هناك اتفاق مسبق بين العدل ووالد العروسة، و بعد شرح العدل لمقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة، وسرده لهذه المقتضيات، والتأكيد أنه يمكن لهما أن يضمنا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج، وأن القانون واضح في هذه المسألة. لم يتقبل الزوج ووالده الأمر رغم المحاولات المتكررة للعدل على أن الأمر يتعلق بنص قانوني وأنه يفرض عليه القانون أن يشعرهما بذلك خلال كتابة عقد القران، لكن لا حياة لمن تنادي، فشبهة المؤامرة واضحة بالنسبة إليهما، حاول العدل مرة أخرى تبسيط الأمر للزوجين بالحديث عن أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد وسيلة لضمان حقوق، وحتى إن وقع نزاع لا قدر لها، فالأمور ستكون واضحة، والحقوق معينة، ولا يمكن التنازع بشأنها. كانت كلمة نزاع كفيلة بأن تؤجج الغضب من جديد وتكرس كل ما سبق التكهن به من قبل أب العريس، كيف يمكن الحديث عن نزاع قبل الزواج، إنه فأل شؤم، وكيف الحديث عنه إن لم تكن هناك نية معينة من قبل العروس ووالدها لأجل الاستيلاء على ما يملكه ابنه العائد من بلاد المهجر، ساعتها أمر الوالد ولده بمغادرة مكتب العدل لأجل التشاور، وتم إمهالهما، وشرع العدل من جديد في التدخل محاولا شرح الامور حتى لا ينتهي زواج لم يبدأ بعد ، إلا انه لم يجد من يصغي إليه ، بل إن والد العريس لم يتوان في توجيه مدفعية السباب في وجهه بالقول "القانون أشمن قانون"، هاد القانون سير وريه لبنتك ولا ولدك" ، وغادرا مجلس العقد لأجل التشاور ثم العودة ، أصيبت بعده الزوجة ومن معها من الأقارب بالاندهاش والذهول وأصبحوا في وضعية حرجة لا يحسدون عليها. طال الانتظار وتكرر الاتصال عبر الهاتف لكن دون إجابة ، وانتهى الزواج. كريمة مصلي