حدث القرن.. بنكيران على مائدة الغذاء مع فايسبوكيين مؤثرين.. والحدث الأهم.. الجميع يتناولون صحنا من البطاطس بالزيتون الذي يدعى في عرف المغاربة "المرقة".أي عبقرية هاته يا بنكيران، وأي نبوغ سياسي يجعلك تجمع "فريش" الفايسبوك مع صحن البطاطس النفيسة التي طالما حمت الفقراء من الجوع، وأخرست قرقرة أمعائهم في أيام البرد.تأملوا جيدا وجبة غذاء بنكيران، وتمعنوا في رسائلها السياسية، ألم أقل لكم، يوما ما، إن بنكيران داهية، يحاول الأعداء تقليده، فيخرون منهزمين أمام نبوغه الذي لا يضاهيه إلا انشتاين وفرويد والعبد لله.اختار بنكيران، في لقائه مع "فريش" الفايسبوك، وجبة يطلق عليها المغاربة، من شدة استئناسهم بها، اسم "المرقة"، وهي عبارة عن بطاطس مختلفة الأحجام تقطع بشكل عشوائي، تماما مثل مشاكل المغرب التي "لا رأس لها ولا رجل"، وتوضع فوقها حبات الزيتون الحمراء التي تشتهر بمرارة مذاقها، في تلميح من رئيس حكومتنا أن حزبه يذيق المرارة للفقراء، ورغم ذلك يقبلون على التصويت عليه.ولكي يضفي بنكيران على وجبته "الفايسبوكية" المفضلة مسحة من الوقار والجدية أخفى اللحم تحت البطاطس، فاللحم مثل الثروة يجب إخفاؤه بعيدا عن الأعين، ولا يستهلك إلا بعد الإحساس بالتخمة، ولا بأس أن تظهر بعض قطع اللحم من جنبات الصحن أمام الضيوف، فيتأكدون أن المغرب غارق في النعيم ويحيا في بحبوحة العيش.كل مكونات الوجبة الغذائية متناثرة، تقليدا لحالة المشهد السياسي في المغرب والذي يعرف تناثرا في المواقف وغموضا في المذاق، فالاشتراكي التقدمي (حزب نبيل بنعبدالله) ذابت حداثته وأصبح محافظا، وعدو الأمس (حزب الأحرار) أصبح من الأحزاب المؤلفة قلوبهم في الحكومة وهكذا دواليك.. "خيلوطة" الوجبة الغذائية هي خلاصة تفكير بنكيران في مشهد "حامض" يستقيم ومشهد البطاطس الغارقة في المياه، واللحم المدفون... هل تستطيع شميسة صاحبة الباع الطويل في طهي مثل هذه الوجبة؟!أبدا، خصوصا حين أصر بنكيران على وضع فلفل أخضر حار فوق الخضر، ليس حبا في النكهة، ولكن من أجل تحذير الضيوف أن مجاراته في قفشاته الموهوبة من عند الله تستوجب التوفر على لسان يصبر على "الحرورية"، ومعدة تهضم كل شيء بسرعة.قمة الإبداع في "مرقة" بنكيران يتمثل في تخصيص ملعقة وشوكة في وجبة لا تأكل إلا باليدين، إذ وُضع أمام كل فايسبوكي مؤثر صحنا صغيرا به شوكة وسكين. الرسالة واضحة جدا تشير إلى أن رئيس حكومتنا يزاوج بين أصالة الوجبة ومعاصرة "الشوكة"، فليذهب إلياس العماري والباكوري بشعارهم إلى الجحيم، في حين يرى آخرون أن السبب حرص بنكيران على النظافة، فعادة يستعمل الفايسبوكيون أصابعهم في النقر على الأيباد والحاسوب، وتفاديا لأي سهو أجبرهم على استعمال الشوكة والسكين.وإمعانا في إذلال الخصوم، سرب بنكيران، قبل الوجبة الشهيرة، خبرا إلى أحد المواقع الإخبارية التابعة لحزبه هو بمثابة كنز، فقد جزم الموقع أن رئيس الحكومة يتناول وجبة غذائه من ماله الخاص، وليس من الميزانية المخصصة لذلك في رئاسة الحكومة، وذلك ضمن سياسيته التقشفية للاقتصاد في الميزانية المخصصة لوزارته.... أي بعبارة أخرى 365 يوما يأكل فيها بنكيران "المرقة"، فهنيئا لنا.تنبيه خطير: يصادف نشر الزاوية أول أيام رمضان الكريم، فلسنا مسؤولين عن أي اشتهاء، وفي حالة الشعور بالجوع المرجو الاتصال بديوان رئيس الحكومة فورا.(*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com