بنايات مصممة تضاهي العشوائيات وأسواق تستنبت وسط الشوارع لم يجد مسؤولو الحي الحسني بالبيضاء، من طريقة لمحاولة تغيير حي ليساسفة، من واجهته الريفية المطلة على شارع طريق الجديدة، سوى تغيير اسم دوار، يحمل عنوانا وطنيا تفخر به الذاكرة المحلية لما قدمه أثناء الاستعمار وما عرف عنه من تضحيات جسام أثناء فترة المقاومة، ففضلت أن تمحو هذا الاسم "دوار بوشعيب الوطني، وتبدله بحي المسجد، اعتقادا منها أن التحضر والتمدن يتوقفان فقط على تغيير اسم دوار بحي، فيما الواقع أن الأحياء المصممة منذ ثمانينات القرن الماضي، تحولت بدورها إلى ما يشبه حيا عشوائيا منتصبا على أكبر واجهة بيضاوية.على واجهة طريق الجديدة يوجد حي ليساسفة الذي يفصله الشارع إلى جزأين، تتراص البنايات في علو متفاوت، وأزقة ضيقة على الجهة الشرقية، لا تكاد تمر منها حتى عربة البقال حين جلب قنينة الغاز، أما الوصول إلى هذه التجمعات، التي تعرف اكتظاظا سكانيا، فلا يخلو من ملاسنات، بسبب الازدحام والعرقلة الكبيرين، والتي تحدثهما عربات الباعة القارين وليس المتجولين، الذين نصبوا خيامهم وسط الطريق المؤدية من مركز البريد نحو داخل الحي في اتجاه الحي الصناعي.سيــارات الأجـرة ذات الاتجاهات المختلفة وسيارات النقل السري وحافلات النقل الحضري والنقل عبر الجهات، والدراجات النارية، كلها ناقلات تضفي على المنطقة زحمة مقلقة تنضاف إليها الأتربة المتناثرة عبر الجنبات حيث يقف الراجلون.العلامات الخاصة بالمرور بدورها لم تجد أمام هذا الازدحام، مكانا، وباتت اللامبالاة شعار السائقين والراجلين على السواء، ما أسفر عن حوادث سير خطيرة ودفع المسؤولين إلى نهج شعار كم حاجة قضيناها بتركها، إذ عوض تنظيم الشارع وإزالة الفوضى العارمة التي تسيطر عليه، تفتقت العبقرية على صنع قناطر حديدية، خاصة بالراجلين الراغبين في العبور بعد تسلقهم سلالمها.إلى حدود نهاية تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة، كانت الأزقة والطوارات، والمرور سلسا من الحي، بينما كان مركز البريد يظهر من بعيد، فيما اليوم أغلقت كل المنافذ، وغالبا ما يحتج الباعة القارون على أصحاب السيارات الراغبين في اجتياز الطريق نحو مساكنهم، بل ينتهي الموقف في أحيان كثيرة على ملاسنات وشجار، أبطاله من أصبح الشارع العمومي ملكا لهم يعرضون عليه بضائعهم وسلعهم ليل نهار.خــوف رهيب ينتاب الوافدين إلى هذا الحي، الذي لا يبعد عن أحياء الليمون، حيث الفيــلات والأحيــاء الأخــرى المحــاذية للدائرة الأمنية، حيث الهدوء نسبيا، فكل الإشارات هنا تدل على أن الجريمة تحوم حول المكان، إذ أن مسبباتها تتراءى للعيان.الملحقة الجماعية الموجودة على الشارع الرئيسي، والتي كانت في العهد السابق، قبل توحيد النظام الجماعي بالمدينة المليونية، تبدو شاردة بدورها، فلا جمالية ولا تصميم ولا أي شيء يغري بالدخول إليها، فقط حاجز حديدي عند البوابة وأرضية غير مبلطة وبنايات مصنوعة بطريقة البناء المفكك على شاكلة مدارس التعليم بالأرياف.داخل هذه البناية توجد إلى جانب الملحقة الجماعية البئيسة، مقرات للمخازنية وأخرى للسلطة المحلية، تكشف ظروف عمل صعبة لا توجد حتى في القرى.المصطفى صفر
.jpg)
