الكاتب موليم العروسي قال إن قرار "المنع" سيدخلنا نفقا مظلما اعتبر الكاتب المغربي موليم العروسي قرار وزارة الاتصال بعدم الترخيص لفيلم "الزين اللي فيك" للمخرج نبيل عيوش، متخذا على عجل، وأن الوزارة وقعت في خطأ قانوني بالحيلولة دون الترخيص لفيلم لم يقدم أصحابه طلبا لتوزيعه. وقال الناقد الفني إن العديد من الجهات سارعت إلى ارتداء زي التقوى، وتساءل الأستاذ الباحث في الجماليات عمن له مصلحة في إثارة هذه الزوبعة، وكيف أنه ليس بالضرورة أن تخضع الأعمال الفنية للمعايير الأخلاقية. ما تعليقكم على قرار وزارة الاتصال عدم الترخيص بعرض فيلم "الزين اللي فيك"قبل أن يطلب أصحابه عرضه؟ أولا حسب ما قرأته في الصحافة، فإن القرار غير قانوني لأنه وحسب المتدخلين العارفين بقانون السماح بالتوزيع، هناك لجنة مكونة من عدة أطراف لم يذكرها بلاغ الوزارة وهذه اللجنة لم تجتمع، بل صدر القرار باسم الوزارة. ووفق ماصرح به الوزير، فإن لجنة من المركز السينمائي انتقلت إلى خارج المغرب لمشاهدة الفيلم في أحد المهرجانات ورفعت تقريرا إلى الوزير الذي اتخذ قرارا بمنع توزيع الفيلم في القاعات المغربية. حدث هذا رغم أنه لا منتج الفيلم ولا مخرجه قدما طلبا للتوزيع حتى تجتمع اللجنة، أو تنتقل إلى خارج الوطن في هذه المهمة المستعجلة.طابع الاستعجال هو الذي خيم على كل المواقف في هذه الأمر. فحزب الاستقلال استبق الزمن كي يتموقف قبل الجميع خصوصا الدعاة الدائمين "للدفاع عن الفن النظيف"، وعدد من الجمعيات لا أعرف إلى من تنتسب سياسيا سابقت الزمن لتكون من أوائل البارزين على الساحة في هذه النازلة وجمعيات أخرى من القرى والدواوير والمداشر على امتداد التراب ظهرت بسرعة ولبست لبوس التقاة وأصبحت تدافع عن طهرانية المغرب وعن سمعة المغرب وعن أخلاق المغاربة. تحت هذا الضغط اضطر الوزير، وفي محاولة منه لاسترجاع المبادرة، لاقتراف خطأ لا أظن أن مستشاريه القانونيين قد انتبهوا إليه.فالقرار اتخذ إذن في هذه الوضعية وسيدخلنا نفقا مظلما. لكن من الذي حرك هذه الدهماء خصوصا تلك التي تحركت في الفايسبوك وخرجت عن سيطرة أولئك الذين أخرجوها من القمقم لغاية في نفس يعقوب؟ وما هي الغاية؟ هل هي فقط سياسية أو أن الفيلم أصاب هدفا دون أن يدري؟ من المنتفع من تحريك الناس والدفاع عن الأخلاق؟ يعلمنا علم النفس أن غالب المدافعين عن الطهرانية هم أنفسهم فساق. هل هناك لوبي منتفع من التجارة التي فضحها الفيلم وهل تلبس هذا اللوبي بلبوس الإيمان والطهرانية واستعمل الجميع في هذا الحراك الغريب؟ سؤال فقط، لكن هل طرحت الوزارة والسواد الأعظم الذي تستعمله الأحزاب هذا السؤال؟ صمت السياسيين ما رأيكم في طبيعة النقاش الدائر حول الفيلم، وهل من الضروري أن تخضع الأعمال الفنية للأحكام المعيارية والأخلاقية؟"المهارشات" الدائرة حول الفيلم ليست نقاشا. هي أنواع من المهاترات لا تنبني على أساس. من شاهد الفيلم؟ أنا أتابع يوميا الملاسنات التي تدور رحاها على الفايسبوك. كما تابعت بأسى كبير وعميق صمت السياسيين المدافعين عن حرية الرأي والتعبير. ليس كلهم طبعا هناك الشبيبة الاتحادية وحدها دافعت عن حرية الإبداع، أما الباقي من أحزاب ليبرالية أو تقدمية إلى غير ذلك لا أحد بل إن هناك رئيس الحزب الاشتراكي داخل التحالف الحكومي الذي نصب نفسه ناقد سينمائيا عن فيلم لم يشاهده ليبرر المنع. في أي زمن نحن؟ إنه زمن ضنين حقا.الأعمال الفنية لا تُقَوًمُ وفق معايير أخلاقية، لو فعلنا ذلك لجعلنا المبدع يفكر عوض أن يبدع بأحاسسيه وعواطفه. أهمية الإبداع بحكم أنه يأتي دون تفكير مسبق ولذا فهو يأتينا بالجديد الذي لم نعهده من قبل والذي يمكن للفكر أن يشرحه ويدخل فيه المنطق نفسه. من هنا الحديث في الدول المتقدمة عن أهمية الإبداع والمبدعين. الفن ليس تسلية بل إيذان بالآتي. في اليوم الذي يفهم فيه سياسيونا هذا سنكون في مقدمة الشعوب. في سطور - كاتب وروائي مغربي.- أستاذ جامعي وباحث مختص في الجماليات والنقد الفني.- من مؤسسي منتدى الفكر الحر. أجرى الحوار: عزيز المجدوب
