بوعياش تدعو بالدوحة إلى حكامة رقمية تضمن حقوق الإنسان

في كلمة مؤثرة ألقتها عن بعد من الرباط، افتتحت آمنة بوعياش، رئيسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، اليوم الاثنين، أشغال المؤتمر الدولي المنعقد في الدوحة تحت عنوان “الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: الفرص والمخاطر والرؤى لمستقبل أفضل”.
وجهت بوعياش في مستهل كلمتها تحية إلى الشركاء المنظمين والحضور، معربة عن أسفها لعدم تمكنها من الحضور الشخصي، ومؤكدة أن موضوع المؤتمر يحتل مكانة محورية في الزمن الراهن نظرا لزخمه الكبير وتطوراته المتسارعة التي تؤثر في كافة مناحي الحياة. وشددت على أننا نعيش لحظة تحول تاريخية، تتسم بثورة رقمية تشكل مفترق طرق جديد في تطور البشرية.
وأكدت رئيسة التحالف العالمي أن الفضاء الرقمي ونظم الذكاء الاصطناعي تعيد رسم معالم العالم، وتؤثر بعمق في تدبير المجتمعات وشؤونها اليومية، مضيفة أن الابتكار بات وقود الخدمات الذكية بجودة وفعالية، رغم التفاوتات الشاسعة بين الدول في الاستفادة من هذه الطفرة التكنولوجية. وأضافت أن الذكاء الاصطناعي يتيح فرصا هائلة، لكنه في المقابل يولد مخاطر جدية تهدد الحقوق والحريات، وتؤثر على كرامة الإنسان.
وسلطت بوعياش الضوء على تقرير حديث صادر عن منظمة العمل الدولية يفيد بأن النساء أكثر عرضة لفقدان وظائفهن بسبب الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى التحيزات المدمجة في هذه النظم، التي قد تنبع من المبرمجين أو القائمين على التدريب، كما نبهت إلى خطر استهداف الفئات الهشة، ولا سيما النساء والفتيات، مستشهدة بظاهرة التزييف العميق الإباحي كمثال صارخ على هذه التحديات.
وتطرقت في كلمتها إلى المخاوف المتزايدة بشأن حرية التعبير والخصوصية، وحق التجمع السلمي، إلى جانب الدور الذي تلعبه الخوارزميات في التضليل الإعلامي والتأثير على المسارات الديمقراطية، معتبرة أن هذه المخاوف ليست نظرية بل واقع معاش يعيشه الأكثر هشاشة في المجتمعات.
وأكدت أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ليست معرقلة للتقدم التكنولوجي، بل تسعى إلى توجيهه نحو حماية الإنسان وتعزيز حقوقه، داعية إلى جعل حقوق الإنسان في صلب تصميم وتطوير نظم الذكاء الاصطناعي، من خلال تبني مبدأ “حقوق الإنسان في التصميم”.
وشددت على أن القانون الدولي لحقوق الإنسان لا يمثل عائقا أمام الابتكار، بل يوفر إطارا عالميا يضمن استفادة الجميع من التقدم التكنولوجي، مشيرة إلى ضرورة تبني حكامة دولية مشتركة، تضمن الاستخدام الآمن والسليم للتكنولوجيا، في ظل احترام تام للحقوق والحريات الأساسية التي لا ينبغي أن تكون موضوع تفاوض.
وختمت المتحدثة ذاتها كلمتها بالتأكيد على الدور الحيوي الذي تلعبه المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في تقديم المشورة ورصد أثر الذكاء الاصطناعي على الحقوق والحريات، ومعالجة الشكايات والترافع من أجل ضمانات حقيقية، معبرة عن اعتزاز التحالف العالمي بشراكته في تنظيم هذا المؤتمر الهام، وثقتها في كفاءة المشاركين وقدرتهم على إضاءة التحديات المتصلة بحقوق الإنسان في العصر الرقمي.