شباش: مدمن الخمر لا يشعر بأي متعة

اختصاصية العلاج النفسي والجنسي حذرت من آثار الخمر على نفسية وحياة متعاطيه أكدت أمل شباش، اختصاصية العلاج النفسي والجنسي، أن متعاطي الخمر، يعيش معاناة وصراعا حقيقيين، لأنه يكون داخل دوامة يصعب عليه الخروج منها، فمن جهة هو يرغب في التوقف عن شرب الخمر، ومن جهة لا يجد محيدا عنه لتجاوز المشاكل، التي تشكل في معظم الأحيان الأسباب التي دفعته إلى تعاطي الكحول والإدمان عليها. ونبهت شباش في الحوار التالي إلى التأثيرات النفسية التي تطول متعاطي الكحول وقد تعصف بحياتهم، مشيرة إلى ضرورة علاج الأسباب التي أدت إلى الإدمان لمساعدة المتعاطين في التوقف عن شرب الخمر. تفاصيل أكثر في الحوار التالي: ما هي الأسباب النفسية التي قد تدفع إلى شرب الخمر؟ قبل الحديث عن الأسباب النفسية تجدر الإشارة إلى فترة المراهقة، المشكل أنه في بعض الأحيان، تساعد السينما والتلفزيون على ترسيخ صور في ذهن المراهق، فالعديد من الأفلام السينمائية مثلا، تبرز لقطات متكررة لشباب في منتهى السعادة بصدد احتساء الخمر، أو شباب يحتسون الخمر في حالة تعاسة أو يعانون مشاكل، هذه المشاهد السينمائية، ترسخ لدى المتلقي، سيما المراهق، صورة عن كأس الخمر الذي يرافقه في جميع محطات حياته، السعيدة منها والتعيسة. أنا هنا لست ضد الأفلام، لكن يجب أن نعي بأن الأفلام تنتج نوعا من الإشهار يلتقطه دماغ المراهق، الذي يكون في فترة يمكن وصفها بالحساسة جدا، وتحتاج إلى تربية مسبقة، يحرص فيها الوالدان على توعيته حول هذا النوع من الإشهار، لأنه بعيد عن أي مشاكل، قد ينطلق احتساء الخمر من الاعتقاد بأن الشخص يكون في أفضل حالاته ومنسوب السعادة لديه يرتفع إذا ما كان في جلسة خمرية، والمشكل هنا أننا نرى أطفالا تتراوح أعمارهم بين 12 و14 سنة يحتسون الخمر. هل هناك أسباب أخرى؟ من الأسباب أيضا شيوع عدد من الاعتقادات الخاطئة والخطيرة، التي قد تدفع حتى المتدينين إلى السقوط في مصيدة احتساء الخمر، مثلا الفكرة المتمثلة في أن شرب الخمر يساعد على تجاوز التوتر "الستريس" المتراكم طيلة اليوم، فضلا عن رفاق السوء، الذين يجذبون من لا ثقة لهم في ذواتهم بسرعة إلى مجموعات محتسي الخمر، خوفا من أن يظلوا معزولين عن المجتمع. من الأسباب أيضا الاعتقاد السائد بأن عالم الأعمال، هو عالم الليل، أي أن لقاءات رجال الأعمال تتم في مقاهي ومطاعم تقدم مشروبات كحولية، وأنه لدخول هذا العالم يجب على الراغب في ذلك أن يحتسي بدوره الخمر. متى نتحول إلى الإدمان؟ نتحدث عن إدمان الخمر، شأنه شأن جميع أنواع الإدمان، عندما لا يستطيع شارب الخمر أن يقول لا لشرب الخمر أو أن يتحكم في نفسه، عندما يشعر بإحساس داخلي يدفعه إلى احتساء الكأس الثاني والثالث والرابع، ولا يستطيع التوقف، لأنه يشعر باحتياج إلى تجاوز ذلك الستريس والضغط النفسي والفراغ العاطفي، من خلال احتساء الخمر حتى يشعر بنوع من الطمأنينة الداخلية. النقطة الثانية، والتي أرى أنها مهمة في مرحلة بلوغ الإدمان، هي أن شارب الخمر في هذه المرحلة، لا يشعر بأي رغبة أو متعة في ما يقوم به، كل ما في الأمر أنه لا يستطيع التوقف عن شرب الخمر في محاولة لملء نوع من الفراغ الذي يعانيه، أو نسيان المشاكل التي يعانيها، أو إرجاع الثقة في نفسه حتى يكون قادرا على التواصل مع الناس، أو أحيانا يشرب لينسى نفسه، لأنه لم يعد قادرا على قبول الحياة التي يعيشها، فالإدمان مرفوق بنوع من الاكتئاب، وشارب الخمر يسعى إلى تجاوزه بحثا عن السعادة بلجوئه إلى الخمر، علما أن هذا تصور خاطئ بطبيعة الحال. لماذا لا يستطيع شارب الخمر التوقف عن الشرب؟ لا يستطيع لأن دماغه اعتاد على نمط معين، ويمنح إشارات، إثرها، يشعر شارب الخمر، أنه لن يكون في وضع جيد إلا إذا احتسى الخمر، وهذا طبعا نمط خاطئ، ويؤدي إلى العديد من التأثيرات على مختلف مناحي حياة متعاطي الخمر. ما هي تأثيرات التعاطي للخمر من الناحية النفسية؟ هناك تأثيرات نفسية، تجعل المتعاطي لا يشعر بالثقة في نفسه ولا يحب ذاته، تنعكس على حياته الاجتماعية، لأنه لا يستطيع الاستيقاظ بشكل عاد ومزاولة نشاطه اليومي أو العملي الذي يتأثر بدوره، لأن تعاطي الخمر يؤثر على الدماغ والقدرة على التركيز، ويرفع منسوب العصبية، فهناك من يبدأ يومه باحتساء الخمر، أي أنه يتحول من إنسان إلى آلة منعزلة عن العالم. تأثيرات التعاطي للخمر تظهر أيضا في العلاقات الزوجية، التي تصبح متوترة جدا، لأن المدمن على الخمر كما قلت يتحول إلى إنسان عصبي وقد يلجأ إلى العنف، كما تمتد هذه التأثيرات إلى الحياة الحميمية، ويعاني المتعاطي للخمر صعوبات في علاقاته الجنسية وقد تختفي أو تقل لديه الرغبة الجنسية. أي بصفة عامة يفقد حياته الشخصية والعملية، هذا فضلا عن أضرار الخمر من الجانب الصحي، فهو يدمر خلايا الدماغ، وله تأثيرات على الكبد. ما الذي يجب القيام به لمساعدة متعاطي الخمر للإقلاع عنه؟ انطلاقا من تجربتي الشخصية مع الحالات التي تفد علي، من بلغ مرحلة الإدمان لا يستطيع الخروج منها، وفي الغالب ليس هو من يقبل على طلب العلاج، بل العائلة هي التي تتولى هذه المسؤولية. وبالتالي يجب التكفل بصفة شمولية بالمدمن على الخمر، لأن الإدمان ما هو في نهاية المطاف إلا قمة الجبل الجليدي، ولعلاجه يجب العودة إلى الأسباب التي دفعت إلى الإدمان، والعمل على علاجها أو تجاوزها، لأن المدمن يعتقد أن الحل الوحيد لتجاوز مشاكله هو الهروب من الواقع. أما عندما يكون المدمن واعيا وهو الراغب في العلاج، فذلك لا يحدث إلا عندما تواجهه مشاكل كبرى، كأن يقوم بحادثة سير، أو يفقد حياته الزوجية، أو يفقد عمله. أجرت الحوار: هجر المغلي

شباش: مدمن الخمر لا يشعر بأي متعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ضرس العقل يسبب اعوجاج الأسنان

الفلاحون يودعون جنتهم الضريبية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات