بلقاضي قال إن "الكوطا" فرضتها هشاشة الانتقال الديمقراطي أكد ميلود بلقاضي، أستاذ التواصل السياسي بكلية الحقوق القانونية والاجتماعية والاقتصادية الرباط-أكدال، أن لجوء المغرب إلى آلية التمييز الإيجابي"الكوطا" فرضته تجربة الانتقال الديمقراطي الهشة التي يمر بها المغرب منذ نهاية تسعينات القرن الماضي، موضحا أن أزمة الموارد البشرية داخل هذه التنظيمات دليل على عدم قدرة هذه الأحزاب على القيام بمهمة الاستقطاب الموكولة إليها، الأمر الذي جعل الآلية المذكورة تحيد عن هدفها الحقيقي المتمثل في التمييز الإيجابي المرتبط بفتح المجال للنساء والشباب لولوج المجالس المنتخبة من أجل التمرس على ممارسة العمل السياسي والتشريعي، وتصبح آلية للريع السياسي خاصة في ما يتعلق بتولي المناصب، وفي ما يلي نص الحوار. ما تقييمكم لنظام "الكوطا" الانتخابية في المغرب؟ بداية يجب استحضار السياق الذي أفرز هذا الامتياز، قبل الخوض في تعريفه، فالمغرب يجب أن نعترف أنه يمر بتجربة انتقال ديمقراطي هش، ومن تجليات هذا النوع من الانتقال صعوبة ولوج الشباب والنساء إلى مراكز القرار والمسؤولية، خاصة تلك المرتبطة بالانتخابات بالنظر إلى وجود معوقات ذاتية وقانونية وسياسية وثقافية بالأساس، وهذا الواقع أثبتته مختلف الاستحقاقات الانتخابية، الأمر الذي دفع صانع القرار السياسي في المغرب بعد استشعاره أن الفاعل السياسي غير مؤهل لمنح المرأة ما تستحقه، اللجوء إلى هذه الآلية في غياب أي سند قانوني ودستوري، لكن توافق وإجماع الفاعل السياسي وصانع القرار على منح هذا الامتياز للمرأة والشباب، أضفى شرعية على هذا المقتضى وبالتالي حظي بمباركة المجلس الدستوري.و"الكوطا"حسب تعريف الفقهاء الدستوريين نظام تمييز إيجابي، يهدف إلى ضمان حقوق النساء والشباب في الانتخابات العامة للوصول إلى السلطة السياسية، رغم أنهم لا يعتبرون أقليات في المجتمع المغربي. وكما هو متعارف عليه ف "الكوطا" وسيلة لتحقيق المساواة والتقليل من التمييز بين فئات المجتمع المختلفة خصوصًا بين الرجال والنساء. وقد ارتبط مفهوم "الكوطا" بتخصيص عدد محدد من المقاعد في الهيآت المنتخبة للنساء والأقليات، أي في المجالس النيابية، بحيث لا يجوز أن يقل عدد المقاعد التي تشغلها النساء عن النسبة المقررة قانوناً، أي أن هناك حصة نسائية محددة لابد من شغلها من قبل النساء. وماذا عن عدم أحقية الشباب في الاستفادة من هذه الآلية؟ صحيح أن المرجعية المعتمدة في اعتماد "كوطا" نسائية لم تشمل فئة عمرية معينة، بل إن الشباب يشكل أغلبية داخل المجتمع المغربي بينما المرجعية تتحدث عن الأقليات، ولفهم استفادة الشباب من هذه المنحة أو هذا الامتياز يجب فهم السياق الذي تم فيه تبني هذا المطلب، حيث إن تفعيل هذا المقتضى جاء مباشرة بعد الحراك الذي شهده الشارع المغربي والذي لعب فيه الشباب دورا مهما، توجس الأحزاب من تصاعد سقف مطالب الفعاليات الشبابية داخل هياكلها كان حاضرا بقوة، الأمر الذي دفع حزب الاستقلال إلى الموافقة على تنظيم لقاء ضم مختلف الشبيبات الحزبية، وتوج باتخاذ قرار الضغط على وزارة الداخلية من أجل تخصيص نسبة الثلث للشباب باللوائح الوطنية في محاولة لامتصاص غضب هذه الفئة وتمت الاستجابة لهذا المطلب، لكن التطورات الحالية تفرض إعادة النظر بشكل شمولي في هذا الامتياز خاصة على مستوى وجود الشباب في هذه اللائحة. ماهي الحلول التي تقترحونها لتعزيز دور الشباب من خلال المشاركة المباشرة في الحياة السياسية؟ الحل الوحيد هو الالتزام الفعلي بمقتضيات الأنظمة الأساسية للأحزاب، خاصة تلك التي تمت مراجعتها لتتلاءم مع المقتضيات الجديدة للقانون التنظيمي للأحزاب السياسية وكذا دستور فاتح يوليوز، فكل الضمانات يجب توفيرها لتيسير ولوج سلس للشباب إلى المجالس المنتخبة، باعتباره مطلبا ملكيا بالدرجة الأولى، هناك صعوبات في تفعيل هذا الخيار أهمها الموارد المالية لتمويل الحملات الانتخابية، لكن من غير المعقول أن تعمد الأحزاب إلى إدراج الشباب في اللائحة الوطنية لاستغلال فرصة وجود صندوق خاص يدعم اللائحة الوطنية. ماهي ملاحظاتكم عن المعايير المعتمدة في اختيار المرشحين باسم هذه اللائحة؟ أتحدى أي حزب أن يقدم المعايير الموضوعية التي اعتمدها في هذا الاختيار، فغياب الشفافية و الديمقراطية يتضح جليا في هذه اللوائح، الأمر الذي يقتضي وضع ميثاق شرف لتحديد معايير محددة ومقبولة، نذكر من بين هذه المعايير الأقدمية والمسار النضالي داخل الحزب باعتبارهما تجسيدا للحكامة الحزبية، واعتماد معيار المردودية بناء على الإشعاع الفكري، أو السياسي، أو الثقافي محليا وجهويا ووطنيا، إضافة إلى المصداقية والالتزام ودور المستفيد من هذا الإجراء في التنشيط والتأطير الحزبي باعتبارهما التجسيد الحقيقي للانخراط الحزبي الفعلي وقد تضمن القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية جملة من هذه المعايير التي يجب الأخذ بها. اللائحة الشبابية للمبتدئين فقط هناك وزيران ورؤساء مقاطعات استفادوا مرتين من هذه الآلية، بل هناك أساتذة جامعيون فشلوا في الانتخابات المحلية وتمكنوا من الوصول إلى البرلمان عبر هذه اللائحة، وهو أمر مرفوض وغير مقبول أخلاقيا، لأن هدف وضع هذه الآلية ارتبط بفتح المجال للنساء والشباب لولوج المجالس المنتخبة من أجل التمرس على ممارسة العمل السياسي والتشريعي لولاية واحدة، أما مسألة الاستفادة من هذا الامتياز بالنسبة إلى سياسيين متمرسين فهو أمر مرفوض، لأنه يشجع على الاتكالية والريع السياسي. أجرى الحوار: زكرياء الدويبي (صحافي متدرب) في سطور - أستاذ مادة التواصل السياسي، شعبة العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية أكدال-الرباط.- حاصل على الدكتوراه في تحليل الخطاب السياسي.- أستاذ زائر بالعديد من الكليات و المعاهد الخاصة.- محلل سياسي بالعديد من المحطات الإذاعية مشرف على القسم السياسي بإذاعة "ام اف ام".
