لا يصدق، كل من يعرف «كمال» (اسم مستعار)، أنه تجرأ، يوما، على الصراخ في وجه أستاذه داخل حجرة الدرس، وعبر عن احتجاجه بعنف، فسلوكه وتربيته وتعامله الجيد مع الآخرين، جعل الكثيرين يكذبون الخبر، ويتصورون أنه من إحدى دعابات أصدقائه.لكن في الحقيقة، فـ"كمال"، التلميذ النجيب، لم يتحكم في تصرفاته، وفقد السيطرة عليها، بسبب استفزاز أستاذه له التي حولته إلى "مشاغب". يحكي صديق كمال الذي لم يكن يقوى على رفع صوته أمام أستاذه، أنه فقد صوابه، ذات يوم، وصار مثل وحش يجوب حجرة الدرس، وصراخه يملأ المكان، غير مبال بعلامات الاستغراب التي بدت على أصدقائه، ولا بخوفهم واندهاشهم. يقول صديقه إن تصرفات "كمال" كانت لها مبررات قوية، إذ أن صبره على استفزازات الأستاذ نفد، ولم يعد يحتملها، مؤكدا أن ممارسات الأستاذ وصلت إلى حد وصفه بـ"الغبي"، رغم أن مستواه الدراسي جيد جدا، "احمر وجهه بعد أن تمادى في استفزازاته وتوجيه الانتقادات إليه دون مبرر، ودون أن يقترف أي خطأ، إلى أن ثار من مكانه، مثل مجنون لا يدري بما يقوم به، وصار يقفز على الطاولات ويصرخ، دون أن يشعر بالذين حوله". وما يثير احتجاج واستنكار التلاميذ، أن الأستاذ المذكور يستمر في تصرفاته رغم شكايات آباء وأولياء التلاميذ، إذ يتصور أنه بذلك سينجح في تحفيز التلاميذ على الدراسة، واستيعابهم الدروس دون مشاكل. درجة الغضب التي وصل إليها "كمال"، هي ذاتها ما أحس بها الكثير من التلاميذ، إلا أن بعضهم تحكموا في تصرفاتهم، وحاولوا مجاراة الوضع دون أن يدخلوا في خانة اللائحة السوداء التي تضم التلاميذ المشاغبين. حالة هستيرية عاشها كمال في ذلك اليوم، بسبب سلوكات الأستاذ "غير المسؤولة"، أثرت عليه بشكل كبير، وجعلته يكشف وجهه الآخر، الذي كان من الممكن ألا يظهر داخل القسم، لولا تلك الاستفزازات المتكررة. إنها التصرفات التي تجعل الكثير من التلاميذ يرفضون الالتحاق بأقسامهم، والمطالبة بتغييرها، تحت مبرر أن الأستاذ يتعامل بعنف معهم، وأن سمعته بينهم، تؤكد الأمر. إ . ر