إجماع على أن ضعف التكوين سبب الأزمة ورفض عودة الحراس الأجانبأصبح حارس المرمى الجيد في البطولة الوطنية عملة نادرة، وتراجع مستوى أصحاب القفازات بشكل لافت للانتباه ، ولم يعد المنتخب الوطني قادرا على ضمان حارس متميز لفترة طويلة، في وقت كانت الأندية تعج بالأسماء اللامعة من الحراس في بداية السبعينات والثمانينات، وحتى نهاية التسعينات. ويجمع المتتبعون، على أنه منذ اعتزال بادو الزاكي، بداية التسعينات، افتقدت الساحة الوطنية، حراس مرمى كبار، ب”كاريزما” خاصة، يدافعون عن ألوان الأندية الوطنية.ورغم بزوغ بعض الأسماء بين الفينة الأخرى، في مركز حراسة المرمى، شكل على امتداد العقود الثلاثة الأخيرة، محور نقاش، الفاعلين والمتداخلين في اللعبة، وكان نقطة ضعف التي عانتها الأندية خصوصا في منافساتها القارية، وكذلك المنتخبات الوطنية في التظاهرات العالمية، مع بعض الاستثناءات معدودة على رؤوس الأصابع، في مقدمتها مصطفى الشاذلي، المدرب الحالي، لحراس المنتخب المحلي، والسابق للرجاء الرياضي، والذي حقق رفقته ألقابا محلية، وأخرى قارية، وبلغ معه العالمية، حينما دافع عن عرينه في أول نسخة لمونديال الأندية، بالبرازيل سنة 2000.ومع انطلاق منافسات بطولة الموسم الجاري، تعالت أصوات، مطالبة بعودة الحراس الأجانب للبطولة، للضغط على المحليين من أجل بذل المزيد من الجهد، وإضفاء التنافسية على مركز شكل لغزا في السنوات الأخيرة، بينما ترى فئة أخرى أن فتح الأبواب من جديد من وجه الحراس الأجانب، بمثابة إقبار للمواهب المحلية، وحكم بالإعدام على حراس شباب قادرين على الدفاع عن الألوان الوطنية. القوة الضاربة أسماء كبيرة تناوبت على الدفاع عن عرين الأسود لا يسع المجال لذكرها، وشكلت نقطة قوة داخل المنتخب الوطني، بل وكانت وراء تحقيق إنجازات تاريخية، كما هو الشأن بالنسبة إلى بادو الزاكي، في مونديال مكسيكو 86، وقبله المرحوم علال بنقسو في مونديال مكسيكو 70، وبينهما حميد الهزاز، الحائز على أمم إفريقيا الوحيدة في تاريخ المغرب، سنة 1976، بأديس أبابا الإثيوبية. وظهرت أسماء لتختفي بسرعة البرق، لأسباب مختلفة، في مقدمتها خليل عزمي، حارس مرمى الوداد الرياضي، والذي شكل مونديال أمريكا 94، نقطة تحول في مساره، بعد الخطأ الذي ارتكبه أمام السعودية، وحسن رفاهية الذي دافع عن ألوان المغرب الفاسي والكوكب المراكشي، والمرحوم عبدالقادر البرازي، الذي دافع بكل بسالة عن عرين الجيش والمنتخب الوطني، لسنوات، ومن قبله صلاح الدين احميد، ابن سيدي قاسم، مرورا بإدريس بن زكري، الذي أخلف الميعاد في مونديال فرنسا 98، ورافقه في مهامه حينها سعيد الدغاي، المتألق رفقة جمعية الحليب في البطولات العربية، وأخيرا مصطفى الشاذلي، الذي لم ينل فرصته كاملة رفقة المنتخبات الوطنية، بالمقابل صنع لنفسه تاريخا رفقة الرجاء.ومن الأسماء التي تركت بصمات واضحة رفقة المنتخب، نجد خالد فوهامي، المشرف الحالي على تدريب الحراس داخل الإدارة الوطنية، والذي لعب نهائي أمم إفريقيا تونس 2004، ونادر لمياغري، حارس مرمى الوداد الرياضي، آخر العمالقة، الذي شارك في أربع نسخ للمنافسة ذاتها، قبل أن يقرر اعتزال اللعبة بداية الموسم الجاري، والتفرغ إلى مجال التكوين. تراجع الحراسيعتبر العديد من المتتبعين، تراجع مستوى الحراس في البطولة، تحصيل حاصل، لمنظومة كروية ضعيفة، لا تفرز مهاجمين أقوياء، يختبرون قدرات حراس المرمى على امتداد تسعين دقيقة، وبالتالي يعرضونهم إلى العطالة، في فترات كثيرة من المباراة، يفتقدون معها ردود الأفعال، والقدرة على التصدي في كل الأوقات.ويرى مصطفى الحداوي، الدولي المغربي السابق، أن وضع حارس المرمى تحت الضغط، واختباره بين الفينة والأخرى، سواء بتسديدات قوية، أو تمريرات عرضية، يجعله يقظا بين الخشبات الثلاث، السبيل الوحيد لتطوير إمكانياته داخل المباراة، لأن التمارين لوحدها حسب الحداوي، لا تكفي لتكوين حراس مرمى في المستوى، بل من الضروري اختباره في المباريات، ووضعه أمام حالات تستدعي الفعل ورد الفعل في الآن ذاته، حتى يظل يقظا طيلة أشواط المواجهة.ويعترف الحداوي، أن أساليب تدريب حراس المرمى، تطورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وباتت تعتمد أساليب تقنية أكثر منها بدنية، لكنها لا تكفي لوحدها لإعداد حارس في المستوى، حسب الحداوي. غياب التكوينأرجع حارس دولي سابق، سبب تراجع مستوى حراس المرمى في البطولة الوطنية إلى غياب سياسة التكوين في الأندية، إذ أصبح رؤساء الأندية، لا يبالون بتكوين الفئات العمرية، رغم بروز حراس ذوي كفاءات في الفئات الصغرى، لكن سرعان ما يتم إهمالهم، ويتسابقون من أجل انتداب لاعبين من مختلف الجهات، ما يعرض هؤلاء الحراس للنسيان والتهميش. وقال الحارس الدولي السابق، إن مشكل حراس المرمى ظهر في نهاية التسعينات من القرن الماضي، بعد اعتزال العملاق بادو الزاكي، إذ منذ تلك الفترة أصبح المنتخب الوطني يفتقر لحارس مرمى كبير. ودعا الحارس السابق القائمين على كرة القدم الوطنية، إلى الاهتمام بتكوين الحراس، وتجنيد مدربين يتمتعون بكفاءات عالية في تدريبهم.ويعتقد الحارس ذاته، أنه يجب على الأندية إعطاء الفرصة الكاملة للحراس من خلال ضمها أربعة أو خمسة من ذوي الكفاءات، ليستفيدوا من التكوين، ويتمكنوا من إبراز قدراتهم الفنية والبدنية. الشاذلي...الأكثر تتويجايعد مصطفى الشاذلي، حارس مرمى الرجاء الرياضي سابقا، ومدرب حراس المنتخب المحلي حاليا، أكثر الحراس تتويجا في البطولة الوطنية محليا وقاريا.وتوج الشاذلي بعصبة الأبطال الإفريقية رفقة الرجاء في 1997 و1999، وخاض نهائي 2002، وخسره أمام الزمالك المصري.كما فاز الشاذلي بكأس الكنفدرالية الإفريقية سنة 2003، أمام كانون ياوندي الكامروني.وحصل الشاذلي على البطولة الوطنية لست مناسبات سنوات 1997 و1998 و1999 و2000 و2001 و2009، وحاز لقب كأس العرش لثلاث مناسبات، سنوات 1996 و2001 و2005.واعتزل الشاذلي الميادين قبل أربع سنوات، بعض أن خاض تجارب رفقة الجيش الملكي والمغرب التطواني، قبل أن ينضم إلى الطاقم التقني للرجاء على عهد المدرب امحمد فاخر، وحاز رفقته لقبي البطولة وكأس العرش.وفي ماي الماضي، اختاره امحمد فاخر، ضمن الطاقم التقني للمنتخب المحلي، مدربا للحراس. فوهامي: غياب التكوين أصل الداءلم يخف خالد فوهامي، مدرب حراس مرمى المنتخب الوطني، والإطار بالإدارة التقنية، وجود خصاص في مركز حراسة المرمى على مستوى الأندية.وأرجع فوهامي، في اتصال هاتفي مع “الصباح الرياضي”، أصل الداء إلى غياب التكوين في المجال، وقال” لا يمكن تكوين حارس مرمى في المستوى بالاعتماد على الأساليب التقليدية، بل يجب اتباع طرق حديثة، مبنية على قواعد علمية سليمة، لا مجال فيها للخطأ”. وكشف فوهامي، أن الإدارة التقنية، وضعت برنامجا علميا دقيقا لتكوين مدربي حراس الأندية، وتابع” أعتقد أننا على السكة الصحيحة، وهذا بشهادة المتتبعين، وموفدين من “فيفا”. في القريب العاجل، سنتغلب على هذا الإشكال”.إلى ذلك، طمأن فوهامي الجمهور على مستقبل حراس مرمى ضمن الأسود، وزاد قائلا” لا يمكن أن يعاني المنتخب هذا المشكل، في ظل وجود حارس عملاق على رأس طاقمه التقني. نتوفر على حراس كبار، نتابع عطاءاتهم داخل الأندية بأدق التفاصيل، في مقدمتهم ياسين بونو، الذي قدم موسما رائعا رفقة سرقسطة الإسباني، وكذا الوجه الجديد، ذو 24 ربيعا، محمد منير، حارس مرمى نومانسيا.ودعا فوهامي حراس المرمى السابقين إلى الخضوع إلى دورات تكوينية أكاديمية، للحصول على معلومات تفيدهم في تلقين المهمة داخل أنديتهم.إلى ذلك، أشار فوهامي، إلى أن الإدارة التقنية، بصدد تكوين حوالي 24 إلى 25 مدربا لحراس المرمى، جاهزين للانضمام إلى أندية القسم الممتاز بداية من الموسم المقبل، وأفاد” دفتر تحملات الأندية الممارسة في البطولة الاحترافية، سيتضمن بندا خاصا بمدربي حراس المرمى، ودرجة الشهادة المحصل عليها من طرف الإدارة التقنية”.إعداد: نور الدين الكرف