اعتبر عبد الله بوانو، النائب البرلماني، أن استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل والحريات، سوف سيساهم في تغول السلطة القضائية على حساب السلطتين التنفيذية والتشريعية، على اعتبار أنه لن تكون هناك محاسبة سياسية لها، مشيرا في الوقت نفسه خلال مداخلته في الندوة الوطنية حول آفاق السلطة القضائية في المغرب التي نظمت، الجمعة الماضي بالمعهد العالي للقضاء من قبل الودادية الحسنية للقضاة والمرصد القضائي للحقوق والحريات، أن هناك إشكالا حقيقيا حول علاقة استقلالية السلطة القضائية، سواء بالنسبة لتوازن السلط الثلاث، أو الارتباط مع كتاب الضبط وغيرهم من المنفذين بالمحاكم التابعين للحكومة، أو علاقة الاستقلالية بالقاضي وإصدار الأحكام وفق ما جاء به دستور 2011، متسائلا " إنه إذا كنا اليوم نلجأ إلى الحكومة عند كل اختلال فيما يمس القضاء، فمن سنحاسب غداً، أم أن مواجهة المجتمع ستكون مع الرئيس المنتدب أو الوكيل العام؟". ولم يخف بوانو أن البرلمان سيعمل على دراسة المشروع والدفاع عن وجهة النظر التي يراها مناسبة، مشيرا أنه سيستغرق الوقت الكامل من أجل ذلك حتى لو استدعى الأمر أن لا يمر القانون في عهد الوزير الحالي.وجهة النظر نفسها حول ضرورة تبعية النيابة العامة لوزارة العدل والحريات دافع عنها عبد اللطيف وهبي، الذي أفاد أن الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في مشروع قانون السلطة القضائية يتوفر على 52 اختصاصا، مقابل 22 اختصاصا لهذا المجلس، ما يطرح إشكالية ومفهوم استقلال السلطة القضائية، وإمكانية التعسف في هذه السلطة، على غرار السلطات الواسعة للوكيل العام لمحكمة النقض في غياب أي مراقبة ومحاسبة له، وهو أمر لا يمكن قبوله لأنه طرف، ومشرف على تنفيذ السياسة الجنائية. وأوضح وهبي أن استقلال النيابة العامة يمثل الشجرة التي تخفي الغابة، ويتعين التروي للحسم في الاختيارات المطروحة، إما في اتجاه الانتخاب، أو تعزيز وتطوير الضمانات بالنسبة إلى القضاء الجالس، وذلك ضمانا لحقوق المواطنين ومأسسة الدولة، التي لا يجب أن تكون في غياب المحاسبة والمتابعة. أما النائب محمد حنين، فقد ناصر القضاة في طرح استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل والحريات، مؤكدا على أن انتقال رئاسة النيابة العامة من وزير العدل والحريات إلى الوكيل العام لمحكمة النقض يشكل ترجمة فعلية لإحدى توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، الذي زكاه الملك محمد السادس عندما صادق على مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمجلس الوزاري. وأثار الطرح القائل باستمرار تبعية النيابة العامة لوزارة العدل والحريات، استغراب حنين لأن ذلك يتناقض مع التركيبة الحالية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي تخرج وزير العدل منها، وأن الدعوة إلى إبقاء النيابة العامة تحت وصاية وير العدل «ربما يؤدي إلى التسيب وليس تغول القضاء».واعتبر حسن طارق، أن القول بأن الملك صادق على نتائج الحوار، وأثنى عليها يشكل «حجة ضعيفة»، لأن جلالة الملك أثنى على الحوار وفلسفته، وأن استقباله لأعضاء الهيأة العليا ليس تأكيدا أو تكريسا لتوصياته، قائلا «فلنترك جلالة الملك بعيدا عن هذا النقاش». وشدد محمد الخضراوي، رئيس المرصد القضائي للحقوق والحريات على أن مشروع القانون الحالي لا يوفر الضمانات الحقيقية لسلطة قضائية مستقلة، المنوط بها مهام والتزامات كبرى تتجاوز مجرد إصدار أحكام، موضحا أن المرحلة المقبلة تقتضي الثقة في المؤسسة القضائية لتتحمل هذه الأمانة العظمى.الاتفاق أو التقارب الكبير في وجهات نظر المعارضة والأغلبية حول تبعية النيابة العامة رد عليه القضاة بأن القول بضرورة المحاسبة السياسية، هو مجرد حجة واهية، لأن التجربة على مر السنين أثبتت أن المحاسبة السياسية لوزير العدل هي مجرد محاسبة نظرية، ولاشيء على أرض الواقع، متسائلين في الوقت نفسه، عمن يحاسب الوكيل العام والرئيس الأول لمجلس الأعلى للحسابات؟ كما أكد القضاة أن دستور 2011 تحدث عن دسترة توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة والتي قالت بضرورة الفصل بين السلطتين.ك . م