مشاريع الجماعات… الدجاجة التي تبيض ذهبا

خروقات بالجملة كشفها قضاة المجلس الأعلى ومفتشو الداخلية والمالية وبعضها وصل القضاء تعتبر الصفقات العمومية، بالنسبة إلى عدد من رؤساء الجماعات ونوابهم المكلفين بمهمة، الدجاجة التي تبيض ذهبا، أو الطريق "فائق السرعة" إلى الغنى بـ"طرق قانونية جدا"، ما دامت الدولة مصرة على ترك الحبل على الغارب في هذا المجال، وأيضا بسبب الثقوب المسطرية الكبيرة التي تتسلل منها فيلة، وليس فقط فئرانا صغارا يغريها قضم أكياس المال العام.نظريا، تعتبر الصفقات العمومية هي الوسيلة القانونية التي تختار بها الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية الشركاء الاقتصاديين المدعوين لتنفيذ البرامج والمشاريع العمومية المختلفة، لكن تعتبر، في الواقع، "الهدية"الرائعة الملفوفة في ورق "سولوفان"مذهب، التي يجدها المنتخبون فوق مكاتبهم بعد كل انتخابات جماعية. إذ لا يمكن لأحد أن يصدق أن رؤساء جماعات يصرفون دم عروقهم أثناء الحملات الانتخابية من أجل تعويض شهري لا يتجاوز ألف درهم، أو بسبب "أكذوبة"خدمة الصالح العام والتضحية من أجل المواطنين.ليس ما سبق أحكام قيمة، أو حقدا دفينا تجاه المسؤولين الجماعيين، بل هي حقيقة تؤكدها تقارير المجلس الأعلى للحسابات ومجالسه الجهوية والمفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة لوزارة الداخلية التي مازالت تضع اليد، إلى اليوم، على عدد من الملفات التي يتابع فيها رؤساء جماعات ومنتخبون ومديري شركات متواطئة، بسبب عدم التقيد بمقتضيات قانون الصفقات العمومية، سواء في ما يخص مساطر طلب العروض، أو تركيبة لجان فتح الأظرفة، فضلا عن سريان الصفقات الجماعية على أشخاص، معنويين وذاتيين، بعينهم منذ سنوات، ما يشكل إخلالا بمبدأ تكافؤ الفرص بين المتنافسين. ويمكن إجمال أهم أشكال التلاعب في الصفقات العمومية في الخروقات التي تهم المدة الفاصلة بين تاريخ الإعلان عن الصفقة وتاريخ فتح الأظرفة وكذا إمكانية الحصول على ملف الصفقة، إذ يعمد مجموعة من الساهرين على الشأن العام، نظرا للمراقبة التي يمكن أن تفرض على مراحل ما بعد فتح الاظرفة، إلى تحديد مآل الصفقة منذ البداية، ويجري رفض تسليم ملف الصفقة إلى المتنافسين تحت مبررات واهية، من قبيل أن الملف غير جاهز، أو تم إلغاء الصفقة. كما تتحول الآجال المحددة في 21 يوما إلى يومين أو ثلاثة أيام، ما يخل بأحد مبادئ التنافسية. كما تهم الخروقات لجنة فتح الأظرفة، إذ يشتكي مجموعة من المتنافسين غياب وثيقة في ملفهم تكون سببا في إقصائهم...وحتى لا ننبش كثيرا في ملفات الفساد المتعلقة بجانب الصفقات العمومية، نكتفي ببعض قرارات العزل التي صدرت قبل ثلاثة أشهر في حق رؤساء جماعات ونوابهم، إذ سجلت أجهزة وزارة الداخلية عددا من الخروقات، كما فعل رئيس جماعة تاونزة بأزيلال بعدم احترامه القواعد التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية، وأداء مبالغ غير مستحقة لفائدة مقاولة استفادت من صفقة متعلقة بفتح مسلك قروي. ثم رئيس مجلس جماعة حد السوالم، الذي جرى التأكد من ارتكابه عددا من الخروقات أثناء مزاولة مهامه، خاصة عدم احترامه بعض القواعد التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية، وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية المتعلقة بضبط وزجر المخالفات المرتكبة في مجال التعمير، وعدم استخلاص بعض المداخيل المستحقة لفائدة الجماعة وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية في حق شركات عقارية قامت بنصب لوحات إشهارية دون ترخيض ودون أداء مستحقات الجماعة.يضاف إلى هؤلاء، رئيس مجلس جماعة وزان بإقليم وزان الذي آخذت عليه الوزارة أيضا عدم احترام المقتضيات التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية، ما اعتبرته أخطاء جسيمة وأفعالا مخالفة للقانون ولأخلاقيات المرفق العام توجب العزل.ولا يتسع المجال لذكر جميع الملفات التي يتابع فيها رؤساء جماعات وبعضهم يوجد وراء القضبان بسببها، لكن نذكر فقط، إن نفعت الذكرى، أنه ابتداء من فاتح يناير 2014، أصبحت صفقات الجماعات الترابية وهيآتها تخضع، إلى جانب صفقات الدولة والمؤسسات العمومية، لمقتضيات المرسوم رقم 2-12-349 بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية، وذلك في انتظار دخول القانون التنظيمي المحدد للنظام المالي للجهات والجماعات الترابية الأخرى المنصوص عليه في الفصل 146 من الدستور، والنصوص المتخذة لتطبيقه حيز الوجود.قانون ومراسيم جديدة قد تتحول، كسابقاتها، حبرا على ورق، في غياب إرادة سياسية حقيقية للقطع مع دابر الفساد والريع، وإجراءات حقيقية للمراقبة والتتبع، بعيدا عن أساليب التواطؤ ومنطق "أكباش الفداء"التي تقدمها الحكومة، بين الفينة والأخرى، على مذبح الفضيحة كي يطويها النسيان.يوسف الساكت

مشاريع الجماعات… الدجاجة التي تبيض ذهبا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إصلاح اصطدم بصخرة الفساد

ملفات أطاحت بمسؤولين كبار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات