لم تخمد نار الفتنة التي أيقظتها بعض الأحزاب السياسية بإقليم سطات، إذ تلتهب الصراعات حول الأراضي الفلاحية المسترجعة في عدد من الجماعات القروية التابعة للإقليم نفسه، ويتوصل تأليب السكان المحليين، بطرق مختلفة، ضد أصحاب هذه الأراضي التي اقتنوها من ملاكها الأصليين وفق عقود موثقة في السجلات العقارية.ويعيش الإقليم، منذ أكثر من سنة، على وقع عدد من الاحتجاجات في مناطق مختلفة، يقودها عدد من الفلاحين وأبناهم وأسرهم الذين يطالبون الوزارات الوصية بالتدخل العاجل لإيجاد مخرج قانوني لمشاكل متشعبة تطرحها وضعية هذا النوع من الأراضي، ويتداخل فيها قانون الأملاك المسترجعة من الأجانب (2 مارس 1973)، وقواعد الأحوال الشخصية للأجانب (نظام الوصية في القانون الفرنسي)، أو من جانب المراكز القانونية لأطراف المنازعة (الدولة المغربية - الملك الخاص وطرف أجنبي، فرنسي في هذه الحالة، خلفا عاما في إطار نظام الوصية).ومؤكد، حسب مصادر، أن بعض الأحزاب بالإقليم تستغل وضعية الغموض والتضارب التي حاولت الدولة الحسم فيها بعدد من الإجراءات القانونية، (من قبيل اللجان الإقليمية لفك النزاعات العقارية المشكلة بناء على رسالة رقم 449 الوزير الأول المؤرخة في 18 أبريل 1994 الممثلة بعدد من الإدارات الرسمية)، وتعمد إلى خلط الأوراق بتحريض السكان المحليين ضد مجموعة أشخاص استفادوا، في إطار القانون ووفق مساطر قضائية من بعض هذه الأراضي، مقابل عقود ووثائق ورسوم صادرة عن الدولة المغربية.وقالت المصادر إن بعض قضايا التحريض وصلت إلى حدود قصوى قبل سنة، حين تداعى عدد من سكان بالجماعة القروية خميس سيدي محمد بن رحال يقطنون بضيعة تحمل اسم أحد المعمرين السابقين يدعى الكفالي، وقرروا تنظيم سلسلة منتظمة من الاعتصامات في أماكن مختلفة، مطالبين بطرد خمس ملاك لرسوم عقارية مختلفة تبلغ مساحتها الإجمالية 627 هكتارا و57 آرا و94 سنتيارا، وهي الرسوم التي سبق أن حمست فيه لجنة إقليمية عقدت بتاريخ 9 فبراير 2000 (أي قبل 14 سنة من الآن) وحمل محضرها اجتماعها الرسمي توقيعات ممثلي ست إدارات عمومية، منها وزارة المالية والمحافظة العقارية ومديرية الشؤون العقارية والمديرية الإقليمية للفلاحة..ونظم سكان أولاد البوزيري المنتمين إلى أربعة دوارير (ولاد القايد موسى وولاد القايد سعيد بن علي، ولحمامدة والهيبات) عددا من الوقفات الاحتجاجية، من أجل منع ملاك الأراضي من الدخول إليها وممارسة أنشطتهم الفلاحية والزراعية بها، ثم من أجل الاستفادة من هذه التسويات التي جرت في إطار اللجنة الإقليمية، بدعوى أن آباءهم وأجدادهم كانوا يعملون بهذه الأراضي خلال مراحل سابقة من الاستعمار، بينما يقول طرف منهم إن هذه الأراضي كانت أصلا لأجدادهم قبل احتلالها من قبل المستعمر، وهناك قسم ثالث يقول إن هناك معاملات تمت بين أجدادهم والملاك الفرنسيين في إطار البيع والهبة والوصية.هذه الاحتجاجات وصلت إلى ذروتها بداية الموسم الفلاحي السابق، حين اعترض المعتصمون عمليات الحرث التي كان سيباشرها أصحاب الأراضي، ما اعتبرته السلطات الإدارية عصيانا مدنيا، استدعى إنزالا أمنيا مكثفا لعناصر الدرك الملكي التي اعتقلت خمسة أشخاص أدينوا ابتدائيا. واستغربت المصادر كيف تجرؤ هذه الأحزاب على إشاعة الخلط والفتنة واختلاق الاصطدام بين المواطنين، لأسباب لم تعد خافية على أحد، تتعلق باللعب على وتر التعاطف لحشد أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات المقبلة، وهو أسلوب مدان، حسب المصادر نفسها، يبطن عددا من القنابل الموقوتة.يوسف الساكت