3 أسئلة < ارتفعت متأخرات الدولة تجاه القطاع الخاص ما انعكاسات ذلك على المالية العمومية؟ < من خلال قراءة معمقة لقانون المالية للسنة الجارية يتضح أن هناك مشاكل ستطرح خلال تنفيذ الميزانية، إذ أن متأخرات الأداء التي ما تزال في ذمة الخزينة العامة تراكمت بشكل ملحوظ مع متم السنة الماضية، وهي عبارة عن نفقات تم الإذن بصرفها لكن لم تؤد بعد، كما أن هناك نفقات كانت مدرجة في الميزانية السابقة، لكن لم يتم إصدار الأمر بإنفاقها. ويرجع هذا الأمر إلى أن حسابات الميزانية تم حصرها في نونبر الماضي، في حين أنه كان من المفروض حصرها في بداية الشهر الموالي، ما أدى إلى الوضعية الحالية. وتصل القيمة الإجمالية لهذه المتأخرات، عند متم السنة الماضية، إلى 5 ملايير و 900 مليون درهم، في حين أن هذا المبلغ لم يكن يتعدى في نونبر الماضي مليارا و 400 مليون درهم، ما يعني أنه في ظرف شهر انتقل من مليار و 400 مليون درهم من المتأخرات إلى 5 ملايير و 900 مليون درهم، علما أنه خلال 2013 كان المبلغ يناهز 3 ملايير و600 مليون درهم. < ما هي انعكاسات هذه المتأخرات على عجز الميزانية؟ < يتعين أن تضاف هذه المبالغ على العجز المتوقع، خلال السنة الماضية، لكن المسؤولين عن إعداد الميزانية لم يأخذوا هذا المعطى بعين الاعتبار في حسابهم للعجز المتوقع، كما أن متأخرات الدولة تجاه الصندوق المغربي للتقاعد، باعتبارها مشغلا، لن تؤدى كاملة، خلال السنة الجارية، إذ تم تضمين جزء، فقط، من هذه المتأخرات في ميزانية السنة الماضية، إضافة إلى متأخرات الصندوق الوطني لهيآت الاحتياط الاجتماعي (كنوبس)، ومتأخرات صندوق المقاصة، إذ سيتم أداء جزء من متأخرات المقاصة إلى الشركات النفطية، وسيظل الباقي في ذمة الدولة، ما سيخلق مشاكل لعدد من المقاولات المعنية بالمواد المدعمة. ورغم الإعانات المنتظرة من دول الخليج المتوقع أن تصل إلى 13 مليار درهم، فإنها لن تكفي لتغطية كل هذه المتأخرات. < هل كانت لدى الحكومة آليات من أجل تصحيح هذه الاختلالات؟ < كان بإمكانها تحسين الموارد الجبائية لو أنها بذلت مجهودات من أجل تحصيل متأخرات الضرائب أو جزء منها، إذ تقدر، حاليا، بحوالي 60 مليار درهم، لكن لم نلمس أي مجهود في هذا الباب. ويتعين تفعيل التنسيق بين مختلف الإدارات المعنية بالمراقبة من أجل تبادل المعلومات في ما بينها لضبط كل حالات الغش والتهرب الضريبيين. ومن الإجراءات الضرورية التي يتعين اتخاذها في هذا الاتجاه، إنشاء مؤسسة مستقلة تتكفل بالمراقبة الجبائية، إذ من غير المقبول أن تجمع إدارة الضرائب مهمة إعداد النصوص القانونية والسهر على تنفيذها ومراقبة تطبيقها، ففي هذه الحالة تكون الإدارة العامة للضريبة خصما وحكما في الوقت نفسه، إذ أن عملية المراقبة يجب أن تتم باستقلالية عن الجهة التي تعتمد وتنفذ السياسة الجبائية، سيما في بلد مثل المغرب. * أستاذ الاقتصاد المالي والمالية العمومية