"ديستي" ساهمت في تفكيك حوالي 100 خلية إرهابية خلال السنوات الأخيرة جربت القاعدة وداعش ثم تنظيم الدولة الإسلامية كل الطرق من أجل زعزعة استقرار المملكة، غير أنها في كل مرة كانت تجد أمامها مخابرات قوية تتمثل في جهاز مراقبة التراب الوطني المعروف اختصارا ب"ديستي" الذي يضم عناصر يقظة قادرة على إجهاض كل هذه المحاولات في المهد، أو قبيل مرحلة التنفيذ بعد أن تجمع العدد الكافي من المعلومات التي يمكن أن تستغلها للإطاحة بباقي المنتمين للتنظيم وللوقوف على علاقة العناصر الموقوفة ببعض القادة بالخارج، وكذا مخططاتهم وأهدافهم المستقبلية.الأرقام والحوادث المسجلة خلال 12 سنة التي عقبت حادث 16 ماي الأليم بالبيضاء تؤكد قوة المخابرات المغربية، إذ قارب عدد الخلايا الإرهابية التي فككتها الأجهزة الأمنية، خاصة مديرية مراقبة التراب الوطني، مائة خلية، وهو رقم يعكس العمل الاستباقي الكبير الذي تقوم بهذه الأجهزة وكذا المجهود المبذول من قبلها، والذي جنب المغرب الدخول في حمامات دم، خاصة أن التحقيقات مع هذه الخلايا كشفت أنها كانت تخطط لعمليات اغتيال لمسؤولين أمنيين وسياسيين، ولتنفيذ عمليات انتحارية عن طريق أحزمة ناسفة أو سيارات مفخخة. الأرقام الرسمية تقول إن سنة 2007 والتي تزامنت مع أحداث حي الفرح وتفجير مقهى أنترنت بسيدي مومن كانت الأكثر نشاطا من حيث عدد الخلايا المفككة، فيما سجل تفكيك خمس خلايا سنة 2005 وارتفع العدد إلى 8 في 2006 و2008، ثم نزل إلى خمس في 2009، و8 في 2010 و4 في 2011، و7 في 2012. وعرفت سنة 2013، يؤكد المصدر، تفكيك 5 خلايا،فيما سجلت الستينات الأخيرتان ارتفاعا كبيرا في عدد هذه الخلايا المفككة.أرقام تكشف أن هناك عملا كبيرا يبذل، وأن العناصر الأمنية دخلت حربا دائمة مع هذه الخلايا النائمة منها واليقظة، من خلال تتبع وترصد حركات التابعين لها على الأرض من خلال الاجتماعات التي يعقدونها بشكل سري في بعض المنازل من أجل الاتفاق على طريقة لاستقطاب المواطنين، ودفعهم إلى الهجرة إلى سوريا للقتال في صفوف التنظيم الإرهابي، أو التخطيط لعمليات سطو على بنوك للحصول على أموال من أجل تمويل عمليات إرهابية تستهدف شخصيات بارزة، أو مؤسسات الدولة من أجل زعزعة استقرار النظام. ولا تقتصر الحرب على الترصد الميداني للمنتمين للتنظيم أو المغرر بهم، بل تشمل الأنترنت من خلال تتبع دائم (24 ساعة على 24) لبعض المواقع المشبوهة من أجل معرفة المغاربة الذين يترددون عليها، وكذا التعليقات التي يتم نشرها وما إذا كانت تتضمن تمجيدا للإرهاب ولعمليات قطع الرؤوس الوحشية، لتنطلق بعد ذلك سلسلة من الأبحاث من أجل الوصول إلى المتهمين. وخول المشرع للمخابرات المغربية إمكانية التنصت على الهواتف المحمولة والثابتة لبعض المشتبه فيهم، وهي تقنية ساعدت على تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، كما جنبت المغرب مجموعة من العمليات الأخرى التي كانت في المراحل الأخيرة، كما أن قوة المخابرات المغربية تكمن في الحصول على المعلومة وتقييمها واتخاذ الإجراء المناسب في الوقت المناسب.وتكمن النجاعة على أرض الميدان في عدد الحوادث المسجلة بعد حادث 16 ماي الإرهابي، إذ لم يتم تسجيل سوى حادثين، يتعلق الأول بتفجير مقهى انترنت بسيدي مومن ومأ أعقبه من مطاردة لمتهمين بحي الفرح، وكذا تفجير مقهى أركانة.وكان من نتائج العمل الاستخباراتي إحداث زعزعة في إستراتيجية عمل تنظيم الدولة الإسلامية في المغرب، دفعته إلى حد دفع خلاياه النائمة إلى المزيد من النوم، حتى لا ينكشف أمرها أمام يقظة عناصر المخابرات المغربية، كما توجت المجهودات باستقرار أمني في المغرب، وزكي ذلك بدراسة أنجزت حول "خريطة الأخطار السياسية والأمنية المتعلقة بالإرهاب" أكدت أن المغرب يحتل الرتبة الأولى مغاربيا والخامسة عربيا بين الدول الأكثر أمنا وأمانا. الصديق بوكزول الداخلية... العلبة السوداء تتوفر وزارة الداخلية على أقسام متخصصة في تجميع المعلومات والمعطيات، بناء على ما يرد عليها من مختلف أقسام الشؤون الداخلية بمختلف العمالات والأقاليم.ولا تستهين أجهزة الداخلية بأي معلومة، وأيضا بمصادرها، إذ أنها تعمل على تجميعها في مكتب خاص بكل عمالة، ويكون تابعا لقسم الشؤون العامة، حيث يجري الفرز، والتعامل مع كل المعطيات المتوفرة وفق الأهمية، قبل إرسال تلك المعطيات إلى المصالح المركزية بالداخلية التي بدورها تتوفر على أقسام لتحليل المعلومات، قبل توزيعها على المديريات، التي تدخل في اختصاصها المعطيات المضمنة بتلك المعلومات.وبخلاف أقسام تتبع ما ينشر عبر الصحافة المكتوبة والإلكترونية والمرئية، فإن المعلومات الواردة من مصالح الشؤون العامة، تعتبر في الكثير من الأحيان على قدر من الأهمية بالنظر إلى مصادرها التي عادة تتشكل من رجال السلطة وأعوانها (المقدمون والشيوخ)، الذين يشتغلون في رقعة ضيقة تسهل عليهم ضبط المعلومات وتتبعها.وظهر تدخل الشؤون الداخلية، أكثر عقب الأحداث الإرهابية، التي شهدتها الدار البيضاء في 2003.وتشتمل الداخلية بالإضافة إلى ديوان الوزير على الإدارة المركزية والمصالح الخارجية، وفق ما ينص عليه مرسوم 15 دجنبر 1997، المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة الداخلية.وتأتي المديرية العامة للشؤون الداخلية في المرتبة الثانية بعد الكتابة العامة، في هيكلة الإدارة المركزية، لتعقبها بعد ذلك المديرية العامة للأمن الوطني، ثم باقي المديريات. واختصاص المديرية العامة للشؤون الداخلية يتجلى في النظر في القضايا التي لها تأثير سياسي، والتحضير للانتخابات وتنظيمها من الناحية المادية وتدبير شؤون الولاة والسهر على مراقبة تطبيق النصوص التنظيمية المتعلقة بالحريات العامة وعلى تتبعها.م. ص
