المغرب أسس مدرسة في العمل الاستخباراتي

المكاوي الخبير الإستراتيجي دعا إلى تجاوز النظرة السلبية تجاه الأجهزة واعتبارها ذكية تضم خيرة أبناء الوطن أكد عبد الرحمان المكاوي، الباحث في الشؤون العسكرية والإستراتيجية، أن المغرب نجح في تأسيس مدرسة خاصة في العمل الاستخباراتي جعلته محط اهتمام كل القوى العظمى، وذلك منذ أحداث 16 ماي، وهو ما ساهم في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية... هل فعلا يتوفر المغرب على جهاز استخباراتي فعال؟ أولا علينا نحن المغاربة أن نجدد نظرتنا للأجهزة الأمنية والمخابرات بصفة عامة، لأننا ورثنا ثقافة فرنسية لها نظرة سلبية تجاهها. فبالعودة إلى الثقافة الأنجلوساكسونية، نرى أنها تعتبرها أجهزة ذكية، تضم خيرة أبناء الوطن، وكفاءات عالية كل في مجاله، كما أن أجهزة المخابرات البريطاينة والأمريكية، تعمل بالمكشوف وسط الجامعات وحتى وسائل النقل العامة، ودون عقد لدى مواطني البلدين.كما أن الفرنسيين، بدؤوا يعيدون النظر في أجهزتهم الاستخباراتية، عبر إصدار قوانين جديدة تضع المخابرات في وضعها الحقيقي ومكانتها التاريخية، ففرنسا الآن ستصدر مجموعة من القوانين خلال سنة واحدة لهيكلة أجهزتها الاستخباراتية بناء على نظرة ومعطيات جديدة، وهو ما لم تفعله منذ الحرب العالمية الثانية.أما بالنسبة إلى المخابرات المغربية، فمنذ الأحداث الإرهابية ل 16 ماي 2003، أعيد بناؤها استنادا على خبرات ومعطيات تعكس مجتمعنا المغربي، فالتجربة والإستراتيجية المغربية، والتي يقال عنها استباقية، أعادت شبكاتها، وبدأت في بناء بياناتها وبنوك معلوماتها وتحديثها، مع ضخها بدماء جديدة، واعتبار الإنسان مصدرا أساسيا لبناء هذه الشبكة أو قاعدة المعلومات، مع الرهان على وسائل التكنولوجيا الحديثة التي تستعملها.تركيبة الأجهزة المغربية، ساهمت قي تفكيك جماعات إرهابية، وبعبارة أخرى أصبحت للمغرب مدرسة خاصة وعقيدته الخاصة، بشكل يختلف عما يوجد في دول غربية وروسيا ودول الجوار، فهذه التجربة الخاصة والعقيدة أو المدرسة والعناصر الذكية والكفؤة، جعلت من المغرب مقصدا لكثير من الأجهزة الاستخباراتية العالمية من أجل التعاون وتبادل الخبرات.لكن هذا لا يعني أننا في منأى عن الإرهاب بشكل تام، لأن محاربته لا تحتاج إلى جيوش وطائرات وأسلحة متطورة، بل معلومات صحيحة ودقيقة ووقتية، يتم تحديثها على مدار الساعة، لأن الحرب على الإرهاب هي حرب على أشباح يضربون في وقت ومكان غير معروفين، وبناء على ذلك، فالاستخبارات المغربية طورت عملها بناء على هذه الذهنية الإجرامية التي تحرك الجماعات الإرهابية. كيف تعلق على اعتماد المغرب على جهازين (الديستي) و(لادجيد) في جمع المعلومات؟ كلا الجهازين يعملان من أجل هدف واحد، وهو استقرار وأمن الوطن، على غرار باقي بلدان العالم، فلكل جهاز اختصاصه، وهناك نقط يشتركان فيها، لهذا لا يجب أن نميز جهازا عن آخر، فهما يعملان مع أجهزة أخرى داخل الوطن، تتعامل بشكل مباشر مع المجتمع، الذي يعد السند الحقيقي لها في جمع المعلومات، إذ بدون وجود مجتمع متعاون، فلا فائدة تحقق على أرض الواقع، لهذا أقول إن الجهازين في تعاون، كل واحد في تخصصه، قد يلتقيان في مكان واحد وقد يفترقان في عمليات أخرى. كيف تحصل أجهزة الاستخبارات على المعلومة؟يبقى المجتمع هو الحقل الكبير المساند للاستخبارات المغربية، فهو مصدر المعلومات، فكما تعلم، فلكل جهاز شبكاته وعناصره، إضافة إلى عناصر تكنولوجية وشبكة عنكبوتية. وفي ما يخص الإرهاب تبقى المساجد والسجون والجامعات مصدر المعلومات، ولكن لكل واحد قاعدة بياناته مستقلة وقاعدة بيانات سرية ومشفرة، لأنها تدخل في مجال الأمن القومي، لهذا يصعب معرفة طريقة عمل هذه الأجهزة وعناصرها، إذ تبقى في مجال السرية المطلقة. توجه انتقادات للمخابرات لخرقها مجال حقوق الإنسان، ما تعليقك؟ السؤال المطروح هو أننا أمام خيارين، الاستقرار وصيانة حقوق الإنسان، أو الجريمة والإرهاب، فالمغرب منخرط في عدة اتفاقيات دولية تعنى بحقوق الإنسان، لكن ليس على حساب زعزعة استقرار الوطن وأمن الدولة والمجتمع، فالدولة تحاول المزج بين الجانبين، أي صيانة حقوق الإنسان ومحاربة الجريمة، خصوصا ما يتعلق بالإرهاب، لهذا علينا نحن المواطنين تفهم دور الأجهزة، لأنه حتى في القرآن الكريم، جعل الله الأمن والخبز متلازمين، فالعمل والاقتصاد والسكينة العامة لا تتحقق إلا بالأمن، كما جاء في قوله تعالى "وآمنهم من خوف"، في حين أن الإرهاب يسعى إلى ترهيب المواطن ونشر الرعب داخل المجتمع، وبالتالي قد يتفهم البعض أن "تصرفات" هذه الأجهزة، هي في صالح استقرار الوطن. هل تتفق مع الرأي الذي يؤكد أن قوة المخابرات تكمن في قوتها في الحصول على المعلومة ؟ هذا صحيح، أضف إلى ذلك، أن الدول ليست في حاجة إلى جيوش كبيرة، بل إلى أجهزة أمنية قادرة وفعالة لضرب الخلايا وأنظمة الجريمة، خصوصا الإرهاب الذي يعد جزءا من الجريمة العابرة للحدود، فالثروات الطبيعية والجيوش لا يمكنها أن تواجه الإرهاب، بل سلاح المعلومة الدقيقة والأجهزة الفعالة هي القادرة على تأطير المجتمع وحمايته من فيروسات دخيلة شوهت الدين الإسلامي، وبالتالي، فكل الدول تؤمن أن لا الجيوش الكبيرة ولا الثروات الهائلة كافية لمحاربة هذه الآفة.فلنا في العراق دليل على ما نقوله، إذ رأينا كيف أن أربعة فيالق عسكرية تبخرت أمام تنظيم إرهابي، وسمحت له بالاستيلاء على أسلحة متطورة وأموال مهمة، رغم أن العراق يملك من الثروات الشيء الكثير وجيشا ضخما، تكلف الأمريكيون بتدريبه، لكنه فشل أمام هذا التنظيم الإرهابي، لسبب وحيد أن الاستخبارات العراقية فشلت في تقييم خطر وانتشار "داعش" منذ 2003، بعد أن أسسها أبو مصعب الزرقاوي. مابعد "شارلي إبدو" بعد أحداث "شارلي إيبدو"، تمسك الفرنسيون بضرورة التنسيق الأمني مع المغرب، لماذا؟ فرنسا وصلت إلى قناعة أنها في حاجة إلى الخبرة والكفاءة المغربيتين، خاصة أن الاستخبارات المغربية تعلم جيدا ما يقع بضواحي المدن الفرنسية أكثر من الفرنسيين أنفسهم.كما أن عدد الفرنسيين الذين يقاتلون في تنظيمي "داعش" و"النصرة" يبلغ 1400 فرنسي، من بينهم 450 من أصل مغربي، والفرنسيون في الآونة الأخيرة راهنوا على الجزائر وسيطا مع سوريا لمعرفة الخريطة الجيوسياسية لهذه التنظيمات الإرهابية، قبل أن يكتشفوا أن المغرب يتوفر على عيون وجواسيس داخل هذه التنظيمات نفسها، وهو ما سيفيد فرنسا، التي عبرت عن رغبتها في التعاون مع المغرب.ينضاف إلى ذلك، ضغط المجتمع المدني الفرنسي خصوصا بعد أحداث "شارلي إيبدو"، ما دفع فرنسا إلى إعادة العلاقات مع المغرب، كانت بدايتها توشيح عبد اللطيف الحموشي المدير العام لمديرية حماية التراب الوطني، عرفانا بالجميل للأجهزة المغربية، التي قدمت يد العون في فترة سابقة مكنت الفرنسيين من تفكيك خلايا إرهابية داخل التراب الفرنسي، ساهم فيه إيقاف إرهابيين الفرنسيين بالمغرب، ما مكن الاستخبارات المغربية من تكوين بنوك معلومات جديدة. أجرى الحوار : مصطفى لطفي في سطور - من مواليد 1954- له ثلاثة أبناء- حاصل على الإجازة في القانون من كلية الحقوق بالرباط في 1976- حاصل على شهادة الدكتوراه في القانون سنة 1998 - أستاذ بجامعة الحسن الثاني- رئيس شعبة الدفاع والأمن بمعهد مانديلا بباريس

المغرب أسس مدرسة في العمل الاستخباراتي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحموشي يمحو مخلفات الثمانينات في الاتجار بالبشر

الاستخبارات تفتقد للاستعلام الاقتصادي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات