ورغة كابوس العابرين

مواطنون بنوا قنطرة نجاتهم بمحاذاة دوار سيدي أحمد بعين عائشة يتداول سكان إقليم تاونات حكما منبهة إلى خطورة أنهاره التي تبتلع عابريها شتاء والسابحين في مياهها صيفا، إلى درجة إسداء النصيحة بعدم الثقة في الوادي والنار في مثل راسخ في أذهان أهالي عدة مناطق قروية، يعي قاطنوها المخاطر المحدقة بهم لما يرتفع منسوب مياه أنهار تأتي على الأخضر واليابس في ساحلها الذي يختاره الفلاحون لإقامة أصناف من زراعتهم الصيفية.والتاوناتيون محقون في إبداء تخوفهم من مختلف الأنهار الجارفة اللافظة لجثث يحصونها بألم كل صيف وشتاء، خاصة بالمواقع المحتاجة إلى قناطر عبور بين ضفافها، إلى درجة تفكير بعضهم في إقامة جسور بإمكانياتهم الخاصة والبسيطة، صونا للأرواح في غياب المبادرة الرسمية خاصة بالدواوير المحاذية للأودية والمتاخمة لجبال التهميش والحيف.ولا يمر شتاء دون تسجيل وفيات في صفوف عابري تلك الأنهار، خاصة وادي ورغة الممتد من أعالي دواوير ظهر السوق/ مرنيسة إلى سد الوحدة، إذ عادة ما يتم العثور على جثث يلفظها، عدد كبير منها مجهول الهوية، وهم غالبا من شباب مؤجر لتهريب المخدرات من مناطق إنتاجها بكتامة والنواحي إلى وجهات ترويجها بالحياينة وتازة والشرق ومختلف أقاليم الجهة الوسطى الشمالية.وتعد كل المعابر الواقعة بمحاذاة أسكور ووادي القصبة بجماعة فناسة باب الحيط وبني ونجل، والكزار ببوهودة والبروميين ببوعادل وعلى طول مجرى الوادي إلى مصبه، نقطا سوداء عادة ما يغرق بها كل جاهل بحيل العبور بين ضفتي هذا الوادي من مهربي الكيف وكل من "حكمت عليه الظروف" أن يرغم على المغامرة بروحه أملا في الوصول الآمن إلى محل سكناه، ما لا يتم أحيانا.واللافت للانتباه أن الخطر نفسه يحدق بسكان دواوير بني كزين والكورنة وباب مسيلة التابعة لجماعة فناسة التي يفصلها هذا النهر الذي يستحيل عبوره شتاء، ما يعطل مصالحهم ويهدد حياتهم دون أن تنفع نداءاتهم المتكررة للإلحاق ببني وليد الأقرب، شأنهم شأن قاطني دوار سيدي أحمد بعين عائشة الذين بنوا أخيرا قنطرة لربطهم بالجماعة لقضاء أغراضهم الإدارية والشخصية. قنطرة للحد من سقوط مزيد من الغرقى كانت 8 أطنان من الإسمنت المسلح و6 أطنان من الحديد، كافية لتجنيب مئات المواطنين مخاطر الغرق بالوادي، بعد تسخيرها في بناء قنطرة للراجلين ب13 دعامة على طول 100 متر وعرض يصل إلى مترين، وبعلو مترين عن سطح المياه، لربط ضفتيه، بشكل مؤمن بواسطة براغي تثبيت وأعمدة خشبية وسياجين من الأعمدة الحديدية الصلبة بعلو نحو متر ونصف لمتر لحماية مستعمليها.القنطرة ستجنب سكان خمسة دواوير خطر المغامرة بأنفسهم في الوادي الذي يرتفع منسوبه بشكل كبير كل شتاء، بفضل مبادرة أطلقتها جمعية مهرجان ورغة للثقافة والتراث المحلي بالجماعة القروية عين عائشة وجمعية ضريح سيدي أحمد للأعمال الاجتماعية والخيرية والثقافية والرياضية والسياحية، فيما كان دور قائد الملحقة هاما بشهادة سكان المنطقة وفعالياتها المدنية والجمعوية.وبإطلاق هذه المبادرة حقنت دماء عشرات المواطنين المهددين في أرواحهم خاصة أمام اضطرارهم إلى التنقل اليومي بين ضفتي النهر الذي يبتلع سنويا العشرات من عابريها من الآدميين والمواشي، ليس فقط شتاء وإنما في فصل الصيف أيضا، إذ تسجل حالات غرق تضرب أرقاما قياسية خاصة بمحاذاة دوار أولاد عامر بعين عائشة وعالية دوار عين عبدون ببني وليد وغمارة وبوهودة وبوعادل.ولا تقل أنهار إيناون وأسرا ووادي اللبن ووادي الحمى خطورة عن ورغة بالنظر إلى حالات الغرق التي تسجل فيها وبلغت حسب إحصائيات رسمية إلى 25 حالة قبل خمس سنوات خلت، وما فتئت تزداد سنة بعد أخرى خاصة في غياب الاحتياطات الضرورية والمبادرات الرسمية لإقامة قناطر للراجلين أو القيام بالمراقبة اللازمة للسباحة في مختلف مواقعها القريبة من الدواوير. حميد الأبيض (فاس)

ورغة كابوس العابرين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أودية الشرق تحولت إلى نقط "قتل"

وادي سوس يلتهم الأطفال والشيوخ

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات