انسحاب القبائل من خارطة التراب الوطني

الداخلية ترجح كفة المدن الكبرى بداعي العصرنة وفتح المجال للتنمية الشاملة لم يعد النقاش محتدما بين الاحزاب السياسية ووزارة الداخلية، حول كيفية اقتسام الإختصاصات المؤهلة لتدبير الجهات، ولكنه انتقل إلى بعض جمعيات المجتمع المدني، التي باتت تنتقد تغييب العنصر الإثني القبلي، في بناء النظام الجهوي، ما اعتبر تغيرا في مواقف تلك الجمعيات المدنية من مدافعة عن قيم الحداثة والتطور إلى المنافحة على عودة التصور الرجعي الماضوي المتأسس على مفهوم “ الانسجام البشري العرقي” كما هو الشأن في شمال المغرب، خاصة في ما يعرف “ بالريف".وكان مثيرا أن تقرر وزارة الداخلية الانتقال إلى مرحلة جديدة في بناء الجهوية، بإنهاء الارتكان إلى البعد الاثني القبلي، الذي كاد أن يحدث نوعا من “ الكيتوهات” إذ بدت المدن والقرى والمداشر مكدسة في جهة واحدة، لا رابط لها سوى الحديث بلسان عامي موحد، وتقاليد مشتركة، في منطقة ترابية مرتبطة حدوديا.إن إلغاء البعد الاثني القبلي في ترسيم الجهات، وحذفه كتسميات متعارف عليها، مثل سوس ماسة درعة، ودكالة عبدة شياظمة، والغرب شراردة بني حسن، وتانسيفت الحوز،وغيرها، يعد نقلة نوعية، في مجال النظام الترابي، إذ تمت تسميتها بأسماء المدن، كمؤشر عصري حداثي هادف إلى تحقيق التنمية، وإحداث تبادل بين تلك المناطق، حتى تصبح ذات جاذبية اقتصاديا، و قاطرة لجر باقي المناطق الناقصة التجهيز. وقال لحسن بروسكي، دكتور متخصص في القانون الدولي، لـ “ الصباح”، إن الجهة لا تحدد لذاتها ولا تركن لنفسها، كقمر صناعي يدور حول مركزه، ولكنها تدمج في إطار وحدة وطنية وكتلة ترابية موحدة، وكل تصور للجهة لذاتها، فإنما هو استدعاء لصناعة بارونات مدن، أوعرابين جهويين، الذين سيدفعون السلطة نحو الأسفل كي تختلط مع الوحدات المستقلة كما وقع لإسبانيا وإيطاليا، حيث ارتفعت أصوات نشاز تدعو إلى انفصال الأقاليم عن كامل التراب الوطني، والتي لن ترقى أبدا إلى أن تصبح دولة مستقلة بالمفهوم العصري لأن تلك الأقاليم تعوزها إمكانيات أن تصبح دولة. وبما ان المغرب دولة يحكمها الملك، حامي وحدة البلاد، والساهر على حماية حريات الجهات في إطار الوحدة الترابية، فالدولة ستمول الجهة، وستنجز أنشطة تنموية لإبراز قدرتها ووجودها التكاملي.بروكسي، الخبير أيضا في مجال اعداد التراب الوطني، أكد أن الجهة ليست مجموع ميكانيزمات قانونية، ولكنها وحدة إقتصادية واجتماعية وثقافية والتي تندمج في “إطار مؤسساتي متجانس”، لكن ماذا يعني هذا الإطار؟، الجواب بكل بساطة أنه توجد لجنة بي- وزارية لإعداد التراب الوطني والتي يرأسها الملك محمد السادس، والتي أحدثت بظهير ملكي صادر في 6 غشت 1968، و لها وظيفة بلورة خيارات وطنية لإعداد التراب الوطني، إنه مركز لتوجيه التوجهات العامة حتى لا يقع أي انزياح، لأنها قناة سرية لها علاقة أفقية مع رؤساء الجهات من أجل متابعة الخيارات الاقتصادية والتنموية، في هذا المجال، والذي يجب أن تندمج في السياسة الوطنية لإعداد التراب الوطني، وللمجلس الإقتصادي والإجتماعي. وأوضح بروكسي أن النسق السياسي سيجد نفسه منسجما لأن مجلس المستشارين الذي يعنى بإعداد التراب الوطني سيعبر عن نفسه من خلال إصدار تشريعات وقوانين تخص الجهات، وكيفية تنظيمها، كما يجب إعادة تحديد مسؤوليات الولاة الذين يمثلون الدولة على صعيد التراب الوطني، إذ ستتم استشارة الوالي بشكل دائم ومسترسل من قبل سكرتارية اللجنة البي- وزارية لأجل الحصول على قروض ضرورية للجهة. لكن سيكون من الصعوبة، يؤكد بروكسي، إنجازأنشطة تنموية منسجمة في 72 إقليم وعمالة، إذا لم يكن الولاة هم الرؤساء المرتبطين بكل إقليم وعمالة لأجل ضمان وحدة التصور التنموي، مضيفا أن تطورالخريطة الإدارية بشكل فعال، يتطلب إدماج اللجنة بي- الوزارية في الأنشطة التنموية حتى لا تصبح مجرد وحدة إدارية تقوم بمهمة إحصائية.وقال بروكسي إن السكرتارية بي -وزارية ستكون لها علاقة بالوالي وبالجهة ورئيس الجهة وبعمال الاقاليم، وذلك بشكل عمودي، وعلى المستوى الأفقي ستكون لها علاقة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يرتبط عموديا بالغرفة الثانية التي لها علاقة أيضا أفقية مع الجهات ورؤسائها، وإن أحسن تدبير هذه العلاقات نجح المغرب جهويا.أحمد الأرقام

انسحاب القبائل من خارطة التراب الوطني

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الزهاري: الحنين إلى سنوات التضييق على الحريات

مطالب برفع الوصاية عن الجماعات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات