فجأة صُبغ اللون الأزرق للفيسبوك بالأحمر.. والسبب بنكيران.طيلة الأسبوع الجاري، أشعل بنكيران عود الثقاب في الفيسبوك، حتى التهمت صفحات أنصار الوداد الرياضي، فغضب ونقم عليه المئات، واستمتع مثلهم بفصول من الإثارة والتسلية.بنكيران الشخصية الوحيدة في تاريخ الحكومات المتعاقبة، قبل وبعد الاستقلال، التي تحدت "بوحمرون" وجمهور "الفريميجة"، فوصفت مسيري الفريق بـ"البلطجية" الذين يحملون السيوف.لم يفطن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، أن جمهور الوداد والرجاء يملك أسلحة "الدمار الشامل"، وأن جمهورهما في كل مواقع التواصل الاجتماعي يفوق منخرطي كل الأحزاب السياسية، فالتويتر ملك لهم، وأهواء فيسبوك موزعة بين الأخضر والأحمر، والويل ثم الويل لمن تجرأ وتجاوز الخطوط الحمراء، حينها تنشب المعارك، ويبدع هواة صور فوتوشوب، وينقب آخرون عن فيديوهات قديمة، في مشهد أحسن ألف مرة من كل برامج القناتين التلفزيونيتين.هذه المرة، وجد بنكيران نفسه في مواجهة "بوحمرون". فكيف لسياسي يتقن السباحة في بحور السياسة أن يغرق في مستنقع الرياضة؟ الحكاية بدأت حين تحدث رئيس الحكومة في لقاء مع أعضاء حزبه عن سبب ترشح "بلطجية" لرئاسة الوداد، والطريقة التي أمسكوا بها زمام الأمور بالسيوف، ثم طوى الصفحة مثل كل مرة، ونسي أن قلوب الوداديين هشة، ودموعهم (فرحا أو حزنا) تنط من جفونهم، تماما مثل جمهور الرجاء وكل عشاق الأندية الكبيرة. العقلاء في الوداد نشروا بيانات تتهكم على تماسيح بنكيران وسياسته في الرياضة، والغاضبون توعدوه بوقفة احتجاجية أمام البرلمان، أما المتعصبون، فأفرغوا حقدهم في الفيسبوك، بل منهم من أقسم على الانتقام منه في الانتخابات المقبلة، لتطاوله على فريق "لايمسه السياسيون".نسي بنكيران أن صراعه السياسي مع حزب الأصالة والمعاصرة، سواء في اللقاءات الحزبية، أو تحت قبة البرلمان، لا علاقة له إطلاقا بجمهور الوداد أو الرجاء، فرئيس الوداد من الأصالة وأعضاء المكتب من الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري... إنها الديمقراطية التي جعلتهم "قادة" في أنديتهم، فالأولى أن يحترم بنكيران صناديق الانتخابات الكروية.عادة يفصل بين الرياضة والسياسة خيط رفيع، وتاريخ الأندية المغربية يكشف عن مسيرين يصابون بالجنون بسبب كرة مستديرة، فعزيز رباح، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، عضو نشيط بالنادي القنيطري، وطالما حل بالملعب والتقط صورا تذكارية له، ومزوار وزير الخارجية ورئيس الأحرار لا يخفي عشقه للرجاء الرياضي، والرميد يجد راحته ونشاطه حين يداعب الكرة... ألم يستشر بنكيران كل هؤلاء قبل رمي كرة النار الحمراء من يديه.وضع بنكيران أصبعه في عش الدبابير، فبعد ردود فعل المسؤولين الوداديين الرزينة، استشاط الوداديون في الفيسبوك غضبا، فهو يواجه، الآن، خصوما أشد ضراوة من السياسيين، حتى أن بعضهم بدأ يستعد لرفع لافتات في المباريات تطالب بنكيران بالرحيل، ومنهم من دعا إلى إحياء فكرة "أكرم ارحل" التي وصل مداها إلى كل جدران العالم، مع تعديل طفيف بأن يتحول اسم أكرم إلى بنكيران، أما آخرون فهددوا بتيفو "رباعي الأبعاد" في المباراة المقبلة يصنف بنكيران ضمن أعداء "بوحمرون" التاريخيين... فهل يعتذر رئيس الحكومة لأول مرة ويرضخ لجماهير "ثائرة"؟ أم أن جهله بقواعد اللعبة سيدفعه إلى تطبيق حكمة "عين ماشافت وقلب ما وجع"... سنرى! خالد العطاوي