انتقل أحمد بنجلون، المناضل الحقوقي، والمحامي والقيادي في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، أمس (الاثنين)، إلى عفو الله، بعد مرض عضال، وذلك عن سن يناهز 73 سنة، بالمستشفى العسكري بالرباط. وسيوارى جثمان الفقيد اليوم (الثلاثاء) بالرباط.وكان بنجلون، من الحالمين بتغيير أوضاع المغرب السياسية، عن طريق العمل الثوري، كما سلكه ثوار إرنستو تشي غيفارا، في أمريكا اللاتينية، حيث غادر المغرب سنة 1964، لإتمام دراسته في كلية الطب بالجزائر، لينتقل بعدها إلى باريس في مسار جديد بكلية الحقوق، للتمرس على الخطابة والدفاع عن الحقوق، لكن هاجس الفعل الثوري الذي يسكن كيانه، جعله ينتقل إلى معسكرات الزبداني، بضواحي سوريا، حيث تدرب على استعمال السلاح للمشاركة مع المقاومة الفلسطينية، وحمل إسما حركيا "عبد المؤمن".بنجلون لم يستأنس بذلك، وإن استوعب صراع الفصائل الفلسطينية، والأنظمة المشرقية، فإنه انتقل فجأة إلى مدريد، هناك كان ينتظره رجال الجنرال القوي، وزير الداخلية محمد أوفقير، حيث تم اختطافه في يناير 1970، رفقة سعيد بونعيلات، ووضع في كيس، ونقل عبر هيلوكبتر نحو المغرب، إلى دار المقري، مركز الاعتقال السري بالرباط، الذي كان يطلق عليه "الجحيم"، حيث روى بنجلون قصص التعذيب، وأدمعت عيناه، وهو يحكي ما جرى له مع جلاديه في جلسة استماع رعتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حكاية مزج فيها لغة البوح بالدموع أحيانا، وبنبرة التحدي القوية التي كان يعلنها، وهو تحت السوط، تحدي الإذعان والخنوع لجلاديه.بنجلون سامح جلاديه، والتقى بهم، طلبوا منه الصفح، واستجاب بمسحة إنسانية، حاثا الدولة على عدم تكرار ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، عبر وضع ضمانات قانونية تبيح للمواطنين حق التعبير، ولا تمنح لمن يمتلك شرعية السلطة، استعمالها في الشطط والمس بكرامة وحقوق الانسان .لم يعش بنجلون وهو ابن وجدة، حياة عادية، بل وهو مناضل في الاتحاد الاشتراكي، عانى جراء اغتيال شقيقه عمر سنة 1975، من قبل تنظيم الشبيبة الإسلامية، وعانى رفقة مناضلين آخرين من ضيق مساحة التعبير، واتخاذ القرار بالاتحاد الاشتراكي، وتعرض للاعتقال في 8 ماي 1983، تسبب فيها رفاقه، بل كان مناهضا لحكومة التناوب التوافقي سنة 1998، بقيادة عبد الرحمان اليوسفي، وهو الذي ألف الدخول إلى السجن، بسبب آرائه، لم يكترث لما قام به رفاقه في الاتحاد الاشتراكي، فأسس حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي وصفه بأنه حزب الاتحاديين الأصيل.بنجلون غير من طبيعة ثوريته، و"تطبع" مع الوضع الجديد للمغرب، لم يصدق وفاة الملك الراحل الحسن الثاني، وشعر بذهول كبير لهذا الحدث المزلزل، واستحسن بعض من الإصلاحات التي باشرها الملك محمد السادس، في بداية تربعه على العرش، وحينما تعرض لحادث سقوط من القطار، تدخل الملك محمد السادس، لتقديم الرعاية له في مستشفى باريس، ثم العسكري بالرباط.بنجلون كان أيضا مديرا لصحف كثيرة ناطقة باسم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، مدافعا عن حرية التعبير، كما دافع عن الحقوق، محاميا، وناضل لأجل مراجعة الدستور، وضمان نزاهة الانتخابات، وتحقيق العدالة الاجتماعية، واستفادة المواطنين من خيرات البلاد..أحمد الأرقام