الرشوة … حرب بين السائق والشرطة

تسابق للعب دور الضحية وسكوت القانون عن وسائل الإثبات يفتح باب التأويلات لم يحدد المشرع المغربي وسيلة خاصة لإثبات جريمة الرشوة، ما يجعلها تخضع للأحكام العامة للإثبات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، إما بالاعتراف بالتلبس، أو بناء على محضر الضابطة القضائية في حالة التلبس بالجريمة، كما يمكن أن تثبت الرشوة بالشهادة، بما في ذلك شهادة المتهمين بعضهم على بعض.الإثبات الواسع في جريمة الرشوة يفتح الباب حول العديد من التساؤلات بشأن مدى قوة ذلك الإثبات، خاصة في الحالة التي ينعدم فيها الرضا، وبتعليل أصح الحالات التي يتم التبليغ بشأنها من قبل الموظفين، الذين عرضت عليهم الرشوة، هل يكفي مجرد تصريح الموظف بعملية الرشوة؟ إشكالية الإثبات طرحتها حالات رجال الأمن الذين عمدوا أخيرا، إلى التبليغ عن تلقيهم رشاوي وتحرير محاضر بذلك في حق الراشي، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل دخلت المديرية العامة للأمن الوطني على الخط، وعمدت في كل مرة إلى الإعلان عن حالات ضبط راشين لرجال الأمن، وتقديمهم للعدالة وترقية بعضهم، ورغم أن هذا السلوك الذي أبانه رجال الأمن وكذا المديرية العامة في محاربة الرشوة هو ما كان دائما مطلب المواطن المغربي، إلا أن طريقة تدبيره دفعت إلى طرح عدد من الأسئلة هل الأمر يتعلق بحملة مضادة لما نشر على رشاو تلقاها رجال الأمن، وهل هي محاولة من المديرية العامة لإنقاذ ماء وجهها بعد أن دخل على الخط أجانب وعمدوا إلى تصوير عمليات إرشاء رجال الأمن ونشرها بمواقع إلكترونية، وما أثاره الأمر من حالة غضب؟ وما يزكي هذا الطرح هو أن المديرية لم يسبق لها أن عملت على تعميم مثل تلك البلاغات في وقت سابق، وبالحدة نفسها، في شأن حالات الرشوة التي كانت تعرض على رجال الأمن ويعمدون إلى ضبطها. التعامل الأخير بين المواطن ورجل الأمن في ضبط الرشوة من الجانبين، يعتبره البعض مجرد سحابة صيف وتعود بعدها الأمور إلى سابق عهدها، بالنظر إلى النظرة الانتقامية التي تحرك الجانبين معا والتي لا تهدف بالأساس إلى القضاء على آفة الرشوة، بقدر ما ترمي إلى تحقيق رغبة آنية في الانتقام.فآفة الرشوة مسؤولية مشتركة بين الراشي والمرتشي، ولا يمكن لأي منهما أن يتنصل من ذلك، خاصة في الحالة التي ينتظر فيها الراشي حصول النتيجة المتفق عليها، فإن كانت لصالحه يصمت، وإذا كانت عكس ذلك يعمد إلى تقديم شكاية في الموضوع إلى الجهات المسؤولية ويلعب دور الضحية، والشيء نفسه بالنسبة إلى المرتشي الذي يكون في حالات معينة دافعه ليس محاربة الرشوة بل مجرد تسجيل دور بطولي. إن ما يعانيه المجتمع المغربي اليوم بشأن الرشوة بصفة عامة لا يمكن حله بالحلول الترقيعية والمناسباتية، التي تنتهي بسرعة، وإنما يحل بإقرار المبدأ الدستوري الذي يقرن المسؤولية بالمحاسبة، والتي تعتبر قاعدة عامة يفترض في الجميع احترامها، لأن المسؤولية كيفما كانت لا تعطي الحق في تجاوز القانون والإتيان بأفعال مجرمة، وتكون المحاسبة مضاعفة عندما يتعلق الأمر بمن يفترض فيهم العمل على حماية المواطنين وتقديم الخدمات لهم من خلال عملهم، ويستغلون تلك المسؤولية لأجل ابتزازهم والتعسف عليهم، وبالمقابل لا يمكن التسامح مع المواطنين في الحالة التي يعمدون فيها إلى مخالفة القانون ويبحثون عن حلول مشبوهة للإفلات من العقاب.كريمة مصلي

الرشوة … حرب بين السائق والشرطة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مواطنون ثمنوا المبادرة

26 محاولة إرشاء رجال أمن بالبيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات