شيـرة: جهـات تسعـى لشيطنـة الثـورة

الكاتب الليبي قال إنه لم يعد مجديا تجاهل الثورة المضادة ويجب إسقاط أدواتها الرامية إلى تشويه المشهد السياسي اعتبر محمد شيرة، كاتب وأستاذ جامعي ليبي، أن ليبيا عاشت ثورة مضادة قادها أصحاب الامتيازات في عهد امعمر القدافي، إذ أصبح هناك خلط متعمد للمفاهيم والمعطيات والأحداث من خلال الحملات الإعلامية الممنهجة التي انطلقت لتشويه وتزوير الحقيقة لتقديم مشهد سياسي واجتماعي وثقافي لا يمت إلى الواقع بصلة... < لماذا وصلت الحالة الليبية إلى هذا الحد من التردي؟ < منذ الأيام الأولى لانهيار النظام السابق وانتصار الثورة، وما إن استفاقت بقايا النظام المنهار من هول الصدمة، حتى بدأت في البحث عن وسائل للدفاع عن امتيازاتها المفقودة واستعادة مجدها المزعوم. وعندما أدركت يقيناً أن أي مواجهة مباشرة مع الثوار مكتوب عليها مسبقاً الفشل، شرعت في البحث عن أساليب بديلة لتحقيق غاياتها وإنجاز أهدافها ، وكان من الطبيعي أن تجد ضالتها في الأدوات نفسها التي كان يستخدمها سيدها المقبور والتي حكم بها البلاد لأكثر من أربعة عقود متتالية. تلك الأدوات، في اعتقادنا، ترتكز على ثلاثة عناصر أساسية وهي: - أسلوب الكذب والخداع والتضليل لكسب التأييد وإقصاء المعارضين وذلك من خلال تسخير آلة إعلامية قوية. - أسلوب زراعة الفتن وإشاعة الكراهية واللعب على وتر الحساسيات والنزاعات القبلية والمناطقية . - أسلوب شراء الضمائر بالأموال لقلب الحقائق وكسب الأصوات وتنفيذ الأعمال الإجرامية وفي مقدمتها تصفية الخصوم. وما أن تؤتي هذه الأعمال القذرة ثمارها وتمهد الطريق أمام العمل الفعلي حتى ينطلق الحراك على الأرض. وبالفعل وفي ضوء الأجواء الإيجابية التي وفرتها الثورة، خاصة ما يتعلق بحرية الإعلام غير المسبوقة وانتهاج سياسة اللين المفرط والمهادنة غير المشروطة إزاء فلول النظام، تمكنت الأخيرة من تدشين عدد من محطات التلفزيون الفضائية وافتتاح صحف ومواقع للتواصل الاجتماعي والانخراط في عدد من منظمات المجتمع المدني للشروع في تنفيذ مخططاتها. < ماذا تقصد بالجيوش الإعلامية؟ < منذ فبراير 2014 أُخضعت ليبيا إلى منطق انقلابي معلن عنه في قناة خليجية تبث من الإمارات، حيث أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر وهو أحد أركان نظام القذافي يوما ما، عن جملة من الإجراءات التي تعود المواطن العربي على سماعها في البيانات الانقلابية الأولى، من بينها تعليق العمل بالإعلان الدستوري وحل المؤتمر الوطني العام وعدم الاعتداد بالحكومة المؤقتة ... وعدد من الإجراءات الأخرى التي لم يكن يملك فرضها على الأرض في ذلك الوقت، وتم تفسير هذا الإعلان، حينها، على أنه محاولة من صاحبه لامتطاء الحراك الذي كان يجري يومها وتسخيره لتحقيق هدفه في الاستيلاء على الحكم في ليبيا. لم يتوقف كثير من الناس أمام حقيقة ضلوع القناة نفسها في هذا الإعلان وتفردها به، ولم تقم الحكومة بتنفيذ قرارها باعتقال خليفة حفتر. على المستوى العام قوبل هذا الإعلان بشيء من الاستخفاف وعدم المبالاة. كان ذلك، في الواقع، تكرارا لسابقة مؤلمة مع انقلاب معمر القذافي حين استخفت حكومة المملكة الليبية آنذاك بالمعلومات المتواترة عن مؤامرة الانقلاب ولم تفعل شيئا إلى أن وقعت الكارثة. المحاولة الانقلابية تغير توصيفها إعلاميا إلى "محاربة الإرهاب" ومحاولة تخليص بنغازي مما تتعرض له، وعلى هذا تم تصنيف كل من يمكن أن يقف في وجه الانقلاب على أنه إرهابي، وعلى أنه ضالع في جرائم بنغازي. وحتى يوجد مبرر آخر لمهاجمة كتائب الثوار في بنغازي فقد ألصقت بهم تهمة الاغتيالات والتفجيرات التي كانت ترتكب في بنغازي على مدار العامين الماضيين، مع العلم أن دليلا واحدا لم يقدم على هذا الاتهام، كما أن الحكومة المؤقتة ومن قبلها الانتقالية قد فشلت (عجزا أو تواطؤا) على أن تكشف المسؤولين عن هذه الجرائم. وفي الوقت نفسه أصبح اسم "الكرامة" يطلق على العمليات العسكرية التي يقودها حفتر. < لماذا لم يقدم الإعلام الليبي الحقيقة؟ وهل تعتبره متواطئا كذلك؟ < في طرابلس كان الإعلام صامتا صمت القبور متجاهلا لما تعرضت له طرابلس على أيدي كتيبتي القعقاع والصواعق من مهانات وإذلال، من عمليات اختطاف وقتل ومساومات وتهديد، وما تعرضت له مؤسسات ومقرات الدولة من انتهاكات واقتحامات عسكرية بدءا من المؤتمر الوطني العام، واحتلال مقرات وزارة الداخلية ورئاسة الأركان العامة للجيش ومبنى جمعية الدعوة الإسلامية وغيرها من المقرات، وتحويل مطار طرابلس إلى منفذ للنفوذ والتحكم والابتزاز. عندما قامت قوات مشتركة من "درع الوسطى" و "درع الغربية" وغيرها من التشكيلات من مناطق مختلفة بالعملية المسماة عملية "فجر ليبيا" بدأنا نسمع التصنيفات التي تقلب الحقائق وتسمي الأشياء بغير مسمياتها. فتشكيلات القعقاع والصواعق والمدني أصبح يشار إليها على أنها تتبع للجيش الليبي في تجاهل مطلق لتصريحات رئاسة الأركان المنافية، وإلى سوابق هذه التشكيلات تجاه الدولة خاصة تجاه وزارة الدفاع ورئاسة الأركان. في الوقت نفسه أصبحت قوات عملية فجر ليبيا تصنف بتصنيفات متعددة: القوات الغازية .. ميليشيات مصراته.. المتطرفون الإسلاميون .. وأخيرا الإرهابيون. وقد يتم في هذا الخضم نكران وتناسي الدور الذي قامت به كتائب درع الوسطى بالتحرك – بأوامر من وزارة الدفاع ورئاسة الأركان- لحماية مدينة سبها ومناطق الجنوب، وتحرير القواعد الجوية في الجنوب، وغيرها من المهام الأخرى. < ما الغرض من قلب الحقائق كما تقول، ولماذا صمت الجميع طيلة هذه الفترة؟ < قلب الحقائق وإطلاق الأكاذيب والإشاعات وتسمية الأشياء بغير مسمياتها، كلها جزء من سياسة يقصد من ورائها إرباك المشهد الليبي وشيطنة أطراف الثورة الليبية وذلك لنسف الثورة الليبية من أساسها وحرمانها من بلوغ أهدافها. قد تقف وراء ذلك أجندات محلية قبلية أو جهوية أو حزبية، وحتما فإن تورط بقايا حكم الطاغية في داخل البلاد وخارجها الذي أكدته تصريحات كل من أحمد قذاف الدم وموسى إبراهيم على بعض القنوات الفضائية،، واعترافهما بتأسيسهما لما يسمى بجيش القبائل الذي يقاتل تحت الراية الخضراء، ليس خافيا على أحد، غير أن الأجندات الخارجية التي تقف خلف محاولات تخريب الثورة الليبية افتضحت على ضوء التطورات الأخيرة والمشاركة الفعلية لأطراف خارجية في الاشتباكات عن طريق الإمداد والتسليح وشن الغارات الجوية الليلية على مدينة طرابلس، والمساندة الإعلامية عن طريق بعض وسائل الإعلام العربية التي تشارك بكل شراسة في مؤامرة قلب الحقائق وتشويه المشهد دعما للثورة المضادة. لقد نجحت الثورة المضادة في الاختباء تحت عباءات كثيرة، وجندت من العملاء من خدم أجندتها، ونجحت في بث كثير من الأكاذيب التي تم تصديقها وآتت نتائجها السلبية. لم يعد مجديا تجاهل الثورة المضادة التي تواجهها ليبيا، بل ينبغي العمل على مواجهتها ومغالبتها ودحرها بإسقاط أدواتها وأزلامها وإفشال محاولاتها الرامية إلى تشويه المشهد السياسي بقلب الحقائق وبث الأراجيف والافتراءات. ولن يتأتى ذلك إلا بوقف التدخل الأجنبي في الشأن الليبي بكافة أشكاله ومصادره ووضع ضوابط صارمة من أجل تنظيم حرية الإعلام. منظومة إعلامية في ملك الفلول لم تمض سوى شهور قليلة حتى تمكنت الفلول من امتلاك منظومة إعلامية متكاملة أسهمت في بنائها دول إقليمية شقيقة. ولم تلبث هذه المنظومة كثيراً حتى فرضت هيمنتها على الساحة الليبية بالتحالف مع بعض الفضائيات العربية وأصبحت تصول وتجول دون مراعاة لأخلاق أو ضمير. فخلال العامين الماضيين، وحتى قبل ذلك، عرفت الساحة الليبية الخلط المتعمد للمفاهيم والمعطيات والأحداث من خلال الحملات الإعلامية الممنهجة التي انطلقت لتشويه وتزوير الحقيقة، والبناء على المغالطات والأباطيل لتقديم مشهد سياسي واجتماعي وثقافي لا يمت إلى الواقع بصلة، ولكنه يخدم توجها معينا وأجندات منها ظاهر ومنها الخفي. ومع تنامي وترسخ هذه الظاهرة لم يعد هناك أي خجل ولا وجل من الكذب الصريح وتلفيق الحوادث وتسمية الأشياء بغير مسمياتها. شارك في ذلك إعلام ممول برؤوس أموال مشبوهة أو صادر عن أجندات كشفت عن نفسها حتى تعرت. هذا الإعلام غير خاضع لأي قانون أو حرفية إعلامية أو أخلاقية، وجد تناغما معه من عديد من مواقع التواصل الاجتماعي التي تناقلت كل ما ينشر دون روية أو تحسب لصلة هذا الذي يُنشر بالواقع أو الحقيقة. لقد كانت كلمة السوء هي التي تجد صدى ويتم ترديدها، وكانت الإشاعة تجد لها مروجين، وهكذا شكل أصحاب الأجندات جيوشا إعلامية "تفبرك" الخبر والحدث وتطلق الشائعات، ووجدت هذه الجيوش أزلام بالمجان في الأوساط الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي وللأسف الشديد حتى بين من يدعي الانتماء إلى النخبة. أجرى الحوار: الصديق بوكزول

شيـرة: جهـات تسعـى لشيطنـة الثـورة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أولمبيك آسفي ينهي الموسم بملعب الجديدة

حسنية أكادير يحرج الحسيمة رغم "الرياح"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات