تقارير تطالب بوقف إصداره مادام أن الدولة اختارت عدم تنفيذه منذ 1993 مع كل حكم جديد بالإعدام يصدره القضاء، يعود السؤال إلى ساحة النقاش، ما مدى جدوى العقوبة في حال عدم تطبيقها؟، خاصة أنه منذ تسعينات القرن الماضي، لم يعد هناك أي تطبيق فعلي لتلك العقوبة. ورغم أن رئاسة النيابة العامة كشفت في أكثر من مرة أن هذه العقوبة عرفت تراجعا في إصدارها، إلا في القضايا التي تتسم بالخطورة، مقارنة مع 1993 باعتبارها آخر سنة عرفت تنفيذ العقوبة، وأنها تراقب بحزم الأحكام الصادرة بعقوبة الإعدام، لأنها تنطوي على خطورة بالغة لمصادرتها الحق في الحياة، ما يفرض أن تكون تلك القرارات مبنية على الجزم واليقين لتفادي وقوع الخطأ، ويتم ذلك من خلال تتبع كافة القضايا المحكومة بها ودراسة القرارات الصادرة للوقوف على المبررات، التي أدت إلى النطق بها، (رغم ذلك) فإن الأرقام التي كشف عنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أكدت أن عدد المحكومين بالإعدام بلغ 83 مدانا إلى نهاية 2023، منهم 81 مدانا صدرت في حقهم أحكام نهائية، إضافة لحكمين ابتدائيين صدرا خلال السنة نفسها. وأوضح المجلس أن هذه الأرقام تبين أن المغرب وإن كان قد أوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، إلا أنه لم يتخذ خطوات تشريعية فعالة في اتجاه إلغائها، إذ ما زال القضاة يصدرون أحكاما بها. ما أشار إليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان أكده تقرير صدر، أخيرا، تحت عنوان "ثلاثون سنة من وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، انتظار لا نهاية له"، عن جمعية "جميعا ضد عقوبة الإعدام"، والائتلاف المغربي لمناهضة عقوبة الإعدام، والمرصد المغربي للسجون، وشبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام، رصد خطورة الإبقاء على تلك العقوبة، إذ أشار إلى ارتفاع عدد الأحكام بالإعدام، مفيدا أنه رغم تكريس دستور 2011 لأول مرة الحق في الحياة، إلا أن هذا الحق لم يترجم بعد إلى إلغاء فعلي لعقوبة الإعدام، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يتزايد فيه النقاش المجتمعي حول ضرورة إلغاء هذه العقوبة، تستمر المحاكم في إصدار أحكام بالإعدام على خلفية قضايا تتعلق بالإرهاب أو الجرائم الكبرى. ولفت التقرير الانتباه إلى أن ظروف الاعتقال التي يعيشها المحكومون بالإعدام تزيد من معاناتهم النفسية والجسدية، إذ يتم وضعهم في زنازين فردية أو جماعية غير ملائمة، مع عزلة مفرطة قد تؤدي إلى حالات انتحار، كما حدث في بداية 2023. هذه الظروف الصعبة، وفق التقرير، تنضاف إلى القلق الدائم من تنفيذ الحكم، مما يجعل حياتهم وحياة أسرهم في حالة من الضغط النفسي المستمر. التأثير السلبي لعقوبة الإعدام لا يقتصر على المحكوم عليهم فقط، بل يمتد ليشمل عائلاتهم التي تعاني وصمة اجتماعية كبيرة، وصعوبات مالية ونفسية، نتيجة إدانة ذويهم، لتجد هذه العائلات نفسها مجبرة على التكيف مع هذه الظروف الصعبة، في الوقت الذي يعاملها المجتمع بازدراء ونبذ. وأكد التقرير أن عقوبة الإعدام في المغرب ارتبطت تاريخيا بأغراض سياسية، خاصة خلال فترة الحماية الفرنسية وسنوات الرصاص، حيث كانت وسيلة لقمع المعارضين، كاشفا أنه في تلك الفترات كان هناك خلل في الإجراءات القانونية، التي أدت إلى إدانة المحكوم عليهم بالإعدام، لعدم احترام الضمانات المسطرية في العديد من القضايا، موضحا أن عددا من المحكوم عليهم بالإعدام لم يتلقوا مساعدة قانونية كافية، وغالبا ما كان تمثيلهم القانوني شكليا فقط، ما يزيد من خطر وقوع أخطاء قضائية. كريمة مصلي